اتفقت الفصائل الفلسطينية خلال اجتماع عُقد بالقاهرة على سلسلة من الخطوات السياسية والإدارية المتعلقة بمستقبل قطاع غزة، أبرزها تشكيل لجنة فلسطينية مؤقتة من المستقلين لإدارته، ودعوة مجلس الأمن إلى نشر قوات أممية مؤقتة لمراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل.
وأكدت الفصائل في بيان مُشترك نشرته عبر تليجرام أمس، ضرورة تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية وعقد اجتماع عاجل لكل القوى للاتفاق على استراتيجية وطنية شاملة بضمان تنفيذ إجراءات اتفاق وقف إطلاق النار، بما يشمل انسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع، ورفع الحصار المفروض عليه بشكل كامل، وفتح جميع المعابر وفي مقدمتها معبر رفح، وإدخال المساعدات الإنسانية والطبية، وبدء عملية إعادة إعمار شاملة.
وصدر البيان عن القوى التي شاركت في الاجتماعات وهي؛ حماس والجهاد والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين والمبادرة الوطنية الفلسطينية والتيار الإصلاحي لحركة فتح.
في السياق، كشفت مصادر قيادية في حركة حماس عن تفاصيل الاجتماعات التي ضمت وفودًا من الفصائل الفلسطينية، إلى جانب اجتماع ثنائي جمع وفد قيادة الحركة برئاسة خليل الحية، بكل من حسين الشيخ نائب رئيس الوزراء الفلسطيني، وماجد فرج رئيس جهاز المخابرات العامة في السلطة الفلسطينية.
وقال مصدر قيادي في الحركة لـ المنصة، إن اللقاء ركّز على بحث مقترحات تشكيل لجنة إدارة لشؤون قطاع غزة، وآليات إدارة القطاع خلال المرحلة المقبلة، بما يشمل ضمان الربط الإداري والسياسي مع الضفة الغربية "لإفشال أي مخطط إسرائيلي يهدف إلى فصل غزة عن محيطها الفلسطيني"، بحسب تعبيره.
وأضاف المصدر طالبًا عدم نشر اسمه، أن أجواء النقاش كانت "إيجابية"، إلا أنها لم تُسفر عن تفاهمات نهائية أو موافقة واضحة من جانب ممثلي السلطة الفلسطينية على المضي في تشكيل اللجنة الإدارية المشتركة، مشيرًا إلى أن مسؤولي السلطة طلبوا العودة إلى رام الله لإجراء مشاورات جديدة.
وتتمسك السلطة الفلسطينية وحركة فتح بموقف رافض لأي ترتيبات تعتبرها "موازية أو بديلة" لسلطة الحكومة الفلسطينية، وتشدد على وحدة الأراضي الفلسطينية في غزة والضفة والقدس تحت إدارة واحدة، وسلاح شرعي واحد، إضافة إلى الاعتراف بمنظمة التحرير بوصفها "الممثل الشرعي الوحيد" للشعب الفلسطيني. بينما تقول "حماس" إن لديها ملاحظات على هذه الشروط، وإن الأمر يحتاج إلى توافق وطني أوسع.
وبحسب المصدر القيادي، جرت الاجتماعات بحضور مسؤولين مصريين معنيين بملف الوساطة، حيث أكد وفد حماس خلال النقاش أن السلطة الفلسطينية "ركن أساسي في المشروع الوطني ولا يمكن تجاوزها"، في إشارة إلى رغبة الحركة في تهدئة المناخ الداخلي.
وفي سياق متصل، قال قيادي آخر في حماس، مطلع على تفاصيل المشاورات، إن مقترحًا مصريًا بخصوص نشر قوات دولية في قطاع غزة كان ضمن النقاشات التي دارت بين الفصائل، موضحًا أنه لا يزال في إطار "المبدأ العام"، مؤكّدًا أنه لم يتم حسم طبيعة القوات أو مهامها أو مدة عملها، وأن ملف التفاصيل أُرجئ لمزيد من النقاش في الاجتماعات المقبلة.
وأوضح أن وفد حماس غادر القاهرة مساء الجمعة للتشاور مع باقي أعضاء المكتب السياسي، على أن يعود لاحقًا لاستكمال المباحثات.
في المقابل، قال مصدر فصائلي مقيم في القاهرة إن السلطة الفلسطينية "غير متحمسة" لتقاسم ترتيبات المرحلة المقبلة مع حماس، معتبرة أن الحركة تمر بـ"وضع ضعيف" حاليًا، وأن إشراكها قد يمنحها "مخرجًا سياسيًا" لا ترغب به السلطة في الوقت الراهن.
وتأتي اجتماعات القاهرة في وقت تشهد فيه المنطقة نشاطًا دبلوماسيًا مكثفًا من الوسطاء في مصر والولايات المتحدة لضمان تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار وبدء مفاوضات المرحلة الثانية منه.
وتشمل المرحلة الثانية من الاتفاق الذي أعلنه ترامب في وقت سابق من الشهر الجاري، مفاوضات حول إدارة قطاع غزة ونزع سلاح المقاومة، وسط تحفظ إسرائيلي على استكمال مراحل الاتفاق حتى تسليم جميع جثث المحتجزين لدى حماس.
وحتى الآن تسلمت إسرائيل 20 محتجزًا أحياء من حماس، بالإضافة إلى 15 جثة من بين 28 لمحتجزين آخرين قُتلوا أثناء القصف الإسرائيلي على القطاع، فيما تطالب حماس بمهلة ومعدات لتمكينها من البحث عن الجثث المتبقية.