توغلت قوة إسرائيلية بعد منتصف الليلة الماضية داخل بلدة بليدا، جنوب لبنان، لمسافة تتجاوز الألف متر عن الحدود، مدعومة بعدد من الآليات العسكرية، واقتحمت مبنى بلدية بليدا، حيث كان يبيت داخله الموظف البلدي إبراهيم سلامة، وقتلته، فيما طلب الرئيس اللبناني جوزاف عون تصدي الجيش لأي توغل إسرائيلي.
وزعم جيش الاحتلال الإسرائيلي إن التوغل جاء في إطار "نشاط لقوات جيش الدفاع لتدمير بنية تحتية إرهابية تابعة لحزب الله الإرهابي في منطقة قرية بليدا بجنوب لبنان"، وزعم أنه رصد "مشتبهًا به داخل المبنى".
وحسب ما نقلت سكاي نيوز، قطع عدد من أهالي البلدة الطريق احتجاجًا على الاقتحام الإسرائيلي لمبنى البلدية، وقتل الموظف.
وتشن إسرائيل غارات في جنوب لبنان وشرقه وفي الضاحية الجنوبية لبيروت رغم اتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ تنفيذه في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، كما لا تزال قواتها موجودة في 5 نقاط في جنوب لبنان.
وشن جيش الاحتلال اليوم الخميس غارات عنيفة على جنوب لبنان، وزعم الاحتلال أنه هاجم "بنى تحتية إرهابية وقاذفة ونفقًا"، في منطقة المحمودية، مدعيًا أنها تتبع حزب الله.
وطلب الرئيس اللبناني جوزاف عون خلال استقباله قائد الجيش رودولف هيكل صباح اليوم في قصر بعبدا، تصدي الجيش "لأي توغل إسرائيلي في الأراضي الجنوبية المحررة، دفاعًا عن الأراضي اللبنانية وسلامة المواطنين".
من جهته، أدان حزب الله، في بيان، العدوان الإسرائيلي على بلدة بليدا، وأكد أن "العدو الصهيوني المجرم  يواصل مسلسل جرائمه على الأراضي اللبنانية، ويمعن في توغلاته وانتهاكه لسيادة لبنان وحرمة مواطنيه، غير آبه بالاتفاقات والتفاهمات والقوانين الدولية، إذ توغل فجر اليوم في عمق بلدة بليدا الحدودية واقتحم مبنى البلدية وأعدم بدم بارد موظف البلدية الشهيد إبراهيم سلامة وهو نائم في فراشه، في جريمة تؤكد على إجرام ووحشية هذا العدو المتعطش إلى القتل وسفك الدماء دون أي مبرر".
وأضاف أن "تمادي العدو في جرائمه وارتكاباته يستوجب من الدولة اللبنانية ومن كل القوى السياسية اتخاذ موقف وطني موحد ومسؤول وصلب لتقوية موقف لبنان إزاء هذه الاعتداءات المتواصلة".
وثمن حزب الله موقف رئيس الجمهورية بالطلب من الجيش اللبناني مواجهة التوغلات الإسرائيلية، ويدعو إلى دعم الجيش بكل الإمكانيات اللازمة "لتعزيز قدراته الدفاعية وتوفير الغطاء السياسي لمواجهة هذا العدو المتوحش".
وطلبت قيادة الجيش اللبناني من لجنة الإشراف على وقف الأعمال العدائية/Mechanism وضع حد "لانتهاكات العدو الإسرائيلي المتمادية".
وبدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي في 19 أكتوبر/تشرين الأول الحالي أوسع مناورة عسكرية له منذ هجوم 7 أكتوبر 2023، بمشاركة الفرقة 91 التابعة للقيادة الشمالية، على طول الحدود مع لبنان، لاختبار قدراته الهجومية والدفاعية في مواجهة أي تصعيد محتمل مع حزب الله.
وشنت إسرائيل في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، عدوانًا على لبنان تحول إلى حرب واسعة في 23 سبتمبر/أيلول 2024، ما أسفر عن أكثر من 4 آلاف قتيل ونحو 17 ألف جريح.
وفي 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، بدأ سريان اتفاق لوقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل، لكن حكومة الاحتلال خرقته، وهو ما أسفر عن 269 قتيلًا و568 جريحًا، وفق بيانات رسمية.
وفي تحدٍ لاتفاق وقف إطلاق النار، نفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي انسحابًا جزئيًا من جنوب لبنان، بينما واصل احتلال 5 تلال لبنانية سيطر عليها خلال الحرب الأخيرة.
وتشترط إسرائيل نزع سلاح حزب الله وسيطرة الجيش اللبناني على المنطقة الحدودية للانسحاب، بينما يعتبر حزب الله التخلي عن السلاح تسليمًا لإسرائيل مؤكدًا أن تل أبيب لن تلتزم بتعهداتها.
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قدمت خطة عبر مبعوثها إلى المنطقة ألزمت لبنان بحصر حيازة الأسلحة على ستة أجهزة أمن حكومية، ومنع إعادة تسليح الجماعات غير الحكومية.
وأعربت إسرائيل في أغسطس/آب الماضي عن استعدادها لدعم لبنان في نزع سلاح حزب الله، وذلك بعد قرار الحكومة اللبنانية في الشهر نفسه تكليف الجيش بحصر السلاح في يد الدولة بحلول نهاية العام الحالي.
وسبق أن حذر الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم في وقت سابق من أن قرار الحكومة اللبنانية قد يفتح الباب أمام "حرب أهلية"، مؤكدًا استعداد الحزب لخوض "معركة" للحفاظ على سلاحه، في تصريحات وصفها آنذاك رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام بأنها "غير مقبولة" وتحمل "تهديدًا مبطنًا".