تصوير محمود عطية، المنصة
أحزاب وسياسيون يدشنون لجنة الدفاع عن سجناء الرأي خلال مؤتمر بحزب الكرامة، 10 نوفمبر 2025

من أجل تبييض السجون.. أحزاب وشخصيات عامة يدشنون "لجنة الدفاع عن سجناء الرأي"

محمود عطية
منشور الثلاثاء 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2025

أعلنت مجموعة من الأحزاب والحركات السياسية وأكثر من 50 شخصية عامة وأسر مُعتقلين، مساء أمس، تأسيس "لجنة الدفاع عن سجناء الرأي" تحت شعار "مصر بلا سجناء رأي" بهدف توحيد الجهود المدنية والقانونية لتبييض السجون والإفراج عن المسجونين على خلفية قضايا متعلقة بحرية التعبير والعمل العام، والتأكيد على حقهم في الإفراج الفوري وضمان أوضاع احتجاز تتفق مع القانون.

جاء الإعلان خلال مؤتمر صحفي عُقد بمقر حزب الكرامة بحضور قيادات حزبية وشخصيات عامة وأهالي سجناء. ووقّع على البيان التأسيسي أحزاب الكرامة، والتحالف الشعبي الاشتراكي، والاشتراكي المصري، والشيوعي المصري، والوفاق القومي الناصري، وتيار الأمل (تحت التأسيس)، وحركة الاشتراكيين الثوريين.

كما وقّع البيان 54 شخصية عامة وعدد من السياسيين وأقارب المحبوسين، من بينهم السياسي المعارض أحمد الطنطاوي والأكاديمية ليلى سويف، ووزيرا العمل السابقان أحمد البرعي وكمال أبو عيطة، والمرشح الرئاسي السابق ومؤسس حزب الكرامة حمدين صباحي، وأستاذ العلوم السياسية جمال زهران، ومؤسس الجمعية الوطنية للتغيير عبد الجليل مصطفى، وعدد من المحامين الحقوقيين.

وحسب البيان التأسيسي، تستهدف اللجنة تقديم الدعم القانوني لسجناء الرأي والسياسة، وتلقي البلاغات حول الاحتجاز أو الإخفاء القسري، ومتابعة ظروف الاحتجاز داخل السجون، وإصدار تقارير دورية عن أحوالهم ونشرها للرأي العام في وسائل الإعلام والجهات المختصة، إلى جانب التواصل مع وسائل الإعلام لمتابعة التطورات ذات الصلة.

وأشار البيان إلى أن الدستور المصري يكفل الحقوق المتعلقة بحرية الرأي والتعبير، ويحظر أي إجراءات تقمع هذه الحرية أو تعاقب المواطنين لمجرد ممارسة آرائهم، مؤكدًا أن استمرار الحبس الاحتياطي لسجناء الرأي يشكل أزمة طويلة الأمد تؤثر على آلاف السجناء وأسرهم، وتقيّد الحياة السياسية وتزيد من حالة الاحتقان المجتمعي.

وأكدت اللجنة حرصها على ممارسة عملها بموضوعية واستقلالية تامة، وبالجهود الذاتية والتطوعية من جميع أعضائها.

تضييق غير مسبوق

استعرض أهالي عدد من المحبوسين شهاداتهم خلال المؤتمر، وقال الدكتور كمال مغيث، الخبير التربوي ووالد ندى مغيث زوجة رسام الكاريكاتير بـ المنصة أشرف عمر إن مصر تشهد حالة غير مسبوقة من التضييق السياسي، مضيفًا "مصر مرّت عبر عصور بحكام دمويين وآخرين سعوا لتحقيق مصالح شخصية، لكن ما يجري اليوم يفوق كل ما سبق".

نجلاء سلامة زوجة الباحث والخبير الاقتصادي عبد الخالق فاروق متحدثة خلال تدشين لجنة الدفاع عن سجاء الرأي بحزب الكرامة، 10 نوفمبر 2025

وأشار إلى أنه "في أكثر الفترات السياسية صرامة لم يكن أصحاب الرأي يُعتقلون بسبب آرائهم، حتى في عهد الرئيس جمال عبد الناصر، ورغم الانتقادات التي وُجهت لنظامه بتوسيع الاعتقالات، لم يكن أصحاب الرأي يُعتقلون بسبب آرائهم".

لا يزال أشرف عمر رهن الحبس الاحتياطي منذ القبض عليه من منزله في 22 يوليو/تموز 2024 دون إحالته للمحاكمة في القضية رقم 1968 لسنة 2024 حصر أمن الدولة، التي يواجه فيها اتهامات "نشر وإذاعة أخبار كاذبة، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، والانضمام لجماعة أسست على خلاف أحكام القانون".

وانتقدت والدة سامي الجندي، المحبوس احتياطيًا على ذمة التحقيق في قضايا التظاهر للتضامن مع فلسطين، غياب حالة الحوار وسماع السلطات لمناشداتهم بإطلاق سراح ذويهم، مضيفة "ابني الوحيد كان سندي، فين حقوقنا وحقوقه في الحياة؟".

ونادت بـ"عودة الحرية إلى مصر"، وقالت "البلد مخنوقة، والوضع ينذر بالانفجار، ونحن لا نريد سوى أبنائنا وكل أصحاب الرأي خلف القضبان"، مطالبة بتفعيل مواد الدستور ولائحة تنظيم السجون، مشيرة إلى أن كثيرًا من الأهالي باتوا يخشون المطالبة بحقوق ذويهم.

وقالت نجلاء سلامة، زوجة الباحث الاقتصادي عبد الخالق فاروق، إن "المحتجزين من الطبقة الوسطى هم من يدافعون عن مستقبل البلد"، مطالبةً بإعادة النظر في سياسات التعامل مع قضايا الرأي.

وألقت السلطات القبض على فاروق في 20 أكتوبر/تشرين الأول 2024 من منزله، وأحالته نيابة أمن الدولة العليا إلى التحقيق في القضية رقم 4937 لسنة 2024، متهمةً إياه بـ"الانضمام إلى جماعة إرهابية وتمويلها، وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة"، وأوضحت المنظمات أن هذه الاتهامات جاءت على خلفية نشره نحو 40 مقالًا انتقد فيها السياسات الاقتصادية للرئيس المصري والحكومة.

غُرف محاكاة للسجون

من جانبها، شددت الأكاديمية ليلى سويف على ضرورة تنظيم الجهود بشكل موحّد، مؤكدةً أن الإفراج الجزئي أو التدريجي عن المُعتقلين "ليس حلًا جذريًا"، وأن المعركة من أجل حرية الرأي يجب أن تستمر بشكل منظم.

في السياق، قال القيادي العمالي ووزير العمل الأسبق كمال أبو عيطة إن اللجنة ستتجه إلى توسيع المشاركة السياسية والشعبية مع الاستمرار في استثمار الأدوات القانونية المتاحة، مشبهًا تأثير التحرك بـ"كرة الثلج" القابلة للاتساع مع الوقت.

وأضاف أبو عيطة لـ المنصة، أن الباب مفتوح أمام جميع الأحزاب والنقابات المهنية والعمالية للانضمام للجنة، وأن الدائرة التنظيمية ستتسع تدريجيًا لتشمل عددًا أكبر من المشاركين.

وأشار المعارض السياسي أحمد الطنطاوي إلى أن اللجنة ستشكل مجلس إدارة من ممثلين عن الأحزاب وأسر المحتجزين وشخصيات عامة، مع إعداد خطة للتوعية تتضمن إبراز قصص إنسانية لأهالي المحتجزين.

وطرح طنطاوي خلال حديث لـ المنصة مقترحًا تضامنيًا بأن يقضي رؤساء أحزاب متطوعون فترات قصيرة داخل غرف تحاكي الزنازين، بهدف لفت الانتباه لمعاناة المُعتقلين.

وتحتل مصر المرتبة السادسة على مستوى العالم من حيث عدد الصحفيين المسجونين خلال العام الماضي، إذ بلغ عددهم 17 صحفيًا، وفق إحصاء قدمه تقرير صادر عن لجنة حماية الصحفيين/CPJ، الذي ذكر أن "مصر لا تزال تُعد من أكبر السجون في العالم بالنسبة للصحفيين، حيث أضحت البلاد بعيدة كل البعد عن آمال الحرية التي حملتها ثورة 2011".