برخصة المشاع الإبداعي: ويكيبيديا
دار القضاء العالي، أرشيفية

المدرسة أجبرتها على الاستقالة.. السجن 5 سنوات لولي أمر ابتز مُعلِّمة جنسيًا بالمنصورة

محمد نابليون
منشور الثلاثاء 9 كانون الأول/ديسمبر 2025 - آخر تحديث الثلاثاء 9 كانون الأول/ديسمبر 2025

قضت محكمة جنايات جنوب المنصورة غيابيًا بالسجن 5 سنوات على المتهم سامي أبو بكر رزق، لإدانته بالاعتداء على حرمة الحياة الخاصة لمعلمة بإحدى المدارس الخاصة بمركز طلخا، وتهديدها، وتعمد إزعاجها ومضايقتها عبر استخدام حساب خاص على الإنترنت.

وحسب بيان للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، استند الحكم الصادر في 2 ديسمبر/كانون الأول الجاري، في الجناية رقم 1765 لسنة 2025 جنايات كلي جنوب المنصورة، إلى بلاغ تقدمت به المعلمة (التي تولت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية الدفاع عنها)، يفيد بتضررها من حساب إلكتروني يرسل لها صورًا وعبارات تحمل إيحاءات جنسية، ويلح في طلب منفعة جنسية منها بمقابل مادي، مع تهديدها بالتشهير بها في محل عملها.

وكشفت تحريات مباحث الإنترنت، حسب المبادرة، أن مستخدم الحساب هو المتهم المذكور، وتبين أنه ولي أمر طالب بنفس المدرسة التي تعمل بها المجني عليها، وأنه حاول التودد إليها سابقًا وعندما لم تستجب له، لجأ إلى أسلوب التهديد والابتزاز الإلكتروني.

لكن تفاصيل أكثر عن القضية، كشفها لـ المنصة صموئيل ثروت، المحامي بالمبادرة ووكيل المجني عليها، إذ قال "المعلمة في البداية كانت فاكرة اللي بيبعت الرسايل حد من زمايلها، وراحت اشتكت للمديرة بكل عفوية، لكنها استهانت بشكواها وقالت لها طنشي، وبعد أيام استدعتها إدارة الموارد البشرية بالمدرسة ومارسوا عليها ضغوط لحد ما انهارت ومضت استقالتها، عشان غالبًا خافوا على سمعة المدرسة".

وفي السياق، اتهمت المبادرة إدارة المدرسة بالتعسف ضد المجني عليها؛ حيث "أن المديرة تواطأت مع مسؤولين آخرين لإجبارها على تقديم استقالتها، مما أدى لخروجها من العمل دون الحصول على مستحقاتها المالية أو شهادة الخبرة، بدلًا من حمايتها أو التحقيق في شكواها". 

ووفقًا لثروت، لم يكن الوصول للحكم بإدانة المتهم ومعاقبته بالسجن سهلًا، إذ قررت النيابة العامة حفظ بلاغها وعدم تحريكه مرتين، وتظلمت في المرتين ضد القرار، إلى أن صدر تقرير فني قاطع في البلاغ من مباحث الإنترنت، أثبت أن الحساب الإلكتروني الذي أرسل رسائل التحرش والتهديد مرتبط برقم هاتف المتهم. 

وقال ثروت "لما شفنا الاسم في التقرير، المعلمة افتكرته فورًا، ده كان ولي أمر حاول يعاكسها قبل كده في المدرسة وهي صدته، بس مكانتش تتخيل إن الموضوع يوصل للدرجة دي من التهديد والابتزاز".

وأكد ثروت أن الضحية عانت من أضرار نفسية بالغة جراء الواقعة وما تلاها من ضغوط وفقدان للعمل، وشعورها بأنها تحولت من مجني عليها إلى متهمة في نظر إدارة المدرسة.

وعن أهمية الحكم، قال ثروت إنه وإن كان غيابيًا، إلا أنه يمثل إدانة "قوية" تستند إلى أدلة "قوية" في حق المتهم "لأن المحكمة كانت تملك الحكم ببراءته غيابيَا، إلا أنها تيقنت من إدانته". 

ولم يتوقف تقاعس المدرسة في حق المجني عليها عند إجبارها على الاستقالة فحسب، وفقًا لثروت، الذي أكد أن المدرسة رفضت أيضًا التعاون حتى بعد صدور تصريح من المحكمة للحصول على بيانات المتهم من ملف ابنه الطالب، مما اضطر الدفاع لطلب النجدة وتحرير محضر إثبات حالة.

والشهر الماضي، أطلقت هيئة الأمم المتحدة للمرأة في الدول العربية مبادرة لإنهاء العنف الرقمي ضد النساء والفتيات، إذ أوصت بتجريم وحظر جميع أشكال العنف الرقمي ضد النساء والفتيات، وتعزيز قدرات جهات إنفاذ القانون على التحقيق في الجرائم وملاحقة مرتكبيها وضمان مساءلتهم. 

وأشارت في تقريرها إلى قانون العقوبات المصري، ضمن القوانين في الدول العربية لمكافحة العنف الرقمي ضد المرأة.

وسبق وتشكلت قوة عمل من 6 منظمات نسوية في 2017 لإعداد مقترح قانون موحد لمناهضة العنف ضد المرأة، ونجحت في توصيل المسودة الأولى للبرلمان عبر النائبة نادية هنري في 2018، ثم النائبة نشوى الديب عام 2022، لكن المسودة اختفت دون نقاش.

وفي أبريل/نيسان الماضي أعلنت مؤسسة قضايا المرأة المصرية عن المسودة الثانية لمقترح "القانون الموحد لمكافحة العنف ضد النساء والفتيات"، الذي شاركت في إعداده 5 مؤسسات حقوقية.

وتضم المسودة الثانية التي اطلعت عليها المنصة أربعة أبواب؛ الأحكام العامة والتعاريف، وجرائم العنف الرقمي والجرائم الجنسية، والإجراءات القضائية والتحقيقات والإثبات، وإجرءات الحماية، بإجمالي 81 مادة.

كما استحدثت المسودة الجديدة باب الحماية الذي نص على "إنشاء صندوق مساعدة ضحايا جرائم العنف ضد النساء والفتيات، وجبر للأضرار التي تعرضت لها الضحايا وتقديم الدعم الاجتماعي والنفسي لهن، يُمول من الميزانية العامة للدولة".

وترتفع وتيرة العنف ضد المرأة، ووفقًا لإحصاءات عام 2023، تتعرض ما يقرب من 8 ملايين امرأة للعنف سنويًا في مصر.