تصوير محمد سليمان، المنصة
أمام مدرسة الشيخة جواهر بدائرة بولاق الدكرور، 11 ديسمبر 2025

اختفاء الناخبين في إعادة الدوائر الملغاة بالانتخابات البرلمانية

محمد الخولي محمد سليمان محمد نابليون
منشور الخميس 11 كانون الأول/ديسمبر 2025

لم يختلف اليوم الثاني من جولة إعادة انتخابات مجلس النواب للمرحلة الأولى في الدوائر الملغاة بحكم من المحكمة الإدارية، عن أمس، وظل اختفاء الناخبين شعار المرحلة.

رصدت المنصة ضعفًا كبيرًا في الإقبال في الدقي والجيزة وبولاق والعمرانية والطالبية، الدوائر التي شملتها جولة المنصة اليوم الخميس، مع عودة لمشاهد الطوابير المصطنعة في عدد من اللجان.

"عشان محدش يعملنا مشكلة"

وفي مدرسة بدر الإعدادية لم يختلف المشهد كثيرًا عن أمس إذ اختفت من أمام اللجنة أي دعاية انتخابية وكذلك ظاهرة الطوابير المصطنعة، كما اختفى الناخبون، ولمدة نصف ساعة انتظرتها المنصة بالقرب من المدرسة لم تلحظ دخول أي ناخب سوى شخصين فقط.

وقال أحدهما لـ المنصة، عقب خروجه من اللجنة، طالبًا عدم نشر اسمه، إنه فضل المشاركة في الانتخابات على أمل أن يأتي نائب حقيقي يمثل الدائرة.

وأضاف الناخب الذي يمتلك محل بقالة قريب من مقر المدرسة أنه لم يجد أي زحام سواء أمام المدرسة أو داخل اللجنة، وأنه لاحظ أن خلو صندوق الاقتراع، سوى من بطاقات قليلة جدًا.

وأمام مدرسة الشهيد عامر عبد المقصود بشارع التحرير في الدقي، ظهرت من جديد الطوابير المصطنعة، إذ لاحظت المنصة تواجد عشرات الشباب والفتيات في طوابير منتظمة أمام المدرسة لكن لا يدخل أحد منهم إلى مقر اللجنة، وبدا أنهم يعرفون بعضهم، ولاحظت أن عددًا من منظمي الطوابير يرتدون فيست مكتوب عليه اسم حزب الجبهة الوطنية.

وكذلك لاحظت المنصة وجود نساء أمام اللجنة، قالت إحداهن لـ المنصة، طالبة عدم نشر اسمها، إنها نُقلت بسيارة ميكروباص تابعة لأحد المرشحين، رفضت أن تذكر اسمه، وأشارت إلى أن السيارة أنزلتها عند ناصية الشارع "عشان محدش يعملنا مشكلة عند اللجنة".

وأمام مدرسة جمال عبد الناصر، ظهرت كذلك الطوابير المصطنعة إذ لاحظت المنصة طابورين، واحدًا للشباب والرجال والآخر للنساء يحملن أعلام مصر صغيرة، وقالت إحداهن لـ المنصة إن حملة أحد المرشحين هي من وزعت عليهم هذه الأعلام.

ودائرة الدقي والجيزة ضمن 30 دائرة في المرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب قررت المحكمة الإدارية العليا إلغاء نتيجتها بعد طعون حول مدى نزاهتها ووجود خروقات انتخابية فيها.

توجيه الناخبين

المشهد نفسه رصدته المنصة خلال جولتها اليوم في دائرة بولاق الدكرور، التي شهدت أيضًا إقبالًا محدودًا حتى منتصف اليوم.

وتواصل حشد الناخبين إلى اللجان في سيارات ميكروباص وتكاتك حمل بعضها صور المرشح المستقل محمد إسماعيل، وأخرى علقت أوراقًا بيضاء مطبوع عليها الرقم 2، وهو رقم محمود توشكى مرشح حزب مستقبل وطن في كشوف المرشحين، وثالثة حملت ملصقا بألوان علم مصر ورمز القلب.

ورصدت المنصة تجمع عشرات النساء والرجال خلف الوحدة الصحية المقابلة لمدرسة الشيخة جواهر، حاملين أوراقًا مدون عليها بياناتهم الانتخابية؛ اسم المقر الانتخابي، ورقم اللجنة، والرقم في كشوف الناخبين.

وداخل المقر الانتخابي بمدرسة الشيخة جواهر، التي تضم 16 لجنة فرعية، وقعت مشادات كلامية بين مندوبي وأنصار عدد من المرشحين؛ اعتراضًا على توجيه الناخبين، قبل أن تتدخل الشرطة وتطرد جميع المندوبين، ممن لا يحملون البطاقات الصادرة عن الهيئة الوطنية للانتخابات. 

واختفت الدعاية الانتخابية للمرشحين أمام مقرات الانتخاب، كما غابت مكبرات الصوت، التي كانت تبث الأغاني في جولات انتخابية أخرى.

وفي مدرسة طه حسين الابتدائية لم يختلف الحال كثيرًا، وقال رئيس إحدى اللجان الفرعية، لـ المنصة، إن قرابة 300 ناخب أدلوا بأصواتهم في اليوم الأول من إجمالي 10 آلاف و500 ناخب مقيد باللجنة. 

وأضاف رئيس اللجنة، طالبًا عدم نشر اسمه، أن التصويت مستمر إلى التاسعة مساء ويمتد حتى إدلاء آخر ناخب في المجمع الانتخابي، لتبدأ بعدها عملية الفرز داخل اللجان الفرعية، مؤكدًا السماح لوسائل الإعلام ومندوبي المرشحين بحضور الفرز.

شراء الأصوات

ولليوم الثاني، بات مشهد ضعف إقبال الناخبين هو المسيطر على الأجواء أمام مدرستي الشهيد هشام شتا الإعدادية بنات وأم المؤمنين الثانوية بنات بدائرة العمرانية والطالبية.

وفي وقت اختفت حتى الطوابير المصطنعة أو الناخبين أمام مدرسة هشام شتا، خلا السرادق المقام أمام مدرسة أم المؤمنين من الناخبين إلا من أعداد قليلة جدًا من النساء كبار السن جرى حشدهن بسيارات أجرة تابعة لحملات المرشحين المستقلين الثلاثة محمد علي عبد الحميد، والسيد زغلول، وجرحس لاوندي، وسط تأكيدات من الأهالي باستمرار عملية شراء الأصوات لصالحهم بأسعار وصلت 350 جنيهًا للصوت في نقاط منتشرة بشوارع الدائرة وبعيدة عن نقاط ألقت قوات الأمن أمس على القائمين عليها خلال اليوم الأول للانتخابات أمس.

وحسبما قال أحد أصحاب المحال التجارية المحيطة باللجنة الانتخابية بمدرسة مصطفى كامل لـ المنصة، لم تقتصر عمليات شراء الأصوات على المرشحين الثلاثة المشار إليهم فقط، مؤكدًا أن مرشح حزب حماة وطن المدرج رقم 1 باستمارة الانتخاب محمود لملوم، عمدت حملته إلى حشد الناخبين إلى لجان الانتخابية بمدرسة أحمد عرابي، ودفعهم للتصويت له ومرشح حزب العدل إبراهيم العجمي الذي يشاع تحالفهم الانتخابي مقابل 200 جنيهًا وكرتونة مواد غذائية للصوت.

ولا ينكر التاجر، الذي طلب عدم نشر اسمه، أن الحملات الأمنية التي استهدفت عدد من المتهمين بالرشاوى الانتخابية قللت من فجاجة مشاهد شراء الأصوات الذي كان معلنًا "وعلى عينك يا تاجر" بشوارع العمرانية والطالبية أمس، لكنه يؤكد أن عمليات شراء الأصوات نفسها لا تزال مستمرة في نقاط مختلفة وداخل الشقق السكنية، وهو ما رصدته بعد الصفحات على فيسبوك.

وشهدت المرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب قبل إلغاء نتائج 68.5% من دوائرها بقرارات من المحكمة الإدارية العليا والهيئة الوطنية للانتخابات، خروقات ومخالفات تتعلق بشراء الأصوات وتوجيه الناخبين وعدم إرسال محاضر فرز بعض اللجان.

ويتنافس في الدوائر الثلاثين 623 مرشحًا للفوز بـ58 مقعدًا، وذلك دون المقاعد الـ6 التي حسمت بالفوز في 4 دوائر منها، هي الجيزة، والمنتزه بالإسكندرية، والمحمودية بالبحيرة، وأول أسوان بمحافظة أسوان، والتي لم يحسم مصيرها بعد أمام محكمة النقض.