صفحة رئاسة مجلس الوزراء على فيسبوك
توقيع اتفاقية رأس الحكمة بين مصر والإمارات، 23 فبراير 2024

أموال بلا تنمية.. انتعاش الاستثمار الأجنبي في العقار ومخاطره

منشور الاثنين 3 تشرين الثاني/نوفمبر 2025

أظهر ميزان المدفوعات عن السنة المالية 2024/2025 ارتفاع الاستثمارات الأجنبية في العقارات إلى مستوى غير مسبوق في آخر خمس سنوات مُعززًا ميزان المدفوعات.

لكن بالنظر إلى الهوة الكبيرة مع معدلات تدفق النقد الأجنبي في مجالات أخرى، يحذر الخبراء من مخاطر الاعتماد على القطاع العقاري.

وبلغ صافي الاستثمار الأجنبي المباشر في القطاع العقاري نحو ملياري دولار خلال العام المالي الماضي 2024/2025، ما يعني زيادته نحو أربع مرات مقارنة بمستواه قبل عامين فقط. ويعكس تتبع هذه الاستثمارات خلال خمس سنوات اتجاهها المتصاعد باستثناء 2022/2023 الذي شهد ضغوطًا اقتصادية قوية بسبب أزمة الدولار. 

قمم الاستثمار العقاري

يستند محمود جاد، رئيس قسم البحوث بشركة العربي الإفريقي الدولي لتداول الأوراق والسندات، إلى بيانات البنك المركزي، ويشير إلى أن النمو السنوي المركب للاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر خلال عشر سنوات من 2015 إلى 2025 بلغ 6.7%، بينما وصل  معدل نمو الاستثمار  الأجنبي في العقار خلال الفترة نفسها إلى 9.4%.

يوضح جاد لـ المنصة أن "القطاع العقاري بلغ في السنة المالية 2023/2024 قمة كبيرة للاستثمارات الأجنبية، تجاوزها إلى قمة جديدة في السنة المالية الماضية، بالتزامن مع صفقة رأس الحكمة التي أحدثت زخمًا كبيرًا للاستثمار في هذا المجال".

ووصف رئيس الوزراء مصطفى مدبولي صفقة رأس الحكمة بـالصفقة الكبرى، بعد أن أنقذت حزمة من الاستثمارات الإمارتية بقيمة 35 مليار دولار البلاد من تفاقم أزمة ضعف تدفقات النقد الأجنبي، التي بلغت ذروتها قبيل إبرام الصفقة في فبراير/شباط 2024. 

وبعد إعلان الصفقة، تحدث مدبولي عن تطلّع حكومته لتعميم النموذج في المناطق الساحلية المصرية، ليُعلن بعدها عن صفقات خليجية مثل استثمارات شركة الديار القطرية في علم الروم، ومشروع مراسي البحر الأحمر الذي أطلقته إعمار مصر التابعة للإمارات، وسيتي ستارز السعودية. 

https://public.flourish.studio/visualisation/25887325/

الاستثمار الأجنبي المباشر في القطاع العقاري بمصر

بعيدًا عن الشواطئ، تنشط الاستثمارات الخليجية في المجال السكني سواء داخل العاصمة أو على أطرافها مثل توسعات الديار وإعمار مصر.

ونوهت نايت فرانك المتخصصة في الاستشارات العقارية في تقرير سنوي صدر في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بأن مصر باتت ثالث أكبر سوق للإنشاءات في المنطقة بعد السعودية والإمارات.

يرتبط ذلك التوسع بشكل وثيق بالتطور الذي شهدته البنية التحتية المصرية خلال السنوات الأخيرة، الذي عزز من فرص الاستثمار في المدن الجديدة، وفق ما يرى إبراهيم عادل المحلل الاقتصادي في شركة مباشر لتداول الأوراق المالية.

وخلال العقد الأخير واجهت الحكومة انتقادات شديدة لضخها استثمارات واسعة في مشروعات النقل الكبرى والبنية الأساسية خلال العقد الأخير، بسبب إسهامها في مفاقمة الدين الخارجي للبلاد.

ويشير عادل إلى تراجع سعر الجنيه المصري خلال السنوات الماضية بالنسبة لسلة العملات الأخرى بنسبة بلغت 53% منذ 2023، وهو ما ساهم أيضًا في زيادة إقبال غير المقيمين، حيث تنخفض قيمة الأصول العقارية عند حسابها على أساس عملاتهم.

وفقًا لمنصة ستاتيستا للبيانات، فإن قيمة سوق العقارات في مصر هذا العام تصل إلى 1.58 تريليون دولار، ويمثل القطاع السكني النسبة الأكبر من القيمة الإجمالية عند 1.18 تريليون دولار. 

ويستبعد عادل أن يشهد سعر الصرف صدمات مماثلة لما شهده خلال العامين الماضيين، مما يوفر بيئة مستقرة للاستثمار الأجنبي تشجعه على التدفق إلى مصر.

وتضع مريم السعدني، محللة قطاع العقارات بشركة إتش سي للأوراق المالية والاستثمار، نجاح خطة الحكومة في الترويج للمناطق الساحلية لغير المصريين، سببًا لزيادة الإقبال من السوق الخليجية ما ساعد في إنعاش الاستثمارات الأجنبية في هذه المناطق، وتضرب مثالًا على ذلك بمشروع مراسي البحر الأحمر الذي لا يزال يركز مبيعاته على الأجانب في الوقت الحالي.

ولفتت شركة طلعت مصطفى مؤخرًا الأنظار بإطلاق حملة إعلانية لمشروعها ساوث ميد في الساحل الشمالي معتمدةً على النجم الأمريكي سلفستر ستالون. وجاء الإعلان باللغة الإنجليزية ما لاقى نقدًا كونه "لا يرغب في مخاطبة المصريين، وإن اضطر للحديث معهم سيكون من خلال شريط الترجمة".

لكن للعقار مخاطره

ساعد الانتعاش النسبي للقطاع العقاري خلال الفترة الماضية في تعويض ضعف تدفق النقد الأجنبي لمجالات أخرى، مثل برنامج خصخصة الأصول الحكومية، الذي أجلت الدولة تنفيذه عدة مرات رغم ضغوط صندوق النقد الدولي في هذا الصدد.

ويظهر من توزيع الاستثمارات الأجنبية غير البترولية الدورُ الهامشيُّ للخصخصة في جذب النقد الأجنبي مقابل الاستثمار العقاري.

وتبدو الاستثمارات الإنتاجية الجديدة متواضعة أيضًا أمام الاستثمار الأجنبي في العقار، ما يقلل من الأثر التنموي بالنظر إلى محدودية دور الاستثمار العقاري في التشغيل وزيادة القيمة المضافة الاقتصادية.

https://public.flourish.studio/visualisation/25887751/

توزيع الاستثمار الأجنبي المباشر غير البترولي في مصر

ويحذر خبراء من الإفراط في الاعتماد على الاستثمار العقاري، خصوصًا في ظل المخاطر التي قد تواجهه خلال الفترة المقبلة.

ورغم أن تلك التدفقات قد يكون لها أثر رقمي إيجابي يتعلق بميزان المدفوعات، فإنها تُعمِّق مع الوقت الأزمة الهيكلية لاقتصاد يعاني من تركز المدخرات في القطاع العقاري، وفق محمد رمضان، الباحث بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية.

يوضح رمضان لـ المنصة مدى محدودية الأثر التنموي للاستثمارات العقارية التي "لا تساهم في رفع معدل التشغيل بشكل جيد مثل المصانع، والاستثمارات في قطاعات إنتاجية تنتج سلعًا وسيطةً أو للاستهلاك النهائي".

يحذر باحث المبادرة من مخاطر المنافسة الإقليمية في هذا النشاط خلال الفترة المقبلة؛ "نموذج تصدير العقار أمامه الكثير من التحديات في بلد ضخم مثل مصر، لا يمكنه أن ينافس أماكن مثل دبي وخاصة فيما يتعلق بالضرائب، ومن ثم فإن هذا النموذج يواجه مشكلة كبيرة في قدرته على التوسع".

لكنَّ مريم السعدني ترى أن القطاع العقاري سيحافظ على نفس زخمه خلال الفترة المقبلة بفضل الطلب القوي من الأجانب، متوقعة أن تتراوح الاستثمارات الأجنبية في العقارات خلال العام المالي الجاري من مليارين إلى ثلاثة مليارات دولار، لأنه "كلما استقرت العملة المحلية كلما زاد طلب الأجانب على العقار خلال الفترة المقبلة".