متعافٍ من كورونا يتبرع بالدم في أحد المراكز التابعة لوزارة الصحة بمحافظة الأقصر. الصورة: صفحة الوزارة على فيسبوك

بلازما المتعافين: مبادرات فردية لإنقاذ مرضى كورونا من الروتين والسوق السوداء

منشور الخميس 18 يونيو 2020

قبل شهور معدودة، ظهر كورونا المستجد  (كوفيد- 19) في إحدى مقاطعات الصين، وسرعان ما انتشر منها إلى مختلف دول العالم، ليتحوّل بما سجله من إصابات ووفيات إلى وباء لم تكن مصر بمنأى عنه، وبدأت كبقية دول العالم في البحث عن أي مخرج طبي يُنهي هذا الكابوس، فبدأ تداول الأخبار عن ظهور حلول، سواء بتطوير عقاقير، أو بإعلان إمكانية اللجوء لنقل بلازما دم المتعافين إلى المصابين، والتي بدأت تجاربها في دول أخرى، دون تأكيد علمي بات، حتى وقت كتابة هذا التقرير، على جدواه العلاجية.

في 30 أبريل/ نيسان 2020، انضمت مصر لهذ الدول، بإعلان من وزارة الصحة عن بدء تجارب استخدام بلازما المتعافين إلى الحالات الحرجة والخطرة، وأن الأمر بدأ باستخلاص بلازما من ستة مرضى متعافين.

بعد مرور أيام قلية من هذا الإعلان، وجد الطبيب  فريد جمال نفسه مطالبًا بمعاونة أحد أصدقائه في البحث عن بلازما لوالده المصاب، وبالفعل تمكّن من العثور على بلازما متعافٍ، لكن الطبيب الشاب لم يكن يعلم أن ما فعله لن يكون مجرد خدمة لصديق، وأن الصدفة ستحول الأمر إلى مبادرة نجح من خلالها في مساعدة حالات مصابة، لكن ما زال هناك حالات أخرى تنشد وجود متبرع ولو بمقابل مادي، في ظل سيادة إجراءات حكومية غير معلنة ومفهومة لهم، بل وكذلك محاولات نصب واحتيال باسم البلازما كاد بعضهم أن يكون ضحية لها.

مبادرة بالصدفة

يحكي فريد، وهو منتدب للعمل بمستشفى قصر العيني حتى نهاية الشهر الجاري، من محل عمله الأصلي بمستشفى أحمد ماهر، عن بداية المبادرة بقوله "صديقي والده اتصاب بكورونا ودخل الرعاية المركزة واحتاج بلازما؛ فكلمني وطلب مني أنشر على بروفايلي طلبه ده بسبب وجود فولورز كتير عندي، ووقتها لقيت عرض من دكتورة صديقة متعافية ومن نفس فصيلة الدم. بعدها لقيت طلبات متبرعين بتتكرر، خاصة وإن بعض أصحابي اتصابوا وماحدش عرض التبرع، ومش هنجبر الناس عليه".

كانت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية أعلنت عن إمكانية استخدام بلازما المتعافين من كورونا  لعلاج الحالات الحرجة من المصابين بالفيروس، نظرًا لكونها تحتوي على الأجسام المضادة للفيروس مما يعطي احتمالية لتحسن تلك الحالات. وبدأت عدة دول في اللجوء لهذا الحل من بينها فرنسا وبريطانيا وكذلك ألمانيا التي أعلنت عن بدئها تطوير عقار سيكون محتويًا على بلازما المتعافين.

المواقف الحرجة المتكررة بالإصابات، أثارت في ذهن الطبيب تساؤلات أفصح عنها للمنصّة "وقتها استغربت إن الحكومة مش عاملة موقع يقدر يجمع الطلبات دي. وجت في بالي الفكرة، واستعنت بصديقي المهندس مينا محب وصمم لي جوجل شيت نشرناها بحيث يتسجل عليها بيانات المحتاجين والمتبرعين، وبدأت افرغ البيانات يدوي وأوصل الناس ببعضها حسب الفصائل.

 

وثيقة الحملة الشعبية لتبرعات بلازما الدم التي أطلقها دكتور فريد جمال- صورة ضوئية من فيسبوك

بدأ الموضوع بالقاهرة فقط التي نجح الطبيب في التوفيق بين عدد من محتاجيها ومتبرعيها، لكنه سرعان ما توسع إلى خارج العاصمة "بين يوم وليلة، لقيت 190 شخص بيتواصلوا معايا، بنسبة 30 متبرع مقابل 160 مصاب تقريبًا. ده صعّب الأمر عليا؛ فقررت تكوين فريق لمتابعة الحالات وانضم له معايا المهندس مينا ودكتورة رنا زميلتي ودفعتي وصديقتنا مي".

تخلّص الطبيب الشاب من عبء الضغط العددي، لكن الضغط النفسي كان حاضرًا لدرجة قرر معها الانسحاب تمامًا من المبادرة "كنت مجهد نفسيًا من اللي بتابعه، واللي زود الأمر إني كنت بتابع حالة مع بنت، لما قدرت أوصل لمتبرع يناسب حالة والدها المريض واتصلت بيها، اتفاجئت إنه مات".

بلغ عدد مصابي كورونا في مصر، وفق الإحصائيات الرسمية التي سجلتها وزارة الصحة، حتى مساء اﻷربعاء 17 يونيو/ حزيران 49 ألفًا و219 حالة، توفي منهم 1850.

باب مغلق

قبل حوالي أسبوع من انطلاق مبادرة فريد وزملائه، كانت الشابة هبة عاطف تخوض حربًا مع الزمن لإنقاذ والدها المصاب بالفيروس؛ فتعددت رحلات الشابة بين المستشفيات المختلفة، منذ 25 مايو/ أيار الماضي. لكن، دونما طائل.

تقول هبة للمنصّة "اكتشفنا الأمر لما بدأ يواجه مشكلة في التنفس. أخدناه على المستشفى السعودي الألماني علشان نطمن، فقالوا لنا المسحات خلصت. ولما رجعنا البيت بمجرد ما طلع السلم تعب أكتر، وتقريبا كان بيطلع في الروح، ومانفعش معاه جهاز البخار اللي جيبناه. دخلناه طوارئ مستشفى القاهرة التخصصي، واتحط على جهاز تنفس، اكتشفوا إصابته لكن خرّجوه ﻷنها مش مستشفى مخصصة للعزل".

عقب تأكد إصابة والدها، بدأت المحاولات الأسرية لإنقاذه "بدأنا نتواصل مع مستشفيات، أنا من البيت بالاتصالات وأخويا وعمي بيلفوا بالعربية، لكن مالقيناش أماكن خالص. وعند بابا في الشغل بدأوا يدوروا، لحد ما قدروا تاني يوم يوفروا له مكان في مستشفى النخبة في مدينة نصر، بس كانت حالته سيئة جدًا واتصاب بهبوط وصعوبة شديدة في التنفس".

خلال محاولتها علمت الشابة التي تعمل في أحد البنوك بمبادرة فريد وأصدقائه؛ فسارعت بتسجيل بيانات والدها، وتوصلت من خلالها إلى اثنين من المتبرعين بدا بوجودهما أن المشكلة انتهت "كان من بين المتبرعين سيدة وزوجها من الفيوم، وأبدوا استعدادهم إنهم ييجوا القاهرة".

قبل التواصل مع مبادرة فريد كان لهبة محاولة مع مركز المصل واللقاح بحي الدقي، وطلبت مساعدتهم بنقل البلازما لوالدها عن طريق متبرعة معها "هي صديقة أختي متعافية وماعملتش المسحة السلبية، لكن الأشعة أكدت إنها كويسة. اللي ردّ عليّا حوّلني لدكتورة أمنية سليمان، وقال لي هي المسؤولة عن جمع البيانات، ولما كلمتها طلبت مني بعض التفاصيل وأمدتها بيها، لكن انتهى اﻷمر إن التبرع مش هينفع ﻷن المتبرعة ماعملتش مسحة سلبية".

عاودت الشابة التواصل مع المصل واللقاح حين أمدتها المبادرة بمتبرعين، على أمل أن يساعدها المركز في نقل البلازما "اتواصلت تاني مع دكتورة أمينة، وبلغتها بإني معايا اتنين متبرعين، لكن فوجئت بيها بتقولي افصلي خالص بين الأمرين، إنك تجيبي متبرع ده مالهوش علاقة بالحصول على البلازما. ﻷن التبرع شرفي مش تبادلي، وإنك تمدينا بمتبرعين دي حاجة تطوعية منك، لكن اللجنة هي اللي بتحدد مين هياخد بلازما، وده البروتوكول المعمول بيه".

بالبحث عن البروتوكول، تبين أنه يتضمن شروط للتبرع بالدم من أجل فصل البلازما وتتمثل في "وجود دليل على التعافي بمسحة إيجابية لفيروس كورونا ومسحتين سلبيتين، مرور أسبوعين على المتعافي من تاريخ آخر مسحة سلبية مع عدم ظهور أي أعراض أخرى للفيروس، وأن يكون سنه بين 18 و60 عامًا، ووزنه أكثر من 50 كيلو جرامًا، وأن يُجيب على استبيان شروط التبرع بالدم للتأكد من خلوه من الأمراض القلبية أو الصدرية المزمنة، وعدم إجراءه عمليات جراحية كبرى من قبل".

بين محاولات هبة كان تواصلها مع بنك الدم بناءً على توصية المستشفى، ليحيلها بدوره إلى المصل واللقاح، أكثر من مرّة حتى بعد مكالمتها مع اﻷخيرة ودكتورة أمنية التي أكدت لها أن هذا المكان بالنسبة له "باب مقفول".

تواصلت المنصّة مع دكتورة أمينة، باتصال هاتفي ورسالة نصية، إعمالاً لحق الردّ، لكنها لم تستجب على مدار أيام وحتى تاريخ نشر التقرير.

في النهاية حصل الأب على البلازما من متبرع تواصل مع الابنة "ربنا كان كرمنا بأستاذ شاكر، هو متعافي وراح مستشفى الدمرداش وعرض التبرع، وخصص لنا كيس بلازما".

تم نقل البلازما للأب بمستشفى النخبة، وتحسّنت حالته قليلًا بعد وضعه على جهاز التنفس الصناعي بالرعاية المركزة، وعاد إليه وعيه، لكن لم تمض سوى أيام حتى أبلغ المستشفى هبة بخبر وفاته في 16 يونيو الجاري.

ما زال استخدام بلازما المتعافين قيد التجربة، وسبق أن أعلنت وزيرة الصحة،  في اجتماع حكومي انعقد 10 يونيو الجاري، أن تجربة نقل بلازما المتعافين لعلاج الحالات الحرجة وشديدة الخطورة، أجريت على 19 حالة، بلغ عدد حالات الشفاء التام والخروج من مستشفيات العزل أربع حالات، فيما بلغت حالات الوفاة أربع أيضًا، وما زالت بقية الحالات تحت الإشراف الطبي.

تسهيلات "الدمرداش"

المشقة التي حصلت من خلالها هبة على البلازما لوالدها؛ أثارت تساؤلات واستنكار الطبيب فريد جمال الذي تراجع عن قراره اعتزال المبادرة، بناءً على طلب زملائه وبعد زيادة الحالات المقبلة تنشد مساعدتهم ليكتشف تعقيدات روتينية "قررنا إن دورنا لا يقتصر على مدّ المريض بمتبرع، لكن نكمل متابعتهم لحين نقل البلازما، وده لمّا لاحظنا إن الناس بيقابلوا بعض في بنك الدم، وهناك بيتطلب منهم التبرع من غير ما ياخدوا بلازما للحالة اللي معاهم. في البداية اعتقدنا إن الناس بتروح مكان خاص، لكن حالة هبة وضحتلنا الصورة".

أمام هذه الخطوات "غير المفهومة" للطبيب وزملائه، بدأت المبادرة في البحث عن حلول "رجعنا للناس اللي كنا بنوصلهم ببعض، ولما سألناهم عن اللي حصل معاهم اكتشفنا إن اللي اتوجهوا لمستشفى زي الدمرداش (عين شمس الجامعي) المتبرع بيقدم كيس دم وبيتدفع معاه 500 جنيه رسوم فصل البلازما، وده مع العلم إن الدمرداش مش معلن عنها ضمن المستشفيات الخمسة اللي الحكومة أعلنت عنها للتبرع بالبلازما".

تواصلت المنصّة مع مدير بنك الدم بمستشفى جامعة عين شمس (الدمرداش)، الدكتور وائل محمود، للتعرف على مبادرة المستشفى وكيفية إدارتها، إلا أنه رفض التعليق.


اقرأ أيضًا| كواليس التجارب السريرية: "أسبوع الحسم" لاختبارات "أفيجان" وتقنية البلازما على مرضى كورونا


شجّعت هذه التسهيلات فريد على اتخاذ خطوات تساعد المرضى والمتبرعين "بدأنا نبعت الناس للدمرداش، خاصة وإنهم مع التسهيل حريصين على التأكد من سلامة المتبرع وإنه متعافي فعلا، فبتخضعه لتحليل أجسام مضادة قبل نقل البلازما فورًا، ودي خطوة بسيطة وعملية ويمكن لمستشفيات وزارة الصحة الاقتداء بيها بدلًا من شرط وجود المسحات، الذي سيحرمها من متبرعين كتير كانوا في العزل المنزلي ولم يجروا مسحات".

بدأ كلٌ من مستشفى قصر العيني والشبراويشي الخاص نقل البلازما بنفس نهج الدمرداش، وفقًا لما رصدته مبادرة جمال الذي انتقد إجراءات وزارة الصحة "بهذه التعقيدات لن تتمكن مستشفيات الوزارة من سحب أكياس دم كافية للمرضى؛ وهو ما فرض أن تكون تحركاتنا بعيدة عنها".

تواصلت المنصّة مع أحد مسؤولي بنوك الدم في وزارة الصحة، لكنه رفض التعليق أو ذكر اسمه في التقرير.

محاولات "نصب"

"لما كتبت البوست عن بابا وحاجتنا للبلازما، اتعرضت لمحاولات نصب، جالي اتصال من سيدة قالت لي إنها مديرة بنك دم في صفط اللبن، وإنها هتبعت لي مندوب بكيس دم من فصيلة بابا ومعاه إيصال مختوم بصادر ووارد، لكن قبل ما تبعته نحوّل لها ألف جنيه". تقول هبة التي كادت أن تستجيب لعرض السيدة، لاسيما مع ذكرها أمر الصادر والوارد الذي يضفي لعرضها مصداقية، لكن بعد نقاش مع عائلتها انتهى اﻷمر بالرفض.

لم تكن هذه المحاولة هي الوحيدة التي تعرّضت لها أسرة هبة، إذ كان للعم نصيب أيضًا "وفيه شخص اتصل بعمي الساعة 2 بالليل، وقال له هوفر لكم كيسين دم وهستناكم قدام مستشفى دار السلام، بس ماتبلغوش حد وهاتوا معاكم 500 جنيه لكل كيس. لكن رفضنا ﻷن الموضوع مريب في المعاد والمكان والتسعيرة، وخوفت يكون الدم ملوث".

ما تعرّضت له هبة ليس استثناء، إذ رصد دكتور فريد عبر مبادرته محاولات "نصب" شبيهة، حكى عنها "بعض الأشخاص لما اتعرف بتسهيل عين شمس للإجراءات بدأت تزور تحاليل علشان تتبرع بمقابل، لكنهم اتكشفوا لما تم التحليل ليهم داخل المستشفى، وده اللي هنسعى لتعميمه بإن المتبرع يخضع للتحليل داخل المستشفى قبل نقل البلازما".

لا تقتصر ما يواجهه المرضى ومعهم فريد على محاولات النصب، بل هناك مشكلة أخرى كشف عنها الطبيب "بعض اللي بيتواصلوا معانا بيقولوا إنهم متبرعين، لكن لما بيوصلوا للحالة بيطلبوا فلوس".

رصدت الأمر نفسه عضوة نقابة اﻷطباء الفرعية بالقاهرة ومدير بنك الدم بمستشفى الزيتون التخصصي، الدكتورة جيهان يوسف، وحكت عنه للمنصّة "المشكلة حاليًا إن الموضوع بدأ يتقلب لمزادات وتجارة. وعن نفسي بستقبل اتصالات من أشخاص محتاجين بلازما لكن المتبرعين بيطلبوا منهم فلوس، ولما اقترحت عليهم يتوجهوا لبنك الدم ومعاهم متبرعين من قرايبهم أو أصدقائهم، اتفاجئنا بقرار إن التبرع لا يلزم بنك الدم منح المصاب بلازما".

بلازما المتضامنين

بالتوازي مع حديث الطبيبين عن طلب المتبرعين أموال، رصدت المنصّة عبر فيسبوك، وفي ظل زيادة عدد المصابين مقارنة بالمتبرعين، انتشار حالات تطالب بمتبرع لمرضاها ولو بمقابل مادي.

لكن المهندس فؤاد مهدي* لم يكن بين هؤلاء المطالبين بالمال ولا بالمنتظرين عرضه عليه، بل واحدًا ممن سارعوا للمساهمة بالتبرع بالدم عبر مبادرة دكتور فريد، بمجرد علمه بحاجة آخرين لبلازما متعافٍ مثله.

يحكي المهندس المقيم في إحدى المدن الجديدة عن إصابته بكورونا في شهر مايو الماضي، والتي صار بعدها واحدًا من المساهمين في إنقاذ مصابين آخرين "اتعافيت قبل عيد الفطر عن طريق العزل المنزلي، ولمّا عرفت بالمبادرة عن طريق فيسبوك، اتواصلت معاهم وعرضت المساعدة، وبعدها جت لي منهم مكالمة قالوا لي إن فيه حد وضعه خطير ومحتاج بلازما من فصيلة دمي؛ فاتوجهت للشبراويشي واتبرعت".

اهتم فؤاد، وبالمثل صارت دكتورة جيهان يوسف حاليًا واحدة من المهتمين بمبادرة فريد وزملائه منذ علمت بها مصادفة عبر فيسبوك، خاصة وأنها قبل ذلك وبحكم تخصصها الطبي، كانت واحدة من المتابعين للنقاشات الدائرة عالميًا حول العلاج بالبلازما.

مع زيادة عدد المصابين ووجود بعضهم في دائرة أصدقائها، زاد اهتمام يوسف بالأمر، لكنها فوجئت بأمر التبرع الشرفي والذي طرحت حلاً له "اقترحنا على مسؤولين في بنك الدم إن المريض يروح لمكان نقل الدم ومعاه المتبرع، ولحل مشكلة الوقت اللي هيستهلكه صدور قرار اللجنة باستحقاق الحالة من عدمه، المريض يكون معاه تقرير من الطبيب المعالج، لأنه هيكون أدرى الأشخاص بالحالة ومدى احتياجها للبلازما. لكن الاقتراح كان بلا نتيجة".

مرونة ووضوح

الرفض لم يمنع مديرة بنك الدم بمستشفى الزيتون من طرح مقترح آخر لزيادة عدد مراكز الدم المتعاملة في ملف البلازما، التي تم الإعلان عنها أوائل يونيو وكانت تقتصر على 5 فقط على مستوى الجمهورية.

 

المقرات الخمس المعلن عنها كأماكن للتبرع بالدم قبل إضافة أماكن أخرى لها مؤخرًا- صورة ضوئية من صفحة وزارة الصحة على فيسبوك

يبلغ العدد الحالي لهذه المراكز 28 مركزًا بمختلف محافظات الجمهورية، وفقًا لما أعلنته وزارة الصحة عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك يوم السبت 13 يونيو.

لكن الطبيبة تطمح في المزيد، وهو ما دفعها لطرح اقتراح آخر على رئاسة الوزراء "مستشفيات العزل المعلن عنها، 80 مستشفى منها لديها بنوك دم تجميعية تتلقي التبرعات، وحوالي 70 مستشفى من الثمانين تمتلك إمكانيات فصل البلازما. فلو تم تخصيصهم لاستقبال المتبرعين؛ ده هيوفر مراكز توزيع أكتر بدل من الاستغاثات اللي بنشوفها بسبب نقص البلازما".

تستشهد يوسف على إمكانية نجاح الأمر بما يشهده مستشفى الدمرداش وأبو الريش "تجربتهم هايلة، ودول مستشفيات جامعية تبع وزارة التعليم العالي، فمن الواضح إن الأمر بيتم بمرونة عبر عرض القرار على العميد وسرعة الحصول على الإذن والموافقة. فمحتاجين دعم من رئيس الوزراء للأماكن دي وللمبادرات الشبابية التي بتنطلق لمساعدة المرضى".

وتطالب الطبيبة النقابية الحكومة بمزيد من الخطوات المرنة، أما فريد صاحب مبادرة المتبرعين فيطالب بتعميم تجربته التي توسّعت الآن وتحولت من وثيقة بيانات إلى موقع إلكتروني، قائلًا "مفيش أي مشكلة الحكومة تاخد الموقع كتبرع مننا ليها وتبدأ تطوره وتسجل عليه بيانات المتبرعين، ﻷنه هيفيد الناس فيما يتعلق بتبرعات الدم عمومًا حتى بعد انتهاء أزمة كورونا، وهيساهم في منع السوق السوداء من التجارة في أكياس الدم".

بجانب المشاركة، وأمام ما يواجهه من مصاعب سواء تتعلق بـ"روتين المستشفيات التابعة لوزارة الصحة أو باستغلال بعض المتبرعين للأزمة من أجل تحقيق مكاسب مادية"، كان للطبيب فريد مطالب أخرى عرضها بقوله "نتمنى مؤسسات الحكومة تكون واضحة ومحددة في كلامها، ونفهم آليات التبرع بالبلازما ونقلها، ومين صاحب القرار، ﻷن الموقف كده مربك. ونعرف جدوى الأماكن الخمسة المخصصة للتبرع والبروتوكول الخاص بتحديد مستحق التبرع، بدلا من إجهاد المريض والمتبرع دون نقل بلازما".


* اسم مستعار بناءً على طلب المصدر