صورة أرشيفية لمظاهرة أمام نقابة الصحفيين. برخصة المشاع الإبداعي: حسام الحملاوي- فليكر

يوميات صحفية برلمانية| إحباط الصحفيين من قانون العمل لن يغادر قاعتهم بمجلس الشيوخ

منشور الأحد 6 فبراير 2022

 

مع أول مناقشة لمشروع قانون العمل في مجلس الشيوخ، بدأ المزاح والسخرية في غرفة الصحافة بمقر البرلمان، فمع كل مادة جديدة تكفل حق من حقوق العمال، كان الصحفيون يتندرون على حقوقهم المسلوبة، ومع كل مساحة جديدة لصاحب العمل صاروا يضحكون متوقعين مزيدًا من الانتهاكات في حقهم، وسط غياب قدرتهم على الاشتباك صحفيًا مع المواد المثيرة للقلق في مشروع القانون.

يعيش الصحفيون ومهنتهم أوضاعًا متدنيةً منذ سنوات، نتيجة تراجع وانكماش سوق الإعلام من جهة، والسيطرة على أغلبية المؤسسات الإعلامية والصحفية واحتكارها لصالح شركة واحدة من جهة أخرى. ونتج عن السياسات الاقتصادية والإعلامية تخفيض رواتب وفصل صحفيين وفنيين، في عدد من الصحف والقنوات، وارتفعت معدلات البطالة في الوسط الصحفي.

ومع عجز النقابة وتراجع دورها في حماية الصحفيين أمام قرارات إدارات الصحف بتخفيض الرواتب أو قرارات الفصل وتخفيض العمالة، اضطر قطاع من الصحفيين للعمل في ظروف قاسية، وسط تهديدات دائمة بالفصل، أو إساءة المعاملة من جانب بعض رؤساء ومديري التحرير، الذي يصل في بعض الأحيان إلى التعدي اللفظي والإرهاب النفسي.

ما بعد كوفيد 19

عانى الصحفيون إذًا كغيرهم، خاصة بعد جائحة كورونا في عام 2020، فبحسب تقرير رسمي لوزارة المالية صدر في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، فقد نحو 2.3 مليون مواطن وظائفهم خلال فترة الإغلاق بالربع الأخير من العام المالي الماضي 2020/201، وكان قطاع السياحة من أكثر القطاعات تضررًا، حيث خسر نحو 30% وظائفهم.

وكشفت تلك الفترة عن هشاشة علاقة العمل التي اهتزت ولم تصمد خلال فترة الوباء وقرارات الإغلاق، بخلاف استمرار الانتهاكات التي يتعرض لها العمال، وتأخر الرواتب أو تقاضي معدلات أقل من الحد الأدنى للأجور، وعدم صرف العلاوات الدورية، والفصل التعسفي أو الإجبار على الاستقالة، بخلاف القيود المفروضة على حق الإضراب، وهي الانتهاكات التي رصدت دار الخدمات النقابية والعمالية بعضها في تقريرها السنوي.

الآن نترقب انتهاء مناقشات قانون العمل الجديد، والموافقة النهائية عليه، وهو المشروع الذي تعتبر الحكومة والأغلبية والمعارضة في مجلس الشيوخ؛ أنه يحقق التوازن المطلوب في علاقات العمل بين العمال وأصحاب الأعمال. واستهدفت الحكومة إعادة صياغة علاقات العمل  الجديدة من خلال القانون الذي سيخضع له نحو 25 شخصًا من العاملين في القطاع العام والخاص.

ومع أول قراءة في تقرير لجنة الطاقة والبيئة والقوى العاملة بمجلس الشيوخ عن أهداف مشروع القانون، أصطدمُ بعبارة ربط الأجر بالإنتاج، تعيدني هذه العبارة لعصر ما قبل صدور قانون تنظيم التظاهر، وهتافات العمال في احتجاجاتهم "اربط أجري بالأسعار أصل العيشة مرة مرار". تغازل الحكومة في قانونها المستثمرين، معتبرة أن هذه الفلسفة تؤدي لتشجيعهم على ضخ المزيد من الأموال في السوق المصري.

 ومع مناقشة مجلس الشيوخ مواد الإضراب السلمي عن العمل، الذي يقره مشروع القانون، ثم يفرض عليه عددًا هائلًا من القيود، أكاد أسمع هتاف موظفي الضرائب العقارية يرج شارع حسين حجازي، المجاور لمجلس الوزراء "الإضراب مشروع ضد الفقر وضد الجوع".

لكن على أرض الواقع علاقات العمل لا تصيغها الشعارات، بل موازين قوى وسياسات اقتصادية بدأت منذ عشرات السنين، حتى وصلنا إلى مشروع قانون واضح وصريح تساوي فيه الحكومة بين العامل وصاحب العمل، ولا تنحاز الأغلبية البرلمانية لفكرة وجود طرف أضعف في علاقة العمل، وتفشل معارضة هزيلة في تمرير تعديلاتها التي تحاول تحسين وضع العامل.

كانت مناقشات مشروع القانون في مجلس الشيوخ كاشفة لانعدام تأثير المعارضة، بعد رفض جميع التعديلات التي تبناها عضوا الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي محمود سامي ومحمد طه عليوة، بل رفض المجلس أيضًا جميع التعديلات التي تبناها أعضاء تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، ومنها تعديل اجتماعي تقدمي تبناه العضو محمد فريد بمنح إجازة أبوة سبعة أيام، ليكون الرفض معبرًا عن تركيبة المجلس، التي لا تحابي فقط رجال الأعمال، وكثير منهم أعضاء في المجلس، بل تنحاز كذلك إلى خيارات محافظة منغلقة.

ما هي السخرة؟

نقطة النقاش الأولى داخل قاعة مجلس الشيوخ، كانت خلال مناقشة التعريفات الواردة في مشروع القانون. عندما شهدت الجلسة جدلًا بشأن مفهوم السخرة، الذي يحظرها ويجرمها قانون العمل. بدأ النقاش في قاعة الجلسة العامة وامتد لغرفة الصحافة.

حاول عضو المجلس عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، علاء مصطفى، توسيع مفهوم السخرة، ليشمل الضغوط النفسية والمعنوية والمادية التي يتعرض لها العمال والموظفون، مشيرًا في كلمته إلى واقعة مقتل موظف خدمة عملاء إثر قفزه من مبنى عمله في التجمع الخامس.


اقرأ أيضًا: خالد علي يفند قانون العمل: يتيح الفصل التعسفي وعمالة الأطفال

 

تصميم: المنصة

لكن طرح مصطفى قابله المجلس بالرفض، هذا في الوقت الذي قال فيه رئيس لجنة الشؤون الدستورية عبد الله عصر، إنه "بمجرد إعطاء العامل أجرًا أقل من حقه تتحقق السخرة"، ليتهامس الصحفيون ويتساءلون لأي مدى ينطبق المفهوم الذي ذهب إليه عصر إلى حالهم، وسط حالات متكررة من الإيذاء النفسي وإساءة المعاملة، والتهديد بالفصل، وخفض الأجور، والحرمان من العلاوات؟

لم تفلح محاولات التنسيقية في تعديل المفهوم، وبقى التعريف كما جاء في مشروع الحكومة بأن السخرة هي "كل عمل أو خدمة تؤدى من أي شخص تحت التهديد بإنزال عقوبة أو إيذاء، ولم يتطوع هذا الشخص بأدائها بمحض اختياره".

هل يعرف جيبك العلاوة؟

مع بدء مناقشة المادة 12 الخاصة بالعلاوة الدورية، دخل أعضاء المجلس من المعارضة سجالًا مع الحكومة في محاولة لإجراء تعديل بسيط يبقي على مفهوم العلاوة الحالي بقيمة 7% من الأجر الأساسي، بينما أصرت الحكومة وبدعم من الأغلبية على أن تكون 3% من الأجر التأميني.

وبعيدًا عن سجال الحكومة والمعارضة بشأن النسبتين، سألتُ عبر حسابي على فيسبوك عن آخر علاوة أو زيادة سنوية حصل عليها العاملون في المؤسسات الصحفية الخاصة، فالمؤسسات الحكومية عادًة تطبق قرارات العلاوة الدورية بانتظام.

تلقيت عددًا من التعليقات الساخرة، ورسائل من زملاء صحفيين في مؤسسات مختلفة، يشكون عدم زيادة رواتبهم منذ أكثر من خمس سنوات، بخلاف بعض الزملاء الذين خضعوا لقرارات تخفيض الرواتب في عدد من المؤسسات.

وكشف عدد من الرسائل الخاصة أن بعض المؤسسات التابعة للشركة المتحدة تطبق زيادات سنوية، بحسب تأكيد عدد من الزملاء، فيما قالت زميلة إن العلاوة توقفت بضع سنوات في مؤسستها التابعة للمتحدة، ثم عادت مرة أخرى قبل نحو عامين.

تضمنت الردود التي تلقيتها تعليقات من عاملين في وظائف أخرى في القطاع الخاص، بعضهم تعرض لتخفيض راتبه والبعض الآخر ينخرط في شركات تطبق العلاوة والزيادات السنوية. تعلق صديقة تعمل في قسم الموارد البشرية بإحدى الشركات الخاصة "موضوع العلاوة مش ثابت، في شركات تقدر تدي علاوة وزيادة سنوية، وشركات لا هو حسب الشركة ووضعها".

ربما يتلاقى رأي صديقتي الواقعي للغاية، مع موقف الدكتور عبد المنعم سعيد، عضو مجلس الشيوخ، المدير السابق لمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، وعضو لجنة السياسات في الحزب الوطني المنحل، ورئيس مجلس إدارة المصري اليوم التي تبنت منذ فترة سياسات تقليص عمالة بعد تراجع الأوضاع المالية للصحيفة.

سعيد تبنى خلال الجلسة العامة موقفًا مغايرًا لموقف الأغلبية والحكومة، وقال "إن هذه القضية اقتصادية في المقام الأول وخاصة بنجاح المشروع، هذا القانون هدفه زيادة الإنتاجية، والقدرة التنافسية المصرية، هذا قرار يتم حسب ظروف المنشأة"، مضيفًا "فلنعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله، القيصر هنا هو السوق وقدرة المنشأة الاقتصادية".

فهل ينجح تطبيق القانون الجديد بعد إصداره في حصول جميع العاملين في كافة المؤسسات على حقهم في العلاوة؟ هل يعيد القانون الجديد للصحفيين حقوقهم في العلاوات الدورية وانتظام الرواتب؟ 

عضو مجلس الشيوخ، وعضو مجلس نقابة الصحفيين الذي يتحفظ على الإدلاء بتصريحات رسمية، قال لي في نقاش ودي "القانون الجديد إيجابي وسيمكن النقابة من إجبار المؤسسات الخاصة على تطبيق الحد الأدنى للأجور والعلاواة الدورية"، ويعتبر أن إدارات الصحف ستكون أمام خيارين؛ إما تطبيق القانون، أو إغلاق المؤسسة مع الوفاء بالتزاماتها تجاه الصحفيين.

لكن لو لجأت إدارة صحيفة لسيناريو الإغلاق، هل تزداد أزمات الصحفيين ومعدلات البطالة في صفوفهم؟ أم بحسب عضو المجلس "سيحصلون على إعانة بطالة لحين تعيينهم في مؤسسة جديدة".

مكتسبات للأمهات واستبعاد ميزات للآباء

كان النص على شهر إضافي في إجازة الوضع، مكسبًا جديدًا للأمهات في مشروع قانون العمل الجديد، بعد موافقة المجلس على النص بعد تعديله على أن تكون الإجازة أربعة أشهر بدلًا من ثلاثة في القانون الحالي.

وبموجب هذا التعديل تتساوى حقوق العاملات سواء اللاتي ينطبق عليهن قانون العمل في الشركات والقطاع العام والخاص، أو الخاضعات لقانون الخدمة المدنية من العاملات في الجهاز الإداري للدولة.

في الوقت نفسه رفض الأعضاء اقتراح عضو المجلس عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين،  محمد فريد، بالنص على إجازة أبوة سبعة أيام تمنح للأب متصلة أو متقطعة خلال الستة أشهر الأولى لميلاد الطفل.

ورغم تأكيد الحكومة تلقيها اقتراحًا مشابهًا من المجلس القومي للمرأة، ووعدها بدراسة الأمر لاحقًا؛ لم يستجب رئيس المجلس، عبد الوهاب عبد الرازق، لاقتراح ممثل الأغلبية حسام الخولي بتأجيل التصويت على المادة لحين استطلاع رأي المجلس القومي للمرأة، بل طرح التعديل المقترح للتصويت، ورفضه أغلب الأعضاء.

رفض المجلس سبعة أيام فقط يحتاجها أي أب للتواجد مع الأم؛ يومَ الولادة، ويومًا آخر لتسجيل المولود في مكتب الصحة، ويومًا ثالثًا لاصطحابه للتطعيم، وأيامًا متصلة أو متفرقة يحق فيها للأب اكتشاف هذا الكائن الجديد، أو اصطحابه للطبيب.

قد تكون إجازة الأبوة طرح مثير للسخرية باعتباره ترف، "احنا مش في السويد" كما قال أحد الزملاء، خاصة أن عدد من الزملاء يعانون في الحصول على إجازاتهم المقررة وفقًا للقانون في عدد من المؤسسات وسط تعسف بعض المديرين في الموافقة على بضع أيام للراحة دون سبب قهري رغم وجود رصيد للإجازات.

أطفال المعدية وقانون العمل

جاءت مناقشة المواد المتعلقة بضوابط تشغيل الأطفال وتدريبهم، بعد أيام قليلة من غرق معدية في منشأة القناطر التي كان على متنها أطفال في اتجاههم لأعمالهم.

ورغم قسوة الواقعة وحداثتها لم يكن لها أثر في إعادة التفكير بشكل مختلف في عمالة الأطفال، وتمسكت أغلبية مجلس الشيوخ بالنص المقدم من الحكومة، ورفضت التعديلات المقدمة من العضو محمد فريد، الذي حاول وضع نص يحول دون تعريض الأطفال للخطر.

واقترح فريد إضافة بند في صدر المادة يحظر تشغيل الأطفال في الأعمال التي تسبب لهم أضرارًا على صحتهم أو تؤثر على سلوكهم الأخلاقي، واستشهد بواقعة منشأة القناطر.


اقرأ أيضًا: المعدية وأطفال التراحيل: بعيدون عن المونوريل.. قريبون من مساره

 

تصميم: أحمد بلال - المنصة

لكن ممثل أغلبية حزب مستقبل وطن، حسام الخولي، اعتبر في كلمته أن الحكومة واللجنة حرصا على ما ذكره فريد من خلال الإشارة إلى قانون الطفل الذي يتوسع في المحظورات الخاصة بعمالة الأطفال، مضيفًا "مشروع القانون هو قانون للعمل وليس قانونًا للعمال"، وعقب فريد "قانون الطفل باب خلفي يفتح الباب لتشغيل الأطفال عند سن 12 سنة في العمالة الموسمية".

ووافق المجلس على المادة من مشروع القانون التي تتيح تشغيل الأطفال بعد بلوغ خمس عشرة سنة، وتجيز تدريبهم من سن أربع عشرة سنة بما لا يعوقهم عن مواصلة التعليم، وتلزم كل صاحب عمل يستخدم طفلًا بمنحه بطاقة تثبت أنه يتدرب أو يعمل لديه وتلصق عليها صورة الطفل، وتعتمد من الجهة الإدارية المختصة وتختم بخاتمها.

كما وافق على المادة 59 التي تنص على أن يكون تشغيل الأطفال، والظروف، والشروط، والأحوال التي يتم فيها التشغيل، والأعمال، والمهن، والصناعات التي يحظر تشغيلهم أو تدريبهم فيها وفقا لمراحل السن المختلفة، طبقًا للنظام المقرر وفقا لأحكام قانون الطفل.

انتهاء عصر العقود الدائمة

بحسب مشروع القانون، يوجد طريقان لخروج العامل من عمله، الطريق الأول "الفصل التأديبي" وهو جزاء اختص القانون به المحكمة العمالية، وطريق آخر يتيح لصاحب العمل إنهاء عقدك "الدائم" في أي وقت نظير حصولك على مقابل شهرين عن كل سنة.

المادة 133 هي لب وقلب مشروع القانون الجديد، بحسب توصيف محمد طه عليوة، عضو المجلس عن الحزب المصري الديمقراطي الذي حاول تقديم تعديلات، في باب إنهاء عقود العمل الدائمة، تخفف وطأة المادة على العمال.

تنص المادة التي وافق عليها المجلس دون تعديلات على أن "إذا كان عقد العمل غير محدد المدة، جاز لأي من طرفيه إنهاؤه، بشرط أن يخطر الطرف الآخر كتابة قبل الإنهاء بثلاثة أشهر"، فيما تضع المادة 134 قيدًا على صاحب العمل وتشترط عدم إنهاء العقد دون سبب مشروع، دون أن تفصل الأسباب المشروعة التي يحق لصاحب العمل حينها إنهاء عقد العامل.

ورفض المجلس والحكومة اقتراح عليوة بإحالة قرار إنهاء العقد لمحكمة مختصة، تحدد مشروعية القرار وإذا كان السبب مشروع وفقًا للقانون أم لا، وهو الاقتراح الذي رفضه تمامًا وزير شؤون مجلس النواب، علاء فؤاد، الذي عقب كاشفًا في كلمته عن الهدف من المادة "الأصل في علاقة العمل أنها محددة المدة، ولها وقت وتنتهي وألا تستمر طول العمر".

وتسمح المادة 139 للعامل الحصول على ساعات محددة أسبوعيًا لإتاحة الفرصة له للبحث عن عمل "للعامل الحق أن يتغيب يومًا كاملًا في الأسبوع أو ثماني ساعات أثناء الأسبوع، وذلك للبحث عن عمل آخر مع استحقاقه لأجره عن يوم أو ساعات الغياب. ويكون للعامل تحديد يوم الغياب، أو ساعاته، بشرط أن يخطر صاحب العمل بذلك في اليوم السابق للغياب على الأقل".

يعتبر أغلبية أعضاء مجلس الشيوخ المادة 142 كافية لحماية العامل من قرارات إنهاء العقد لأسباب غير مشروعة، وتتضمن ست حالات منها: انتساب العامل إلى منظمة نقابية، أو مشاركته في نشاط نقابي في نطاق هذا القانون، أو ممارسة صفة المفوض العمالي، أو سبق ممارسته هذه الصفة، أو السعي إلى ذلك، أو تقديم شكوى، أو إقامة دعوى ضد صاحب العمل، أو المشاركة في ذلك، تظلمًا من إخلاله بالقوانين، أو اللوائح، أو عقود العمل، بالإضافة إلى استخدام العامل لحقه في الإجازات الممنوحة له طبقًا لأحكام هذا القانون، بخلاف أسباب ناتجة عن تمييز بسبب اللون، أو الجنس، أو الحالة الاجتماعية، أو المسئوليات العائلية، أو الحمل، أو الدين، أو الرأي السياسي.

وبحسب هذه المادة يحق للعامل الحصول على تعويض شهرين عن كل سنة قضاها في الخدمة، حال إنهاء العقد من جانب صاحب العمل "دون سبب مشروع"، بينما لم تحدد المادة الأسباب المشروعة لإنهاء العقد.

ورفضت الحكومة اقتراحًا آخر لعليوة، حاول من خلاله النص على حصول العامل المنتهي عقده على إعانة من صندوق العمالة غير المنتظمة الذي ينشأ بموجب القانون الجديد، وقال ممثل الحكومة "العامل سيحصل على تعويض عن كل سنة قضاها في الخدمة وممكن يبدأ مشروع صغير، أو يعمل بموجب خبرته في مؤسسة أخرى".

تختصر هذه البنود على جميع المؤسسات الخاصة الطريق، في  حال الرغبة في اتخاذ إجراءات تقشفية، والتخلص من بعض العاملين، أو في  إنهاء عمل عناصر لم يعد رئيس التحرير يرحب بوجودها.

الإضراب مشروع ولكن..

استمر المشرع في وضع القيود على حق الإضراب، وربطه بشروط تعجيزية تحول دون ممارسة العمال حقهم في الإضراب بشكل قانوني.

في الوقت الذي أقرت فيه مشروع القانون حق العمال في الإضراب السلمي للمطالبة بحقوقهم ومصالحهم المهنية، ربطت المادة 204 هذا الحق باستنفاد طرق التسوية الودية للمنازعات المنصوص عليها القانون، كما اشترطت أن يكون تنظيم الإضراب وإعلانه من خلال المنظمة النقابية العمالية المعنية، أو المفوض العمالي في حدود الضوابط والإجراءات المقررة في هذا القانون.

فيما اشترطت المادة 205 من مشروع القانون إخطار كل من صاحب العمل، والجهة الإدارية المختصة قبل التاريخ المحدد للإضراب بعشره أيام على الأقل، عبر كتاب موصى بعلم الوصول، يتضمن أسباب الإضراب، وتاريخ بدايته ونهايته. ووضع مشروع القانون عددًا من المحظورات تضمنت حظر الدعوة إلى الإضراب، أو إعلانه بقصد تعديل اتفاقية عمل جماعية أثناء مدة سريانه، وحظره في المنشآت الاستراتيجية أو الحيوية التي يترتب علي توقف العمل فيها الإخلال بالأمن القومي، أو بالخدمات الأساسية التي تقدم للمواطنين، ويصدر رئيس مجلس الوزراء قرارًا بتحديد هذه المنشآت، بخلاف حظر الإضراب في الظروف الاستثنائية.

لن ينته مسار قانون العمل الجديد في مجلس الشيوخ. سيبدأ جولة جديدة في لجنة القوى العاملة بمجلس النواب ثم المناقشة في الجلسة العامة، لكن في أغلب الأحوال لن يأت بتغييرات تعدّل القواعد التي بنت عليها الحكومة مشروعها الذي يؤسس لفصل جديد من علاقات العمل، تحكمها آليات السوق.

ويبقى أمامنا اختبار قدرة السوق بعد تطبيق القانون على الحفاظ على الاستقرار والسلام الاجتماعي، مع وجود آليات جديدة تمكن أصحاب الأعمال من إنهاء عقود العمل، ومدى قدرة نقابة الصحفيين وغيرها من النقابات المهنية والعمالية، على حماية مصالح أعضائها، وتفعيل بنود القانون والقرارات الإلزامية للمجلس القومي للأجور وفق المشروع الجديد.