صورة متداولة عبر هاشتاج ثعابين القناطر

حَقِّقْ| انتشار ثعابين في سجن النساء بالقناطر

منشور الخميس 16 يونيو 2016

قرب منتصف ليل الاثنين الماضي؛ بدأ منشور على شبكتي فيسبوك وتويتر  في التداول بين مستخدميهما، زاعمًا انتشار ثعابين في عنابر سجن القناطر (المخصص للسجينات) في مصر، في تجديد لحديث دار منذ عامين مضيا.

وحفل هاشتاج #ثعابين_القناطر على الشبكتين بمئات التدوينات حول الحادث، حفلت بالانتقادات والاتهامات الموجهة لوزارة الداخلية ومصلحة السجون التابعة لها بالإهمال وتعريض حياة السجينات للخطر، دون ذكر لمصادر المعلومة أو إسنادها لأي محامٍ مُوَّكل عن السجينات أو مصدر من داخل السجن، كما لم تنقل وسائل الإعلام عن وزارة الداخلية أو قطاع مصلحة السجون أية بيانات أو تصريحات تقر بصحة هذا الأمر أو تنفيه.

وانتشرت قصة "ثعابين القناطر"، الإثنين الماضي، بتدوينة تمت مشاركتها أكثر من 3 آلاف مرة، كتبتها ناشطة تدعى سلمى الخشن، قالت فيها: "الثعابين ملت سجن القناطر، والبنات عايشين في رعب مستمر، واتهددوا لو اتكلموا هيتحبسوا إنفرادي، ورد إدارة السجن إنتوا في سجن مش بتتفسحوا. الكلام بيفرق، والسنة اللي فاتت الحملات الإعلامية دي خلت إدارة السجن تطهر العنابر، النشر ممكن يعمل حاجة، عايزين نطلع صوت البنات المحبوس واستغاثتهم. كل مطالبهم مكان آمان جوه السجن !"، وذيلتها بهاشتاج "‫#‏ثعابين_القناطر".

https://www.facebook.com/plugins/post.php?href=https%3A%2F%2Fwww.facebook.com%2Fsalma.mohammed.90813236%2Fposts%2F1402990359715003&width=500

هيومان رايتس مونيتور

 

كانت منظمة "هيومان رايتس مونيتور" الحقوقية من بين المشاركين في تداول الخبر نفسه، وذلك عبر بيان نشرته، الثلاثاء الماضي، في صفحتها على "فيسبوك" عنوانه "ثعابين سجن القناطر تعاود الظهور من جديد بعنابر المُعتقلات وإدارة السجن تتغاضى عن شكاوى الفتيات".

وذكرت المنظمة الحقوقية أن "الطالبات المحتجزات داخل السجن (القناطر) كررن شكواهن بخصوص العثور على ثعابين وحشرات ضارة بالزنازين مما يصيبهن بالهلع، وقد قاموا بإبلاغ إدارة السجن من جديد عن ظهور الثعابين، والتي تجاهلت شكواهن ولم تأخذ أي خطوة لتطهير الزنازين أو سد الفتحات التي تأوي هذه الكائنات، على الرغم أنّ إدارة السجن قد سمحت للفتيات الجنائيات بنشر مادة الشيح، التي تستخدم لطرد الثعابين، وتم حرمان زنزانة السياسيات من تلك المادة، في ظل انتشار الفئران، التي تعد الوجبة الأشهي للثعابين، تجعل تلك الزنازين عرضة لاستقبال مزيد منها".

هيومان رايتس مونيتور مؤسسة حقوقية مقرها لندن، أسست المنظمة في أغسطس 2014. وتقول على صفحتها الرئيسة إنها معنية برصد وتسليط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان التي يقرها الإعلان العالمي في كافة أنحاء العالم. ورغم هذا الإعلان؛ إلا أن أرشيف بياناتها وتقاريرها يقتصر على الأوضاع السياسية في مصر دون سواها، وإن كانت حساباتها على فيسبوك وتويتر تهتم أحيانًا بانتهاكات تجري في الأراضي الفسلطينية المحتلة أو في لبنان. وفي باب القضايا تطرح المنظمة قضية واحدة هي "الإنقلاب العسكري في مصر".

الأشجار المحروقة

 

تعود بداية الحديث عن "ثعابين القناطر" إلى عام 2014، حين نشرت شبكة "رصد" الإخبارية، المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين، في السابع عشر من أكتوبر/ تشرين أول لذلك العام، خبرًا عن "حريق اندلع في أشجار السجن، أدى لهروب الثعابين وانتشارها داخل العنابر، ما تسبب في حالة ذعر كبيرة بين الطالبات، حيث أصبح من الصعوبة الاستمرار في هذه العنابر؛ لما يمثله من خطر شديد على سلامتهن وصحتهن وأمنهن".

وقد تكون هي نفسها الواقعة التي أشارت إليها "هيومان رايتس مونيتور" في بيانها الذي تحدثت فيه عن واقعة جرت عام 2014: "كانت في عنابر السجن المركزي بالقناطر الذي يضم نحو 40 معتقلة سياسية"، ونسبت في بيانها لمن أسمتهم "أسر الفتيات المعتقلات في السجون المصرية" قولهم: "إن أعداد كبيرة من الثعابين ظهرت في السجن مرة ثانية، وسط صرخات وفزع بين جميع المعتقلات. كما أنهن ينمن وسط الزنزانة في نبطشيات حراسة دورية من أجل اتقاء شر ثعابين بدأت في الظهور عبر شقوق الزنازين وحماماتها".

قصة سلوى حسانين

بعد نحو أسبوعين من انتشار خبر حرق الأشجار، وفي الثاني من نوفمبر/ تشرين ثان 2014، نشرت بوابة الحرية والعدالة التابعة للحزب الحامل للاسم نفسه، وهو الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، خبرًا مفاده أن "مرصد طلاب حرية"، تلقى رسالة من "الفتيات المعتقلات" بسجن القناطر، أكدن فيها "استمرار وجود ثعابين داخل الزنازين وسط تخاذل من إدارة السجن والمختصين مما يعرض حياتهن للخطر".

وأضاف الخبر أنهن أمسكن بأحد الثعابين منذ أيام وسلموه لإدارة السجن. كما طالبن بضرورة إرسال لجنة لكشف وفحص أوضاع الزنازين.

وورد في الرسالة اسم قيل أنه لسجينة بالقناطر، تدعى سلوى عبدالمنعم حسانين، عمرها 55 عامًا. ذكر الخبر أنها "مرت بحالة إعياء شديد وأهملت إدارة السجن في رعايتها، ويظن البعض أن السبب يرجع إلى أن ثعبان بخ لها في الطعام، على حد وصفهم".

وعاد اسم سلوى يتردد من جديد، الإثنين الماضي، عبر برنامج "مصر النهاردة" الذي يذاع على قناة "مكملين" الفضائية، بمداخلة هاتفية من شقيقتها التي قالت إنها علمت بنبأ الثعابين من "الرسائل المنتشرة على فيسبوك". مؤكدة تراجع الحالة الصحية لشقيقتها التي "تعرضت لقيء وإسهال، نقلت على أثره لمستشفى المنيل الجامعي، وأجريت لها جراحة في البطن" ولم توضح المتصلة أسباب مرض شقيقتها ولم تُفِد بوجود تقرير طبي حول طبيعة الجراحة ومسماها.

"الزمر" يدّون

 

شارك طارق الزمر رئيس حزب البناء والتنمية المعبر عن الجماعة الإسلامية، في الكتابة عن قصة الثعابين. عبر حسابه على تويتر، وباستخدام الهاشتاج نفسه. وكتب الثلاثاء الماضي: "من ذكرياتنا بالسجون محنة الثعابين التي تسكن شقوق الجدران، فكان البعض لا ينام وإن نام يحلم بالثعبان يطوقه، كيف بناتنا اليوم مع #ثعابين_القناطر".

وكان ممن نقلوا الخبر، الناشطة الحقوقية منى سيف، التي كتبت في حسابها على "فيسبوك"، الثلاثاء: "البنات في سجن القناطر لقوا تعابين في العنبر. السنة اللي فاتت حصل نفس الشئ، وإدارة السجن حاولت تتحايل وتدعي إن مافيش تعبان لحد أما البنات مسكوا واحد في علبة و سلموهولهم. سجن القناطر لأنه في منطقة زراعية فالنوع ده من الحاجات سهل يتكرر جدا. و ادارة السجن بدل اما تهدد البنات بالتكدير و التشريد المفروض يبقى عندهم إجراء احترازي بيتعمل بشكل دوري عشان حماية وأمان كل السجينات في سجن القناطر".

رسالة من 2015

ونشر عمار مطاوع الصحفي بهافنجتون بوست العربية وصحيفة الحرية والعدالة سابقًا، الإثنين الماضي، في حسابه على "فيسبوك" صورة ورقة مكتوبة بخط اليد، أرفق بها تعليقًا حول الأمر نفسه. وقال: "من حوالي سنة، التعابين ظهرت في عنبر البنات المحبوسات في سجن القناطر، وقتها البنات بعتت الرسالة دي، وعملنا حملة قوية اسمها تعابين القناطر، والإعلام تفاعل معاها. إدارة السجن استجابت للمطالب ورممت العنبر وعالجت عيوبه، وكانت بتتحايل على البنات إنها ما تنقلش حاجة عن اللي بيحصل في السجن للإعلام برا عشان وجع الدماغ".

وواصل عمار، الذي يُعرّف نفسه بأنه عمل من قبل في وسائل إعلامية مثل "شبكة طريق الإسلام، وساسة بوست، والجزيرة توك" وغيرها: "الأسبوع اللي فات، التعابين ظهرت تاني في عنبر البنات، بس إدارة السجن المرة دي متجاهلة شكاويهم، ولما البنات هددت بالتصعيد الإعلامي، إدارة السجن تهكمت وواصلت تجاهلهم، لإن الناس خلاص اتعودت، والاهتمام اللي حصل مرة مش هيفضل يحصل كل مرة. أضعف الإيمان إنكم تعرفوا اللي بيحصل، وإنك تكلموا الناس عنهم، وتفتكروهم بدعوة في الأيام المفترجة دي".

وحتى توقيت نشر القصة، لم تظهر بعيدًا عن الأخبار المتداولة أو التدوينات أي رواية موثّقة حول انتشار الثعابين، أو أسماء حالات تأكَد تعرُّضها للدغ في سجن القناطر. كما لم تبادر أية جهة رسمية إلى تأكيد أو نفي الواقعة.