صفحة COP27 على فيسبوك
سامح شكري إلى جوار أنطونيو جوتيريش من إحدى فعاليات القمة

شبح الفشل يخيم على ختام COP27

تمويل الخسائر والأضرار والوقود الأحفوري ونص الاتفاقية أبرز النقاط الخلافية

منشور السبت 19 نوفمبر 2022

مساء أمس الجمعة، وبينما ينتظر المتابعون إعلان ختام فعاليات قمة المناخ في شرم الشيخ، خرج رئيسها، وزير الخارجية المصري سامح شكري، ليعلن تمديد فعالياتها التي انطلقت يوم 6 نوفمبر الجاري ليوم إضافي، لحسم "بعض الخلافات العالقة بين الدول المشاركة".

لم تستطع الدول الاتفاق حول وثيقة ختامية لقرارات الدورة السابعة والعشرين من القمة. وأصدرت الرئاسة المصرية لمؤتمر المناخ مسودتين لمشروع القرار الذي سيصدر عنها، لكنهما لقيا اعتراضًا كبيرًا من المنظمات الأهلية وممثلي الحكومات على حد سواء، كونهما لا تتضمنان التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري وتهملان تعويضات الخسائر والأضرار، وهو ما عدته تلك الجهات تكرارًا لما سبق وأن قيل في مؤتمر المناخ الماضي، بحسب ممثلون عن الجهتين تحدثوا للمنصة.

قالت زينة الحاج، مسؤولة الحملات في منظمة 350 درجة، المعنية بالبيئة والمناخ، إن هناك خلافات كبيرة بين الدول، وحتى الآن لم تتحرك المفاوضات خطوة للأمام، ما يهدد بفشلها حال استمرار الوضع كما هو عليه.

وانتقد الاتحاد الأوروبي، ظهر اليوم، مشاريع القرارات تلك محذرًا من استعداده للانسحاب من مفاوضات المناخ إذا لم يتم التوصل إلى نتيجة مرضية.

ويعقد مفاوضو حوالى 200 دولة مجتمعين في شرم الشيخ، اجتماعات ومباحثات ثنائية منذ الأمس في محاولة لإحراز تقدّم على صعيد النقاط الشائكة مثل مصير الطاقة الأحفورية أو التعويض على الأضرار المترتبة على التغير المناخي، فيما بات يعرف بملف "الخسائر والأضرار".

وترتكز تلك الخلافات، بحسب أحمد الدروبي، مدير الحملات في الشرق الأوسط بمنظمة جرينبيس المعنية بالبيئة والمناخ، في ثلاث موضوعات رئيسة: آلية تمويل الخسائر والأضرار، ووقف الاعتماد على الوقود الأحفوري، والتردد بين اعتماد لغة مؤتمر باريس أم جلاسكو فيما يتعلق بهدف الحفاظ على درجة حرارة الأرض في مستويات ما قبل الثورة الصناعية عند 1.5 درجة مئوية.

الأغنياء يساومون

يرجح الدروبي، خلال حديثه إلى المنصة، أن يكون ما يعرقل المفاوضات هو وجود مساومة بين الدول الغنية والفقيرة، حول تمويل الخسائر والأضرار، في مقابل الاستمرار في استخدام الوقود الأحفوري.

وخلال فعاليات القمة سعت بعض الدول الغنية وعلى رأسها أمريكا ونيوزيلندا والنرويج وأستراليا، لعرقلة أي تقدم حول إنشاء صندوق تمويل الخسائر والأضرار المناخيّة، الذي تنادي به الدول النامية المتضررة.

وسرى مساء أمس اقتراح جديد، غير رسمي، بعد مشاورات قادتها المملكة المتحدة، يتضمن طرق تمويل "جديدة ومحسنة"، من بينها صندوق محتمل يموله شركاء من القطاعين العام والخاص.

وتتحفظ الدول الغنية منذ سنوات على فكرة إنشاء آلية خاصة لتمويل هذه الأضرار خشية أن تواجه مسؤولية قانونية قد تفتح الباب أمام تعويضات لا تنتهي.

وكان الاتحاد الأوروبي سعى إلى حلحلة هذه العقدة بقبوله بشكل مفاجئ الخميس مبدأ إنشاء الصندوق بشرط أن يُمول من جانب "قاعدة واسعة من المانحين"، أي من دول تملك قدرة مالية على المساهمة، في إشارة إلى الصين حليفة الدول النامية في هذا الملف. ولم تكشف الولايات المتحدة ولا الصين موقفهما من الاقتراح.

لكن الدروبي يعد ذلك المقترح "كارثيًا"، لأنه يسعى لإنشاء الصندوق بناء على اتفاقية باريس وليس الاتفاقية الإطارية للمناخ، التي صدرت عام 1992، والتي تقول إن مسؤولية الدول متباينة وليسة مشتركة. وذلك التباين غائب في اتفاقية باريس، بحسب الدروبي.

كما أن الاتفاقية الإطارية مبنية على مبدأ "من قام بالتلويث عليه الدفع، وهذا كله تم تخفيفه في اتفاقية باريس، لأن تاريخيًا هناك غياب في العدالة لذا هناك ظلم في التفاوض. فدول الجنوب مجني عليها وهي من تقوم بالدفع على الأرض وتطالب بحقها من دول الشمال، التي تملك صوت في المفاوضات. فمن المستحيل أن تكون المفاوضات عادلة، فالقوة دائمًا في أيديهم" يقول المسؤول بجرينبيس.

من جانبه أكد الدبلوماسي الزامبي إفرايم مويبيا، رئيس المجموعة الأفريقية بـCOP27، أن التكيف والتعويضات هما القضية الأساسية للدول الأفريقية، حاليًا. وأفريقيا تسعى للوصول لاتفاق ورؤية واضحة لتحقيق هاذين الأمرين.

وأضاف مويبيا للمنصة، أن مطالب الدول الأفريقية كونها تمثل قطاعًا كبيرًا من الدول المتضررة، تتمثل في 5 أهداف رئيسة، هي: تقديم التمويل المناخي و تعزيز دعم التكيف ودعم إنشاء صندوق الخسائر والأضرار، ودعم تخفيف الانبعاثات الكربونية واتخاذ اللازم لوقف ارتفاع متوسط درجات الحرارة عالميًا عند 1.5 درجة مئوية، ودعم انتقال الدول الأفريقية لاستخدام الطاقة النظيفة.

نصوص مطاطية

أما بالنسبة إلى مصير الطاقة الأحفورية التي تتحمل المسؤولية الأكبر في الاحترار المناخي منذ الثورة الصناعية، فكان مؤتمر المناخ السابق في جلاسكو حدد للمرة الأولى هدفًا يقضي بخفض استخدام الفحم. وتريد بعض الدول تعزيز هذا الهدف من خلال ذكر النفط والغاز صراحة، الأمر الذي لا يلقى حماسة لدى الدول المنتجة للبترول.

وطالبت السعودية، خلال القمة الحالية، أن يعتمد النص على اتفاقية باريس.

وقال الدروبي، الذي يراقب المفاوضات ممثلًا لجرينبيس، إن "القرار الرئيسي، خلال الدورة الماضية كان التخلي التدريجي عن استخدام الفحم ودعم الوقود الأحفوري، لكن الصين والهند تدخلتا لتغيير النص في اللحظة الأخيرة ليصبح تقليل الاعتماد على الفحم ودعم الوقود الأحفوري، السؤال الآن في القمة الحالية: هل سيتم رفع الطموح عما جرى ذكره في اتفاقية باريس أم ستظل الأمور كما هي؟ أو سنتجه للتقليل أو عدم ذكر الموضوع؟".

وفي إثر ذلك تنشغل زينة الحاج بصياغة الوثيقة التي سينتهي إليها المفاوضون، حيث جاءت المسودة الثانية منها، والتي لاقت رفضًا أيضًا، تحمل صياغات مطاطية. مثل "التوقف عن الدعم الفعّال للوقود الأحفوري من الأموال العامة"، وهو ما تتساءل عنه، "كيف يكون الدعم فعالًا من عدمه عندما يتعلق الأمر بدعم سعر البنزين والسولار والغاز الطبيعي"، قائلة أن الأموال العامة "إما توجه لاستخدام الطاقة المتجددة، أو لدعم الوقود الأحفوري".

وتضيف "يجب أن يكون النص "لا ينبغي توجيه الأموال العامة إلى الوقود الأحفوري"، لا يوجد شيء يُسمى دعم فعال وغير فعال، كيف نقيس الفعالية وعلى أي أساس!".

وأشارت إلى أن المجتمع المدني لديه مشكلة كبيرة مع النقاط التي يتم زيادتها وليس لها معنى، قائلة "جعل النص بلا معنى، يفتح الباب أمام الدول للتهرب من مسؤولياتها".

وتعاني المفاوضات ما تزال من تعثر، رغم تصريح سامح شكري، ظهر اليوم، بأن "الغالبية العظمى" من الدول تعتبر مشاريع القرارات التي قدمتها رئاسة مؤتمر المناخ "متوازنة"، في وقت يتمسك فيه الاتحاد الأوروبي بأن "عدم التوصل إلى نتيجة" أفضل من اتفاق سيء، من وجهة نظره.