تصميم OCCRP

الصلات الخفية بين شركة المحمول السورية الثالثة والحرس الثوري الإيراني

منشور الجمعة 9 ديسمبر 2022

في وقت سابق من هذا العام، أعلنت سوريا عن منحها ترخيصًا لمشغل ثالث للهواتف المحمولة طال انتظاره لشركة تشغيل غير معروفة. وصف المسؤولون الحدث بأنه لحظة "أمل كبير" لقطاع يعاني منذ أكثر من عقد من الزمان من ويلات الحرب والعقوبات.

ولكن عندما حان وقت تسمية الشخصيات التي تقف وراء تلك الشركة، التي سُميت وفا تيليكوم، بدت الحكومة السورية أكثر تحفظًا. منذ دخول وفا السوق في فبراير/ شباط الماضي، لم تذكر السلطات سوى القليل عن مالكيها باستثناء إصرارها على أنها شركة "وطنية"، أي سوريّة.

في الواقع، لا يشكل المستثمرون الأجانب غالبية المساهمين في وفا وحسب. بل إن هؤلاء المستثمرين لديهم علاقات متعددة مع أقوى هيئة عسكرية في إيران: فيلق حرس الثورة الإسلامية/IRGC، المعروف باسم الحرس الثوري الإيراني، وفقًا لتحقيق أجراه OCCRP ومرصد الشبكات السياسية والاقتصادية وهي مؤسسة غير ربحية.

علاقات متشابكة

تُظهر سجلات الشركة أنه حتى عام 2019، كان ضابط في الحرس الثوري خاضع للعقوبات، يمتلك الشركة الماليزية التي تمتلك العديد من أسهم شركة وفا تيل. ويرتبط اثنان من مسؤولي الشركة الحاليين بشركات فُرضت عليها عقوبات أيضًا لدعمها الحرس الثوري.

علنًا، لم يكن هناك أي مؤشر على تورط إيراني. لكنَّ أحد رجال الأعمال السوريين الذين قابلتهم OCCRP ذهب إلى حد وصف المُشغِّل بأنه "شراكة بين الحكومة السورية والحرس الثوري". وكذلك قال مسؤول سوري على صلة وثيقة بقطاع الاتصالات، واثنان آخران من رجال الأعمال، إن إيران متورطة في المُشغِّل الجديد.

قدمت طهران للرئيس السوري بشار الأسد مساعدات عسكرية ومليارات الدولارات من الدعم الاقتصادي خلال الحرب الدائرة. وفي المقابل، أظهرت خلال السنوات الماضية اهتمامهًا بقطاع الاتصالات والعقارات والموانئ في سوريا.

وقال جوزيف ضاهر، الأستاذ في معهد الجامعة الأوروبية، إن تورط شخصيات مرتبطة بإيران في المُشغِّل الجديد أظهرت "النفوذ المتزايد لإيران في الاقتصاد السوري" وتمثل إلى حد ما "خسارة جديدة للسيادة من قبل النظام السوري لصالح حلفائه".

قد تثير تلك الاكتشافات أيضًا القلق بين خصوم طهران الإقليميين، نظرًا لأهمية قطاع الاتصالات في جمع المعلومات الاستخباراتية.

تدخلت قوى مختلفة في الحرب الأهلية متعددة الجوانب في سوريا، حيث تنتشر القوات الروسية والتركية والأمريكية في أجزاء مختلفة من البلاد، وتشن إسرائيل غارات جوية بانتظام.

ولم تردّ شركة وفا تيليكوم ووزارة الاتصالات والتقانة السورية والهيئة الناظمة لقطاع الاتصالات والبريد السورية والمكتب الإعلامي للحرس الثوري الإيراني على طلبات OCCRP للحصول على تعليق.

تطلعات إيرانية

في عام 2010، كان منتظرًا أن يصبح طلب سوريا للمرة الأولى عروضًا لمنح ترخيص ثالث للهاتف المحمول لحظة فاصلة في تحرير الاقتصاد الذي تهيمن عليه الدولة منذ فترة طويلة. طرحت شركات دولية عملاقة عروضها، بما في ذلك فرانس تيليكوم الفرنسية، واتصالات الإماراتية، وكذلك فعلت تامكو، الإيرانية. لكن سرعان ما تم سحبها من المناقصة.

أفاد اقتصاديون سوريون وتقارير إعلامية أن تامكو مسمي يعكس اسم ائتلاف موبين ترست/Mobin Trust Consortium والمعروف بالفارسية بـ Tos'eye Etemad Mob. كما فرضت عقوبات اقتصادية غربية على موبين ووُصفت بأنها شركة يسيطر عليها الحرس الثوري.

سارت المحادثات ببطء بسبب مساومة السلطات ومقدمي العروض على الشروط، ولكن قبل أن يتمكنوا من تسويتها، اندلعت الحرب الأهلية في سوريا في مارس/ آذار 2011، وتم تعليق الترخيص إلى أجل غير مسمى. وفي غضون ذلك، دعمت إيران نظام الأسد من خلال تمويل الميليشيات وتقديم دعم اقتصادي بمليارات الدولارات.

خلال ذلك الوقت، استمر قطاع الاتصالات في جني الأموال على الرغم من الانخفاض الحاد في النشاط الاقتصادي بسبب الصراع. و في عام 2021، دفعت شركتا التشغيل الفاعلتين في البلاد؛ سيريتل/syriatel وMTN، مبلغًا إجماليًا للحكومة قدره 130 مليار ليرة سورية (37 مليون دولار بسعر السوق السوداء)، باعتباره "حصة الدولة" من الإيرادات.

بذلك صار قطاع الاتصالات جاذبًا لإيران، إذ قال المسؤولون الإيرانيون صراحةً إنهم يتوقعون رد الجميل لدعمهم. وفي يناير/ كانون الثاني 2017، زار رئيس الوزراء السوري عماد خميس إيران، ووقع مذكرة تفاهم لمنح رخصة المحمول الثالثة لشركة الاتصالات المتنقلة الإيرانية/MCI، التي كانت حتى عام 2018 مملوكة جزئيًا للحرس الثوري من خلال ائتلاف موبين.

لكن لأسباب غير واضحة حينها لم ترَ تلك الاتفاقية النور. وبحسب تقارير إعلامية قال المسؤولون السوريون آنذاك إنهم ما زالوا يبحثون في الخيارات، ولم يقدموا سببًا، لكن ضاهر؛ الأستاذ في معهد الجامعة الأوروبية، أشار إلى أن القطاع حساس بشكل خاص بسبب استخدامه في عمليات المراقبة والتنصت، قائلًا "في الماضي، كانت هناك شائعات بأن أجهزة الأمن السورية كانت غير مرتاحة إلى حد ما بشأن احتمال وصول الحرس الثوري الإيراني إلى شبكة الاتصالات السلكية واللاسلكية في البلاد".

أخبر اثنان من رجال الأعمال السوريين OCCRP أن رامي مخلوف، ابن خال الأسد الذي كان يملك جزءًا كبيرًا من حصص المشغل سيريتل، قاوم منح MCI الترخيص لأنه لا يريدهم أن يستحوذوا على حصة سيريتل في السوق، أو يستخدموا نظام التجوال الوطني الخاص بها.

وبعد فترة وجيزة، تحركت حكومة الأسد التي تعاني من ضائقة مالية لتأكيد سيطرتها على المشغلين الحاليين. وابتداءً من منتصف عام 2020، اتهمت السلطات شركتي سيريتل وMTN، بأنهما مدينتان بعشرات الملايين من الدولارات كضرائب متأخرة، وعندما رفضتا الدفع، وضعتهما تحت سيطرة "الأوصياء" المعينين من قبل الدولة.

دخول مفاجئ لوفا

عندما حصلت شركة وفا تيليكوم على الترخيص الثالث الذي طال انتظاره، بالإضافة إلى احتكار مدته ثلاث سنوات لتشغيل أول شبكة 5G عالية السرعة في البلاد وإذن لاستخدام الشبكات الحالية للمشغلين الحاليين، بدا الأمر وكأنه مجرد امتداد لجهود النظام في السيطرة على القطاع وبعيدًا كل البعد عن اللاعبين العالميين الذين أبدوا اهتمامهم بسوريا ذات يوم.

لم يتم تأسيس شركة المُشغِّل الجديد إلا في عام 2017. وكانت نحو 48% من أسهمها مملوكة لشركة سوريّة تدعى وفا إنفست، شارك في تأسيسها مساعد الرئيس السوري يسار إبراهيم (39 سنة)، الذي قالت صحيفة واشنطن بوست إنه لعب دورًا رئيسيًا في الاستحواذ "الشبيه بأسلوب المافيا" على مشغلي الاتصالات في سوريا.

ولم يرد إبراهيم، الذي فرضت عليه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا عقوبات بسبب عمله كوكيل مالي للأسد، على طلبات التعليق المرسلة عبر المكتب الإعلامي الرئاسي السوري.

من يقود وفا تيل؟

بحسب ما نشر في الجريدة الرسمية السورية، يقود وفا تيل ثلاث شخصيات:

غسان نيقولا سابا، رئيس مجلس إدارة وفا تيل. وبحسب سيرته الذاتية المذكورة على صفحته بجامعة الشهباء، يُلقي محاضرات من العام 2003 في المعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا، الذي يتبع مركز الأبحاث العلمية في وزارة الدفاع السورية. ويخضع هذا المركز للعقوبات الاقتصادية بسبب تورطه في برنامج الأسلحة الكيماوية في سوريا.

كارولين زلقط، تمثل شركة وفا إنفست. وبحسب سيرتها الذاتية على لينكد إن، عملت زلقط في شركة سيريتل 14 عامًا لنهاية 2017.

محمد أسدي، يمثل شركة ABC في مجلس الإدارة. لم نتمكن من معرفة معلومات عنه. وبخلاف غسان وكارولين، ذكرت الجريدة الرسمية رقم جواز سفره عوضًا عن رقمه الوطني. وبقيت جنسيته غير واضحة.

مجلس إدارة وفا تيل

وفي عام 2021، تم تخفيض حصة وفا إنفست، من 48% إلى 28%، وتم منح 20% منها لشركة الاتصالات السورية المملوكة للدولة، مما يجعل الحكومة السورية شريكا مباشرًا في المشروع.

أما نسبة الـ52% المتبقية فكانت في حوزة شركة مبهمة هي شركة الأعمال العربية/Arabian Business Company، وتعرف اختصارًا بـABC، التي أنشئت في أغسطس/ آب 2020 في المنطقة الحرة بدمشق، حيث متطلبات الإفصاح محدودة.

وبينما رفض مسؤولون سوريون الكشف عن هوية مالك شركة ABC، وصفوها بأنها "شركة وطنية" في تصريحات علنية، مما يعني ضمنًا أنها مملوكة لسوريين.

لكن وثيقة التسجيل التي حصلت عليها OCCRP تظهر أن تلك التصريحات كانت مضلِّلة.

للوهلة الأولى، لا يعطي تسجيل شركة ABC، الذي تم الحصول عليه من وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية السورية، أي مؤشر على تورط إيران. ومساهموها المدرجون هم رجل أعمال سوري وشركة ماليزية تدعى Tioman Golden Treasure تأسست في فبراير 2013.

تكشف نظرة فاحصة أن شركة Tioman ليست متخصصة في الاستثمار في مجال الاتصالات. ولديها صلات متعددة بالحرس الثوري.

تظهر السجلات الماليزية أنه حتى أغسطس 2019، أي قبل نحو عام من تسجيل ABC، كانت 99% من أسهم شركة Tioman مملوكة لضابط في الحرس الثوري يخضع لعقوبات أمريكية يدعى عظيم مونزاوي.

وصفت الولايات المتحدة مونزاوي في أمر العقوبات الذي أصدرته في مايو/أيار من هذا العام، بأنه "مسؤول في الحرس الثوري الإيراني يسهل مبيعات النفط نيابة عن الحرس الثوري"، بما في ذلك تحديد مدفوعات النفط من شركة الطاقة المملوكة للدولة في فنزويلا PDVSA.

يتطابق تاريخ ميلاد عظيم مونزاوي مع وثائق الشركات الماليزية، وأمر العقوبات الأمريكية

لم تنتهِ الصلات بينهم عند هذا الحد. لأن من يملك نسبة 1% المتبقية من أسهم Tioman، هو ماليزي يدعى جوسيفين بنتي أنتهامين، وهو أيضا مالك لشركة نفط تسمى PetroGreen Co. في عام 2013، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على شركة PetroGreen لعملها كـ"وكيل مشتريات رئيسي" لشركة خاتم الأنبياء، وهي تكتل هندسي إيراني يسيطر عليه الحرس الثوري.

هناك سجل منفصل يدرج ماليزيًا آخر، هو تشان تشي سان، كسكرتير لشركة Tioman. كما أُدرج تشان، وهو سكرتير معتمد، كسكرتير لشركة PetroGreen، وكذلك لشركة ماليزية أخرى تسمى Green Wave Telecommunications.

في عام 2015، اتهمت محكمة مقاطعة مينيسوتا الأمريكية شركة Green Wave بالحصول على "تكنولوجيا حساسة خاضعة للمراقبة" من الولايات المتحدة لإيران. وفي وقت لاحق، قال أحد المتهمين بالجريمة إن هذه التكنولوجيا أرسلت عبر ماليزيا إلى شركة Fana Moj، وهي شركة فرضت عليها الولايات المتحدة عقوبات لتقديمها الدعم للحرس الثوري. وتمت معاقبة شركة Green Wave نفسها في عام 2018.

وقبل إنشاء شركة ABC في المنطقة الحرة بدمشق، تم نقل حصة مونزاوي البالغة 99% في شركة Tioman إلى مستثمر إيراني آخر يدعى أمير محمدي. تم تسجيل كل من مونزاوي ومحمدي تحت نفس العنوان، الذي كان يستخدم أيضًا كعنوان لشركة Tioman في برج تجاري وسكني في كوالالمبور.

وعلى الرغم من عدم تمكن الصحفيين من إيجاد صلة مباشرة بين محمدي والحرس الثوري، فإن الوثائق تشير إلى أن هذه لم تكن المرة الأولى التي يعمل فيها مع مونزاوي، أو مع شركة مرتبطة بشركة PetroGreen الماليزية الخاضعة للعقوبات.

كما يظهر كل من مونزاوي ومحمدي مساهميَن في شركة مسجلة في اسطنبول تسمى Energy Development، تأسست في عام 2010 من قبل PetroGreen ومديرها حسين وزيري، الذي فرضت عليه الولايات المتحدة أيضًا عقوبات بسبب "التصرف أو التظاهر بالعمل لصالح أو نيابة عن الحرس الثوري الإيراني، بشكل مباشر أو غير مباشر".

وتظهر سجلات الشركات التركية أن مونزاوي كان يملك Energy Development، في عام 2013، قبل أن يحولها إلى محمدي في عام 2019.

لدى مساهمي Tioman السابقين والحاليين صلات متعددة بالكيانات الخاضعة للعقوبات

علاوة على ذلك، أُدرج مونزاوي ومحمدي وتشان وأنتاهامين كمسؤولين في شركات PetroGreen وGreen Wave وTioman، بالإضافة لشركة رابعة هي Asialink. وتشترك جميعها في نفس العنوان المسجل: صندوق بريد في كوالالمبور على بُعد أقل من كيلومترين من العنوان التجاري لشركة Tioman.

تشاركت أربع شركات، بما في ذلك شركتان مرتبطتان بإيران والحرس الثوري، نفس العنوان المسجل في كوالالمبور

تقول إيرين كينيون، وهي ضابطة استخبارات سابقة في وزارة الخزانة الأمريكية، ومديرة تقييم المخاطر حاليًا في شركة فايف باي سوليوشنز الاستشارية، إن Tioman لديها العديد من السمات المميزة لشركة وهمية أو "شركة واجهة"، منها "هدف تجاري غامض، وعناوين متداخلة، وحضور ضئيل على الإنترنت لمسؤوليها الرئيسيين، وعدد قليل من الموظفين على الرغم من مرور نحو عقد من الزمان على تأسيسها".

وقالت كينيون لـOCCRP "كل هذه الصفات مجتمعة تظهر بشكل واضح أنها شركة وهمية أو شركة واجهة"، في حين أن الروابط المتعددة بين مالكي الشركة مع مونزاوي وغيرها من الكيانات الخاضعة للعقوبات تظهر تورط "إيران" على الأقل، إن لم يكن "الحرس الثوري الإيراني".

ولم يرد كل من انتهامين ومونزاوي ومحمدي وتشان وممثل عن شركة Tioman على طلب للحصول على تعليق من OCCRP عبر الهواتف الخاصة بهم والواتس آب ورسائل الإيميل.

لماذا ماليزيا؟

برزت ماليزيا مؤخرًا كوجهة لوكلاء المشتريات الإيرانية الذين يسعون إلى التهرب من العقوبات الأمريكية لشراء المواد العسكرية والتكنولوجيا الحساسة.

وبدأ هؤلاء الذين يسعون للتحايل على العقوبات توجيه أنظارهم صوب ماليزيا ودول أخرى في جنوب شرق آسيا بعدما بدأت السلطات الإماراتية، وهي وجهة أخرى مرغوبة لديهم، التعاون مع السلطات الأمريكية في العام 2017 باتخاذ إجراءات صارمة ضد الاستخدام غير القانوني لأراضيها.

خلصت دراسة أجرتها الحكومة الأمريكية في عام 2010 إلى أن ماليزيا، أو سنغافورة، تم استخدامها كمحطة عبور لإعادة الشحن في 20% من الحالات التي اشترى فيها الإيرانيون بشكل غير قانوني سلعًا عسكرية وأخرى ذات استخدام مزدوج مصدرها الولايات المتحدة.

وبرزت ماليزيا، ومراكز الدول الثالثة المماثلة، بشكل كبير في هذه الشبكات بسبب البيئة التنظيمية والتنفيذية المتراخية وروابط النقل الجيدة بحسب دراسة حول الموضوع في 2019 أجراها دانيال سالزبوري، وهو كبير زملاء الأبحاث في كلية كينجز في لندن، الذي أشار أيضًا في مقابلة مع OCCRP إلى الدور الذي تلعبه الروابط الشخصية والخبرة المحلية المكتسبة في دعم أنشطة الشبكات التي تبحث عن التحايل على العقوبات "لذلك ليس من المستغرب أن يستمر الإيرانيون الخاضعون للعقوبات وآخرون على صلة بالحرس الثوري في استخدام ماليزيا"، مضيفًا "إن العديد من العوامل التي جعلت من ماليزيا وجهة كدولة ثالثة جاذبة خلال العقود الماضية ما زالت موجودة اليوم".

العائد الاقتصادي

قال مسؤول حكومي سابق على معرفة بقطاع الاتصالات السوري، طلب عدم الكشف عن هويته خوفًا على سلامته لـOCCRP، إن شركة ABC المالكة للأغلبية في شركة وفا تيليكوم أنشئت في منطقة التجارة الحرة بدمشق جزئيًا لإخفاء تورط طهران. وأكد المسؤول السابق "لقد فعلوا كل ما يمكن لإخفاء ملكية إيران".

وأشار المحللون إلى عدة أسباب قد تجعل السلطات الإيرانية حريصة على إخفاء أي استثمار في قطاع الاتصالات السوري، على رأسها تجنب جذب انتباه فارضي العقوبات، أو حتى لا تخيف العملاء الذين قد يكونوا حذرين من استخدام شبكة تابعة لقوة عسكرية أجنبية.

وقال جهاد يازجي، الخبير الاقتصادي ورئيس تحرير المجلة الاقتصادية تقرير سوريا/The Syria Report، "بشكل عام، لم يتحدث الحرس الثوري الإيراني، على حد علمي، علنًا عن أي مشروع يشارك فيه في سوريا، وبشكل عام يحرص الإيرانيون على إخفاء أجزاء من عملياتهم في سوريا"، مضيفًا "لست مندهشًا لأنهم عمومًا قليلو الظهور" في العلن.

ومع ذلك، لدى سوريا دافع قوي لإظهار امتنانها لإيران بعد أن ساعدت الأسد على تجنب مصير نظرائه في تونس وليبيا واليمن ومصر. في مايو 2020، قال النائب الإيراني البارز، حشمت الله فلاحت بيشه، إن التكلفة الإجمالية لدعم إيران لسوريا تراوحت بين 20 إلى 30 مليار دولار، وإنهم يتوقعون أن يتم سدادها.

استجاب المسؤولون السوريون لمثل هذه التصريحات، على الأقل في الخطاب الإعلامي. ففي مايو من هذا العام، قال فهد درويش، رئيس غرفة التجارة السورية الإيرانية، لقناة تليفزيونية تديرها الدولة، "شقيقتنا إيران هي شقيقة في كل شيء".

وأضاف "عندما كنا في حالة حرب، قاتلنا معًا، لقد وقفوا معنا طوال الحرب و ساندونا في وضعنا الاقتصادي، ومن الطبيعي أن يحصلوا على الأفضلية والأولوية من حيث المشاركة في الاستثمارات".

ولكن من الناحية العملية، لم تكن الأمور دائمًا بسيطة، فعلى الرغم من مصالح إيران الاقتصادية في سوريا، تم إعاقة المشاركة الأعمق بسبب العقوبات الغربية والصراع والمنافسة مع الداعم الرئيسي الآخر للأسد؛ روسيا، في الحصول على عقود واستثمارات.

هناك مؤشرات على أن شركة وفا تيليكوم قد لا تكون مربحة للغاية. حيث كان من المقرر أصلًا أن تبدأ الشركة العمل في نوفمبر/ تشرين الثاني من هذا العام. لكنها قالت في أغسطس إن الإطلاق سيتأخر إلى أجل غير مسمى.

يبقى من غير الواضح من هي الجهة التي ستزود الشركة بالتكنولوجيا والمعدات التقنية عندما يتم إطلاقها. قال ثلاثة خبراء في التكنولوجيا إن Huawei الصينية أو ZTE يمكن أن تعملا كموردتين من خلال مقاولين إقليميين من الباطن، على الرغم من أن الشركتين نفتا ذلك لـOCCRP.

وعلى الرغم من وجود ما يكفي من المستخدمين في سوريا لدعم مشغل ثالث، فإن الوضع الاقتصادي المتردي يلقي مزيدًا من الشكوك حول حجم الأموال التي لا يزال من الممكن جنيها من هذا القطاع.

وأشار يونس الكريم، المحلل السياسي السوري المقيم بستراسبورج، إلى أنه حتى العناصر الأساسية اللازمة لإطلاق شبكة الجيل الخامس 5G، مثل الكهرباء والوقود، تعاني شحًا في السوق المحلي.

وقال الكريم إن "انهيار المستوى المعيشي للسوريين يجعل إمكانية الحصول على خدمة الـ5G نوعًا من الترف". متسائلًا "من سينفق على خدمة اتصالات 5G إن لم يكن قادرًا على تأمين احتياجاته الأساسية؟".


- أنتج هذا التحقيق بواسطة رنا الصباغ ولارا دعمس وسامي شحرور وأليكس دجيادوش وكرم الشعار وجاكوب جرينوالد.

وهو  إنتاج مشترك بين OCCRP وOPEN وتنشره المنصة باتفاق خاص.