تصميم: يوسف أيمن - المنصة

مواجهة الأكاديمي والبابا: حلقة جديدة من مسلسل طويل

منشور السبت 6 مارس 2021

 

لم تكن مواجهة البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية الراحل، مع العميد السابق لمعهد الدراسات المسيحية الأرثوذوكسية بجامعة كامبريدج جورج حبيب بباوي، الذي توفي مطلع الشهر الماضي في الولايات المتحدة بعد 14 سنة من صدور قرار كنسي بحرمانه وفصله، هي الأولى التي يواجه فيها لاهوتيٌّ أكاديميٌّ، رأس السلطة في الكنيسة.

فإلى جانب بباوي، الذي كان يعيش خارج مصر منذ 37 سنة منذ منعه من التدريس في الكلية الإكليريكية عام 1983، تصاعدت خلافات مشابهة للبابا شنودة مع الأب متى المسكين، وأيضًا مع الأنبا غريغوريوس أسقف التعليم.

ولكن الحلقة الأولى من هذا المسلسل انطلقت في مطلع القرن الثالث، بعد صعود البابا ديمتريوس الكرَّام إلى رأس الكنيسة في الإسكندرية، ليصبح البابا رقم 12، ويكسر احتكار معلمي وتلاميذ مدرسة الإسكندرية اللاهوتية للمنصب، ويبدأ ما يسميه الباحث الذي يتابع الشأن الكنسي كمال زاخر "صراع المثقف والسلطة".

وفاة بباوي (83 سنةً) صاحبها الكثير من الجدل حول أفكاره وكذلك فيما يخص إقامة جنازته، فقرار المجمع المقدس للكنيسة بعزله وفرزه من الكنيسة الصادر عام 2007 يحرمه من صلوات التجنيز، غير أن البابا تواضروس سمح في النهاية بإقامة هذه الصلوات في كنيسة السيدة العذراء مريم والقديس مرقس في ولاية إنديانا بالولايات المتحدة، وهي تتبع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، فيما نقلت صحيفة الوطن عن مصدر كنسي، قوله إن بباوي سُمح له بالتناول في أغسطس/ آب الماضي. والتناول طقس تعتبره الكنائس الأرثوذكسية واحدًا من أسرارها السبع، ويقوم به كاهن، وهذا معناه "عودته (بباوي) إلى حضن الكنيسة مرة أخرى"، بحسب المصدر. 

ولكن بينما رحب بعض كهنة الكنيسة بهذا القرار، فإن آخرين ممن اعتبروا الرجل "مهرطقًا" ضد تعاليم الكنيسة و"خارجًا عن إيمانها"، لم يخفوا امتعاضهم، مثل الأنبا رفائيل أسقف كنائس وسط القاهرة، الذي تبرأ من السماح لبباوي بالتناول وطالب باعتذار مكتوب عن أفكاره، على اعتبار أن شيئًا لم يتغير منذ صدور قرار فصله عام 2007.

تتلمذ بباوي على يد الراهب مينا المتوحد، الذي سيصبح لاحقًا البابا كيرلس السادس. وبعد دراسته في الكلية الأكليريكية وتخرجه منها عام 1961، عُين معيدًا بها، ثم سافر إلى إنجلترا لدراسة الدكتوراة في جامعة كامبريدج، وأنهاها سنة 1970. ومع جلوسه على الكرسي الباباوي عام 1971، تبنى البابا شنودة الثالث بباوي، حتى أنه اصطحبه في زيارته التاريخية إلى الفاتيكان عام 1973 عندما التقى بالبابا يوحنا بولس السادس، وكذلك سافر معه إلى الولايات المتحدة في زيارته الأولى إليها عام 1977. 

 

دكتور جورج حبيب بباوي مع البابا شنودة خلال زيارة الفاتيكان 1973

لكن المتاعب بدأت عام 1978 عندما مُنع بباوي من تدريس اللاهوت في الكلية الإكليريكية، بقرار من أسقف البحث العلمي الراحل الأنبا غريغوريوس والاكتفاء بأن يدرِّس اللغة الإنجليزية، وتصاعدت بسبب خلاف حول إدارة أزمة الكنيسة مع الرئيس السادات، وأدت في النهاية إلى مغادرته مصر بعد منعه من التدريس تمامًا عام 1983 وتوقف راتبه الشهري.

حلقة جديدة من مسلسل طويل

بدأ علم اللاهوت المسيحي، وهو تخصص بباوي، في مدرسة الإسكندرية التي أسسها القديس مرقس، وظلت تمد الكنيسة بالتعليم والباباوات، فقبل أن تكون هناك رهبنة في القرون الثلاثة الأولى غالبًا ما اختير البابا من معلميها مثل البابا السادس يسطس، والسابع أمونيوس، والثامن مركيانوس، أو الدارسين فيها مثل البابا رقم 11 يوليانوس.

ولكن اختيار البابا ديمتريوس الكرام غيَّر كل شيء. فالرجل الذي جلس على كرسي مرقس الرسول لمدة 43 سنة بين عامي 188 و230 حيث توفي عن عمر 105 سنوات، كان أميًّا، وفي الوقت نفسه اعتبر أنه وحده مصدر التعليم بحكم منصبه، في وقتٍ كان تلاميذ العلامة أوريجانوس، مدير مدرس الإسكندرية اللاهوتية، الذين أصبحوا أساقفة يطلبون منه أن يعظ ويعلِّم ويستمعون له، وهو ما أزعج البابا ديمتريوس فقرر إبعاده، وتشوهت صورته عبر التاريخ ورفضت الكنيسة منحه "القداسة" رغم منحها لكثيرين من تلاميذه.

وكما كان بباوي مقربًا في البداية من البابا شنودة كان العلامة أوريجانوس مقربًا من البابا ديمتريوس الكرام، ففي عام 204 لاحظ البابا نبوغ الشاب أوريجانوس؛ فعينه وعمره 18 سنة فقط مديرًا لمدرسة الإسكندرية، فماذا حدث لاحقًا لينقلب عليه؟ 

تقول سيرة أوريجانوس في موقع تكلا هيمانوت الكنسي إنه في "عام عام 216 م، نهب الإمبراطور كاركلا مدينة الإسكندرية وأغلق مدارسها واضطهد معلميها وذبحهم، فقرر أوريجانوس أن يذهب إلى فلسطين، وهناك رحب به صديقه القديم ألكسندر أسقف أورشليم كما رحب به ثيؤكتستوس أسقف فلسطين، اللذان دعياه ليشرح الكتاب المقدس للشعب في حضرتهما. وغضب البابا ديمتريوس الإسكندري جدًا، لأنه حسب عادة الكنيسة المصرية لا يستطيع غير الكاهن أن يعظ في حضرة الأسقف، فأمره بعودته إلى الإسكندرية سريعًا، فأطاع وعاد، وبدت الأمور تسير كما كانت عليه قبلًا".

بعدها بعدة سنوات سافر أوريجانوس إلى اليونان وفي الطريق مر بفلسطين فقرر أسقفها رسامته كاهنًا، حتى يستطيع الوعظ دون أن يغضب منه البابا، خاصة وأن أسقفي فلسطين وأورشليم كانا من تلاميذ أوريجانوس، إلا أن رسامة أوريجانوس كاهنًا أثارت غضب البابا ديمتريوس، الذي رفض رسامته من قبل أسقف آخر غير أسقفه.

عقد البابا ديمتريوس مجمعًا في الإسكندرية من الكهنة والأساقفة، وأعلن المجمع رفض قرار البابا ببطلان رسامته كاهنا واكتفوا باستبعاده من الإسكندرية، إلا أن ديمتريوس لم يرض بهذا القرار وعقد مجمعًا آخر من الأساقفة فقط لإبطال كهنوت أوريجانوس واعتباره لا يصلح للتعليم، وكتب البابا لبونتياس أسقف روما الذي استجاب بدوره وعقد مجمعًا هناك روما لحرمان أوريجانوس أيضًا، بينما رفض أساقفة فلسطين والجزيرة العربية وآخائية وفينيقية وكبدوكيا القرار.

الإخوة الطوال والأنثروبومورفيت

في نهاية القرن الرابع الميلادي عام 385، جلس البابا ثيؤفيلوس على كرسي مار مرقس ليصبح البابا رقم 23، وهو واحد من تلاميذ البابا العشرين أثناسيوس الذي قاد مناقشات مجمع نيقية الشهير عام 325 ضد آريوس. لكن البابا ثيؤفيلوس لم يسر على درب معلمه للنهاية، فرغم انتمائه للمدرسة الرمزية في تفسير الكتاب المقدس، التي أسسها العلامة أوريجانوس، تراجع عن هذه الأفكار تحت ضغط من مجموعات رهبان متطرفين يُدعون "الأنثروبومورفيت" أو "المجسمة"، وهم يتصورون الله على شكلٍ إنسانيٍّ.

خاف البابا ثيؤفيلوس من هذه المجموعة وانقلب على أفكار أوريجانوس، فتصدت له مجموعة من الرهبان الأوريجانيين، يعرفون باسم الإخوة الطوال بسبب طول قامتهم، ومعهم راهب يدعى إيسيذوروس، كان مقربًا من ثيؤفيلوس كما كان أوريجانوس مقربًا من البابا ديمتريوس الذي عينه مديرًا لمدرسة الإسكندرية، وحينما زاد العداء بين ثيؤفيلوس الذي استغل مجموعة "الأنثروبومورفيت" للحفاظ على كرسيه، والإخوة الطوال، فإن المجموعة الأخيرة ذهبت إلى يوحنا ذهبي الفم بطريرك القسطنطينية، الذي أرسل خطابًا للبابا السكندري دافع فيه عنه، ما أغضب البابا ورد بخطاب يتهم فيه يوحنا ذهبي الفم بتحريض الرهبان على التمرد عليه. 

عرض يوحنا ذهبي الفم، الذي لُقب بذلك بسبب فصاحة لسانه، الخلاف على الإمبراطور أركاديوس الذي جلس على عرش القسطنطينية بعد وفاة والده الإمبراطور ثيئودوسيوس الكبير، فأمر بعقد مجمع في القسطنطينية للنظر في هذا الخلاف، وأرسل إلى البابا ثيؤفيلوس لحضور المجمع. وعندما وصل الأخير إلى هناك، وجد أن ذهبي الفم يخضع لمحاكمة بعد أن أغضب الإمبراطورة أودوكسيا زوجة أركاديوس عندما منعها من دخول الكنيسة وحرمها من التناول بسبب اتهامها بسرقة بستان سيدة، وانتهت المحاكمة إلى عزله ونفيه، ولكن الغضب الشعبي أجبر أركاديوس على السماح بعودته، واستقبل لدى دخوله إلى القسطنطينية استقبالًا كبيرًا، وفي النهاية تصالح معه البابا ثيؤفيلوس ومع الإخوة الطوال، وأعلن موافقته على تعاليم أوريجانوس. 

هدوء شاب ثوري

في نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، كانت الكنيسة القبطية تعيش بدايات نهضة جديدة تزامنت مع عملية تحديث مصر في عهد محمد علي، جاءت ذروتها في عهد البابا كيرلس الرابع الملقب بـ "أبو الإصلاح" الذي أدخل آلة الطباعة إلى الكنيسة، ثم حركة مدارس الأحد التي تأسست على يد الأرشيدياكون (رئيس شمامسة) حبيب جرجس في استنساخ لتجربة حركة مدارس الأحد في الكنائس الغربية البروتستانتية.

ووضعت حركة مدارس الأحد الأساس للكنيسة لتقوم بأدوار أكبر في المجتمع المصري، حيث لم تقتصر الحركة فقط على مأسسة تعليم الدين المسيحي للأطفال، بل ظهر تأثيرها لاحقًا في المدارس والمستشفيات التي تقيمها الكنائس وتخدم جميع المصريين. 

أصبح حبيب جرجس أبًا روحيًا لجيل جديد من الشباب، كان من بينهم الشاب نظير جيد المولود عام 1923. أصبح نظير واحدًا من رواد حركة مدارس الأحد. كما تولى رئاسة تحرير المجلة التي تحمل اسمها في الفترة بين 1948 وحتى 1950. كان الشاب ثوريًا يكتب مقالات تهاجم البابا يوساب الثاني (البابا رقم 115)، وغير شعار المجلة من صورة السيد المسيح الذي يحمل شعلة منيرة إلى صورة السيد المسيح الذي يحمل كرباجًا، وهو الموقف الذي طرد فيه الصيارفة من الهيكل عند دخوله مدينة أورشليم/ القدس.

تتلمذ نظير كذلك على يد يوسف إسكندر، الذي سيصبح اسمه الأب متى المسكين عام 1948 عندما ترهبن، بينما لحق نظير بأستاذه عام 1954 باسم الراهب أنطونيوس السرياني. 

وفي عام 1971، أصبح الراهب أنطونيوس السرياني بابا الإسكندرية وبطريركًا للكرازة المرقسية باسم البابا شنودة الثالث. 

العلاقة الجيدة التي كانت تربط نظير جيد مع أستاذه الأب متى المسكين، وتجلت عندما كتب مقدمة كتاب حياة الصلاة الأرثوذكسية للأب متى المسكين، تدهورت كثيرًا في السبيعنيات وأوائل الثمانينيات، خاصة بعد قرار السادات بالتحفظ على البابا شنودة في دير الأنبا بيشوي عام 1981 بناءً على نصيحة الأب متى المسكين الذي رفض محاكمة البابا أو عزله واقترح تعيين لجنة خماسية من الأساقفة لإدارة الكنيسة لحين هدوء الأوضاع.

سنوات نهاية السبعينيات ومطلع الثمانينيات لم تشهد فقط أزمة البابا شنودة مع أستاذه، ولكن كذلك مع تلميذه جورج حبيب بباوي، الذي سيحزم حقائبه ويغادر مصر عام 1983 بعدما ضاق به الحال بعد منعه من التدريس.

سنوات المنفى الاختياري

سافر بباوي إلى إنجلترا وعُين هناك عميدًا لمعهد الدراسات المسيحية الأرثوذكسية بجامعة كامبردج، وأستاذًا بقسم الدراسات العليا بنفس الجامعة، ثم عميدًا لمعهد اللاهوت الأرثوذكسي بإنديانا بالولايات المتحدة الأمريكية، بخلاف عمله محاضرًا في جامعات أوكسفورد ولند بالسويد، وأستاذًا زائرًا في جامعات أمريكا.

ولكن رغم ابتعاد دكتور جورج حبيب بباوي عن المشهد في مصر، فإن صلته لم تنقطع بمن مروا بنفس موقفه من الذين ناصبهم البابا شنودة العداء مثل الأنبا غريغوريوس أسقف الدراسات العليا والبحث العلمي، الذي ناله كثير من التشهير. وكان للرجلين مطلب واحد، هو أن يخضعا لمحاكمة قانونية أمام المجمع المقدس ويحصلا على فرصة الدفاع عن أفكارهما. 

وازدادت الهوة والجفاء بين الأكاديمي والبابا، إلى أن اتخذ البابا قرارًا في نوفمبر/ تشرين الثاني 2007 بعزل وفرز بباوي من شركة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، أثناء وجود الأخير في الولايات المتحدة الأمريكية، دون أن يحاكَم محاكمة كنسية قانونية بحضور الشخص المشكو في حقه ومواجهته بما هو منسوب إليه ومنحه حق الرد والدفاع عن نفسه أمام مجمع كنسي قانوني، وهو ما طالب به البابا شنودة نفسه، عندما منعه البابا كيرلس السادس من الصلاة وقرر عودته إلى الدير سنة 1967.

حدث ذلك عندما رفض البابا شنودة، الذي كان حينها أسقفًا للتعليم، رسامة الأنبا اغريغوريس عام 1967، ودخل في نزاع بسبب هذه الرسامة مع البابا كيرلس السادس، واعتبرها تعديًا على صلاحياته كأسقف للتعليم وساق قاعدة أنه لا يجوز رسامة أسقف على إيبارشية (نطاق إدارة) أسقف آخر.

 

خطاب الأنبا شنودة أسقف التعليم للأنبا غريغوريوس 

ولكن عندما طلب منه البابا كيرلس العودة إلى الدير، كتب للأنبا غريغوريوس نفسه يعتبر قرار البابا كيرلس بحقه ظالمًا، وذكّره بضرورة أن يتم عقد مجمع كنسي قانوني لسؤاله أمامه ومنحه الفرصة للدفاع عن نفسه، بحسب خطاب نشر صورته منير عطية أحد تلاميذ الأنبا غريغوريوس، ونسبه إلى البابا شنودة.

هل يكفي أن نفتح الباب؟ 

على مدار تاريخ الكنيسة ومنذ القرن الثالث الميلادي، عانى المستنيرون والأكاديميون من الإبعاد والتشهير، فالعلامة أوريجانوس أحد أعظم اللاهوتيين في تاريخ المسيحية لم يحاكم بشكل قانوني، وتعرض تلاميذه في نهايات القرن الرابع الميلادي للاضطهاد على يد البابا ثيؤفيلوس الذي طارد الإخوة الطوال، وفي القرن العشرين، رغم انتماء البابا شنودة إلى مدرسة تجديد الكنيسة منذ أن كان شابًا قبل الرهبنة، إلا أنه عندما جلس على كرسي القديس مرقس المثقل بأعباء إدارية لم يكمل المسار الأكاديمي بل وعادى من سلكوا هذا المسار، وتم التشهير بهم وبأفكارهم ولم يحاكم أي شخص فيهم محاكمة كنسية قانونية تثبت فيها "هرطقته".

وحينما جاء البابا تواضروس الثاني لكرسي القديس مرقس، أعاد فتح الباب للتيار المستنير والأكاديمي برسامة الأنبا إبيفانيوس أحد تلاميذ الأب متى المسكين، أسقفًا على دير الأنبا مقار الذي عانى من التشهير طوال حياة المسكين في حبرية البابا شنودة الثالث، وبدأ إبيفانيوس في تبني شباب يسعى للدراسة الأكاديمية وفهم الكنيسة وعلومها من خلال المخطوطات القديمة.

ولكن القرار العلوي بمنح الفرصة للأكاديميين والمستنيرين، لا يبدو كافيًا لوقف إبعادهم والتشهير بهم، فالأنبا إبيفانيوس عانى من التشهير ووسم بـ"الهرطقة" قبل أن يقتل على يد الراهب إشعياء المقاري أحد الذين رسمهم البابا شنودة بنفسه بعد رحيل الأب متى المسكين عام 2010، وحكم في النهاية بإعدامه، تاركًا الكنيسة أمام خيار الاستسلام لتيار شعبوي متشدد، أو خوض معركة في مواجهته لا تبدو سهلةً على الإطلاق.