ممثل الأغلبية أشرف رشاد في مجلس النواب. الصورة: الصفحة الرسمية للنائب

يوميات صحفية برلمانية| الحقيقة وراء انتقادات مستقبل وطن للحكومة

منشور الخميس 4 مارس 2021

مشهد بات متكررًا من هجوم لحزب الأغلبية على الحكومة وممثليها في البرلمان. أسئلة وانتقادات وهجوم على مشروعات القوانين الحكومية ومطالبة بأنها تحتاج لإعادة النظر في قوانينها غير الدستورية. فماذا يحدث بين الطرفين؟

في هذا التقرير نجيب لك على هذا السؤال مع استعراض لأبرز محطات المواجهة بين الحكومة وممثليها، وحزب الأغلبية مستقبل وطن ذو الصلات القوية بالأجهزة الأمنية في الدولة.

يقول مصدر رفيع المستوى داخل الحزب وفي هيئته البرلمانية أن التغير في شكل العلاقة بين الأغلبية والحكومة ينبع من رغبة عامة في تفعيل دور مجلس النواب، "خلال السنوات الماضية كانت توّجه انتقادات لمجلس النواب واتهامات بأنه منفصل عن الواقع ولا يشعر به المواطنون، لكن الآن الوضع تغير والناس بدأت تشعر بدور النواب" بحسب المصدر.

تصريح دبلوماسي، فأعادت المنصة طرح السؤال عن جدوى هذه الانتقادات وما هو أقصى مدى قد تصل إليه، فقال النائب الذي طلب عدم ذكر اسمه في تصريحات للمنصة "كل مرحلة لها قواعدها والمرحلة السابقة (البرلمان السابق) كانت تتطلب التكاتف إلى جانب مؤسسات الدولة، لكن الوضع تغير الآن، ويتطلب تفعيل دور المؤسسة التشريعية بشكل أكبر".

يتفق هذا مع تصريحات لنواب في المجلس الجديد، ورئيسه حنفي الجبالي، عن الدور الرقابي للمجلس واهتمامه بالآليات الرقابية في الفترة المقبلة. 

بينما كان "البرلمان السابق ينسق ويتكامل مع مؤسسات الدولة" وهي تعبيرات كانت مستخدمة بشكل مكرر على لسان رئيسه السابق علي عبد العال للدرجة التي جعلته يعطل عددًا من الاستجوابات الموجهة للوزراء ويصفها بـ "الإجراء الخشن".

رغبة حزب الأغلبية الآن في تغيير طفيف لقواعد اللعبة ظهر بشكل قوي قبل يومين خلال مناقشات قانون الشهر العقاري وتعديلاته، والتي مرت بما وصفه رئيس المجلس حنفي جبالي بالانتصار، وهو كان انتصارًا منسوبًا لحزب الأغلبية  بعد إنفاذ رغبته في تعديل القانون، قبل أن يأتي بيان رئاسة الجمهورية ويُسكِت جميع المناقشات تحت القبة ويوافق الجميع على قرار الرئيس، ويجرون تعديلًا يتوافق مع "توجيهاته" التي أصدرها للحكومة والبرلمان.

ما ظهر وكأنه انتصار، يبدو أنه لن يكون الأخير؛ فرئيس الكتلة البرلمانية لحزب مستقبل وطن، أشرف رشاد، يرى أن السياسة التشريعية للحكومة تحتاج لمراجعة.

اعترض رشاد على السياسة التشريعية للحكومة خلال اجتماع لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية قبل أيام، في معرض انتقاده المشروع الحكومي لقانون الأحوال الشخصية، مؤكدًا وجود عوار دستوري في عدد من مواده.

طالب رشاد الحكومة بمراجعة سياساتها التشريعية "إن مشروع قانون الأحوال الشخصية به كثير من المشاكل، توجد 37 مادة يشوبها  شبهات عدم دستورية وغيرها من المشكلات، نتمنى من الوزارات والحكومة بشكل عام، التأني في إعداد التشريعات وضبط سياستها التشريعية،"، معتبرًا ذلك يشير إلى "مشكلة في صياغة التشريعات من الحكومة، و هناك مجلس نواب يقف فى المواجهة مع الشارع".

وربط رشاد بين التشريعات الواردة من الحكومة وحالة السخط المجتمعي من الذين أسماهم أعداء الوطن "لانريد أن نكون هدفًا سهلًا لأعداء الوطن وووسائل الإعلام الخارجية التي تستهدف البلاد وتحاول الانتقاص من دور مجلس النواب".

أطلق رشاد انتقاداته في وجه وزير شؤون المجالس النيابة، علاء فؤاد، ولكن كانت هناك أصوات أخرى ربما أقل وضوحًا عبرت عن اعتراضات بشأن مشروع قانون الأحوال الشخصية في حزب الأغلبية مستقبل وطن وبين نواب تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، المقربة هي الأخرى من الجهات الأمنية.

النائبة عبلة الهواري، عضو هيئة مستقبل وطن قالت في تصريحات للمنصة "إن مشروع القانون يجب أن يخضع لحوار مجتمعي موسع، ولن نكتفي بمناقشته في اللجنة التشريعية أو الجلسة العامة فقط".

وأبدت الهواري تحفظها على عدد من المواد الإجرائية التي تضمنها مشروع القانون الحكومي معتبرة أنها "تنتقص من حقوق المرأة وتعتبرها دون أهلية قانونية سواء على نفسها أو على أطفالها".

الهواري التي سبق وأن قدمت مشروع قانون متكامل للأحوال الشخصية في الفصل التشريعي السابق، أكدت أن حزبها سيبدأ في عقد اجتماعات لصياغة رؤية بشأن قانون الأحوال الشخصية تراعي أفراد الأسرة. وبدت النائبة متفائلة بوجود نسبة كبيرة من النائبات قد يؤثرن بشكل كبير لصالح صياغة قانون يراعي حقوق المرأة والطفل.

مطالبًا بحوار مجتمعي أيضًا؛ قال النائب عصام هلال، عضو مجلس الشيوخ وأمين التنظيم المساعد لحزب مستقبل وطن "لم ننظر حتى الآن في مشروع القانون، ولكن الأمر يحتاج لحوار مجتمعي"، موضحًا أن الحزب سييدأ في نقاشات على المستوى الداخلي عبر مكاتبه وتشكيلاته في كافة المحافظات، ويعمل على تلقي الاقتراحات للخروج بصورة أفضل من مشروع القانون المطروح.

في السياق ذاته؛ قال مصدر نيابي وعضو بحزب مستقبل وطن للمنصة إن "الحكومة أخطأت في توقيت مشروع قانون الأحوال الشخصية"، مضيفًا "المشروع به أخطاء على مستوى الشكل والمضمون وبه أخطاء دستورية ونضع تحت دستورية ألف خط".

النائب الذي تحفظ على نشر اسمه قال "هذا القانون مكمل للدستور ويجب عرضه على مجلس الشيوخ"، وتوقع النائب أن يتم تأجيل نظره بمجرد العرض على لجنة الشؤون الدستورية لحين عرضه على مجلس الشيوخ، وقال "ساعتها لما يجي لنا تقرير الشيوخ الحكماء والعلماء ننظر المشروع، لكن الشكل الحالي الذي قدمته الحكومة غير مقبول".

التنسيقية تطالب بلجان استطلاع

نواب تنسيقية شباب الأحزاب، يعتبرون أنفسهم طرفًا أصيلًا في المعادلة البرلمانية الآن، بجانب حزب الأغلبية.

جاء تدخل نواب التنسيقية في أزمة قانون الأحوال الشخصية عبر الطلب الذي تقدم  به النائب طارق الخولي، عضو التنسيقية، داعيًا خلاله إلى تشكيل لجنة استطلاع ومواجهة حول القوانين المنظمة للأحوال الشخصية، والتركيز على بعض مواد القانون التي واجهت اعتراضات واسعة عقب نشر مشروع القانون المقدم من الحكومة.


اقرأ أيضًا عن تنسيقية شباب الأحزاب وتشكيلها في أحد الأجهزة الأمنية قبل عامين


وأكد الخولي في الطلب الذي وجهه لرئيس مجلس النواب، ضرورة مناقشة لجنة الاستطلاع والمواجهة لكيفية تنظيم الخطبة وعقد الزواج وآثار الزواج وأحكامه وانتهاء العقد والتطليق والرؤية والحضانة، معتبرًا أن هذه الامور يرتبط بها جدل واسع في المجتمع، وتتطلب حوار مجتمعي شامل، واستطلاع ومواجهة من جانب الخبراء والجهات ذات الصلة والمتضررين قبل أي تعديلات تقترح من جانب النواب أو الحكومة.

مساءلة الوزراء

كانت مساءلة الوزراء محطة رئيسية في تغير شكل العلاقة بين مستقبل وطن والحكومة، إذ بدأ مجلس النواب الجديد عمله في يناير الماضي باستدعاء الوزراء والاستماع لبيان بخططهم وتقييم ما تحقق خلال ولايتهم.

"كله هييجي" كان التعبير الذي استخدمه أحد النواب المنتمين لتنسيقية شباب الأحزاب، عقب استدعاء رئيس البرلمان للحكومة. 

ولكن الحقيقة أن وزيري الدفاع والداخلية لم يكونا في خارطة الاستدعاء، إذ حضر الجميع في جلسات مطولة لإلقاء بيانات بما أنجزوه في الملفات المختلفة، عدا الاثنين.

وزير الدولة لشؤون الإعلام كان الأبرز في مرمى نيران نواب الأغلبية وزملائهم الذين اتهموه بالجمع بين المنصب الوزاري وإدارة مدينة الإنتاج الإعلامي، ووجهوا له اتهامات بإهدار المال العام، وحملوه مسؤولية تراجع دور الإعلام المصري، وانتهى الأمر بإعداد لجنة الثقافة والإعلام في المجلس تقريرًا يرفض بيان وزير الإعلام ويصر على الاتهامات الموجهة له. 

أما وزراء الصحة والتعليم والتموين فكان نصيبهم من النقد أقل رغم ثقل وزاراتهم وارتباطها بخدمات مباشرة للمواطنين لم تكن بسخونة الجلسة التي حضرها وزير الإعلام، ولم يطالهم نفس القدر من الهجوم رغم تراجع الخدمات المقدمة خاصة في مجالي التعليم والصحة وتأثرهما بوباء كورونا. أو تحول بعض الجلسات لوصلات مدح مثل جلسة وزير النقل كامل الوزير، وكذلك جلسة بيان وزير الخارجية سامح شكري.