منتجع شرم الشيخ

مُحَدّث| السياحة في 2016.. عام التعثٌر في حطام "الطائرة الروسية"

منشور الأحد 13 نوفمبر 2016

 

اتجه فريق تفتيش روسي يضم خبراء في أمن الطيران إلى القاهرة، اليوم، للاطلاع على الإجراءات التي اتخذتها مصر لتأمين المطارات، بحسب إفادات مصادر لموقع "سكاي نيوز عربية".

ونقل الموقع عن المصادر- التي لم تكشف هويتها- قولها إن الخبراء سيفحصون المبنى رقم 2 بمطار القاهرة الدولي في إطار خطة روسيا لاستئناف الرحلات إلى المطارات المصرية.

وأقلعت أول رحلة جوية لطائرة شحن من القاهرة إلى موسكو، يوم السبت الماضي، بعد توقف أكثر من عام عقب سقوط الطائرة الروسية في سيناء.

وفي نوفمبر/ تشرين ثان الماضي، أعلنت شركة توماس كوك البريطانية للسياحة، نيتها زيادة عدد رحلاتها إلى مصر خلال موسم شتاء 2017. وكشفت عن خطة لتسيير 36 رحلة أسبوعيًا لكل المدن المصرية، وفقًا لما أعلنه وزير السياحة المصري، يحيى راشد.

وقبل قرار "توماس كوك"، بأسبوعين، طالبت 30 شركة سياحة بريطانية حكومة بلادها، بتحديد موعد لاستئناف الرحلات الجوية من المملكة المتحدة إلى مدينة شرم الشيخ، بعد عام من قرار حظر، صادر في أعقاب حادث انفجار طائرة ركاب روسية.

وتقدمت الشركات السياحية، بطلبها إثر مخاوف من عدم الإعلان عن قرار العودة للمنتجع المصري في وقت قريب؛ وما سيترتب عليه من ضياع فرصها في إدراجه ضمن وجهاتها السياحية الشتوية لعام 2016/2017.

وتراجعت إيرادات قطاع السياحة المصري، خلال السنة المالية الماضية، بنسبة 50% تقريبًا عن آخر إيرادات سجلتها في الموازنة العامة للدولة.

 

سائحون في انتظار دورهم لمغادرة شرم الشيخ 

تخوفات مستمرة

على الرغم من صدور قرار، خلال الأشهر الماضية، عن خطوط الطيران في بعض الدول الأوروبية ومنها ألمانيا وتركيا، باستئناف الرحلات إلى شرم الشيخ؛ إلا أن الحكومة البريطانية لاتزال حتى هذا اليوم، تبقي على قرارها التحذيري بتجنب السفر من وإلى شرم الشيخ إلا للضرورة القصوى، وهو التحذير نفسه الذي تتبناه الولايات المتحدة الأمريكية.

وسقطت الطائرة الروسية، يوم 31 أكتوبر/ تشرين أول 2015، في منطقة الحسنة بشمال سيناء، بعد أقل من نصف الساعة من إقلاعها من مطار شرم الشيخ، متوجهة إلى سانت بطرسبرج الروسية. ما أسفر عن مقتل كل من كانوا على متنها، وعددهم 224 شخصًا. وأعلن تنظيم "الدولة الإسلامية" في سيناء مسؤوليته عن الحادث. 

 

الطائرة الروسية - سيناء

  

وبدأ التعثر في قطاع السياحة المصري، بصدور قرار بحظر السفر من وإلى سيناء، أو بتغيير مسار الرحلات الجوية بعيدًا عنها، من قبل عدة دول أوروبية وعربية، على رأسها  بريطانيا، وفرنسا، والولايات المتحدة الأمريكية، والإمارات، إثر حادث تحطم الطائرة الروسية "إيرباص 321". ما ترتب عليه انحسارًا في نسبة السياحة الوافدة إلى الوجهات المصرية.

وتشير هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"،  إلى أن عدد السائحين البريطانيين الذين وفدوا إلى مصر، في الفترة ما بين يناير/كانون الثاني، وسبتمبر/أيلول 2016، بلغ 172.018 سائحًا، بنسبة انخفاض عن الفترة نفسها من العام الماضي تقدر بحوالي 70%، إذ كان عددهم  في 2015، يبلغ 728 ألف و942 سائحًا.

مليارات ضائعة

بعد أيام قليلة من انقضاء السنة المالية 2015/ 2016، تحدث وزير المالية، عمرو الجارحي، بنبرة تشاؤمية عن عائدات السياحة خلال ذلك العام، قائلاً إن ما مُنيت به في 10 أشهر منذ حادث الطائرة الروسية، هو أسوأ الخسائر خلال 15 عامًا.

ويدلل على مدى سوء النتائج المترتبة على نكبة الطائرة، إعلان وزير السياحة السابق هشام زعزوع، في مقابلة صحفية في يناير/ كانون ثان الماضي، أن خسائر القطاع منذ الحادث، بلغ 2.2 مليار جنيه مصري شهريًا، واعتبرها "الخسارة الأكبر على قطاع السياحة في مصر منذ 20 عامًا"، بينما قدّر رئيس الوزراء شريف إسماعيل، في مارس/ آذار الماضي، تراجع عائدات القطاع منذ الحادث بحوالي 1.3 مليار دولار.

وقدّر "الجارحي"، في مؤتمر صحفي انعقد أوائل أغسطس/ آب الماضي، نصيب السياحة من الدخل القومي، خلال السنة المالية المُنقضية، بحوالي 4.5 مليار دولار، مقارنة بـ6.1 مليار دولار في السنة المالية 2014/ 2015.

لكن تقديرات وزير المالية على تشاؤمها، كانت أفضل بكثير من الرقم الدقيق لعائدات السياحة خلال السنة المالية 2015/ 2016، والذي تبين أنه 3.77 مليار دولار، ليُسجل القطاع خسارة عن في إيرادته عن السنة المالية 2014/ 2015، تُقدر بنسبة 50% تقريبًا.

 

إحصاء بتعداد السائحين القادمين لمصر 

وكانت لتلك الخسائر مؤشرات، بدا أحدها في إعلان وزارة السياحة، في أبريل/ نيسان الماضي، عن انخفاض عائداتها خلال الربع الأول من عام 2016، إذ بلغ 500 مليون دولار فقط، حصيلة وفود 1.2 مليون سائح فقط للبلاد، بينما كانت قيمتها في الربع الأول من 2015 تقدر بـ1.5 مليار دولار، حصيلة زيارات 2.2 مليون سائح.

السيسي يتدخل

اتخذت الأجهزة المصرية، على اختلاف مستوياتها من الرئاسي إلى الوزاري، قرارات وإجراءات تتعلق بالسياحة، على أمل إنعاش هذا القطاع الذي كان يعمل به حوالي 4 ملايين شخصًا، تقلّصوا إلى النصف بسبب الكساد.

ودفعت الأوضاع المتدهورة في شرم الشيخ، العاملين في القطاع السياحي، سواء مرشدين سياحيين أو في الفنادق والبازارات، إلى بث شكواهم من التسريح والكساد وانحدار مستوى دخولهم، إلى الرئيس، بعد أشهر ثلاثة فقط من سقوط الطائرة، عبر مظاهرات إلكترونية، على هاشتاجات، منها "السياحة أمن قومي" و"أنقذوا العاملين بالسياحة" و"السياحة يا ريس".

على المستوى الرئاسي، أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي، في 9 أغسطس/ آب 2016، قرارًا جمهوريًا برقم 352 لسنة 2016، بإعادة تنظيم المجلس الأعلى للسياحة.

ونص القرار الرئاسي في أولى مواده، على أن يكون تشكيل المجلس "برئاسة رئيس الجمهورية وعضوية كل من رئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي"، وعدد من الوزراء، وذلك بعد أن كان برئاسة رئيس الحكومة.

وعلى المستوى الوزاري، أعلن وزير السياحة السابق، هشام زعزوع، على هامش مشاركته في فعاليات معرض "آي تي بي" في مارس/ آذار 2016، تقديم حوافز لشركات الرحلات الجوية المنخفضة التكلفة، لمواجهة تراجع حركة السياحة، وذلك بواقع 30 دولارا للمقعد، إذا كانت نسبة إشغال المقاعد على الطائرة بين 60% و90%.

وكان اللجوء لمثل هذه الخطوة أمرًا مستحدثًا بالنسبة للوزارة، التي أعلن رأسها أنها لم يكن لديها قط برامج تحفيزية لشركات الطيران وحدها.

وفي مقابلة مع وكالة "رويترز"، أبريل/ نيسان 2016، أعلن وزير السياحة الجديد يحيى راشد، أن مصر تستهدف جذب 12 مليون سائح بنهاية عام 2017، وذلك عبر خطة تتمحور حول 6 نقاط، أبرزها "توسيع قطاع الطيران المحلي وتعزيز عمل الشركة الوطنية في عدد أكبر من البلدان، وتنظيم برنامج للأنشطة الترفيهية في كل المناطق السياحية، وتطوير البنى التحتية وتسهيل التنقل بين المناطق السياحية، وتسهيل وسائل الاتصالات، وتحسين الفنادق". 

وبينما يتأهب عام 2016، الأصعب على السياحة المصرية منذ عقد كامل على الأقل، يأتي فريق التفتيش الروسي لتفقد المطارات المصرية، وتسبقه الشركات البريطانية للسياحة في إبداء رغبتها في العودة إلى مصر، بعد لقاء جمع ممثلين عنها بالسفير المصري في لندن، وأيام قليلة من إصدار "القاهرة" قرارات اقتصادية، على رأسها تعويم الجنيه، سعيًا خلف قرض من صندوق النقد الدولي، تعاقدت عليه من أجل قطاعات أخرى بجانب السياحة.