يوميات صحفية برلمانية| تمرير "الهيئات القضائية" وسط مشادات وانسحابات

منشور الأربعاء 26 أبريل 2017

كما هو متوقع وافق مجلس النواب "نهائيا" على مشروع قانون الهيئات القضائية، المقدم من النائب أحمد حلمي الشريف، وكيل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بالمجلس، وذلك رغم تحفظ لجنة الفتوى والتشريع في مجلس الدولة المنوط بها مراجعة القانون والتأكد من عدم وجود شبهة مخالفة دستورية، ورغم تلقي البرلمان اعتراضات عدد من الهيئات القضائية.

وعقب تمرير القانون ظل بعض النواب الذين انسحبوا من الجلسة العامة حوالي ساعة في مكتب رئيس المجلس، وبعدها، عقدوا مؤتمرًا صحفيًا شاركت فيه النائبة آمنة نصير، وهي من النواب الذين انسحبوا اعتراضًا على تمرير قانون الهيئات القضائية. 

وألقى النائب أحمد الشرقاوي بيانا باسم تكتل 30/25 والنواب المنحسبين، أعربوا فيه عن مخاوفهم من استمرار طريقة التصويت "التي تخالف الدستور واللائحة". وعبروا عن خشيتهم من تمرير "اتفاقيات" بنفس الطريقة التي تم تمرير هذا القانون بها. وأوضح البيان أن 35 نائبًا تقدموا وفقا للائحة بطلب مكتوب للتصويت على مشروع الهيئات القضائية بالإسم، وهو الطلب الذي تجاهله رئيس المجلس.

من بين النواب المعترضين على القانون كذلك، مصطفى بكري، لكنه لم ينسحب من الجلسة واكتفى بتقديم مذكرة لرئيس المجلس فصّل فيها أسباب رفضه للقانون.

                        

من مذكرة النائب مصطفى بكري المقدمة لرئيس المجلس اعتراضا على القانون 

كواليس التمرير

 

- كانت البداية من اجتماع اللجنة التشريعية صباح اليوم، التي رفض رئيسها، بهاء أبو شقة، الاحتكام لتصويت النواب بشأن مصير مشروع القانون، أو الرجوع للتقارير المرسلة للجنة من الهيئات القضائية، ولم يستمع لمطالب النواب الداعين للمناقشة.

ورفع أبو شقة اجتماع اللجنة الذي انتهى بخلافات حادة بين النواب وبعضهم البعض، وسط مطالب نواب بإعادة المناقشة بشأن مشروع القانون، فيما أصر نواب آخرون على عدم المناقشة وإحالة الأمر للجلسة العامة.

 وقال النائب علاء عبد المنعم خلال كلمته في اجتماع اللجنة: "المادة 185 من الدستور تُلزم البرلمان بأخذ رأي الهيئات القضائية قبل الموافقة على القانون، فقاطعه النائب صلاح حسب الله قائلا "قبل الإصدار". الطرح الذي قاله صلاح حسب الله في مقاطعته لعلاء عابد، لا يخالف الإجراء المنصوص عليه دستوريًا ويحاول حسب الله من خلاله أن يحيل مسؤولية أخذ رأي الهيئات القضائية للرئاسة المخولة دستوريًا بإصدار القانون.

 استكمل عبد المنعم حديثه بعد مقاطعة حسب الله له قائلاً: "ما حدث مخالفة صريحة لنص المادة 185 من الدستور، ونحن ندخل في صدام غير مبرر مع الهيئات القضائية التي رفضت هذا القانون". وأضاف عبد المنعم "هم لم يرفضوا من قبيل العناد... المادة 119 من الدستور تجعل رئيس مجلس القضاء منوطًا بمحاكمة رئيس الجمهورية بتهمة الخيانة العظمى، والقانون يجعل اختيار رئيس هذه الهيئة في يد رئيس الجمهورية. هل يُستساغ أن يختار رئيس الجمهورية من يحاكمه؟ هذا أمر مختل، لا تملك السلطة التنفيذية التدخل في السلطة القضائية، أحذِّر: هذا المشروع يُدخل البلاد في أزمة دستورية بين السلطتين التشريعية والقضائية".

لم يترك النائب مرتضى منصور الفرصة دون الرد على خصمه –علاء عبد المنعم- وقال: "سمعت رأي مغلوط [يقول] كيف يعيّن الرئيس من يحاكمه؟ تعيين معاون النيابة يتم من خلال قرار رئيس الجمهورية، ترقية قاضي تكون عبر قرار رئيس الجمهورية، عبد المجيد محمود النائب العام الأسبق عينه مبارك، ورغم ذلك أمر بحبسه (حبس مبارك) وأحاله للمحاكمة ". فقاطعه النواب: "بعد الثورة"، فرد منصور "الفوضى".

واستمر السجال بين النواب فوضى أم ثورة نحو نصف دقيقة، ووجه مرتضى منصور حديثه للنائب محمد عطا سليم يطالبه بالسكوت وقال له "إنت بالع راديو".

 واستكمل منصور رأيه في كيفية التعامل مع مشروع قانون الهيئات القضائية، وقال: "رأي الهيئة القضائية هو رأي استشاري، مجلس الدولة فيه مشكلة إنه يراجع صياغة القانون، كان يجب أن يمتنع عن أن يقول رأيه".

من جهته قال النائب صلاح حسب الله"نحن لسنا في نزاع بين سلطات. السلطة القضائية نقدرها"، وأشار إلى أن مشروع القانون عُرض على الهيئات القضائية في صورته الأولى وعرضه المجلس عليها مرة أخرى قبل إصداره، نافيًا وجود أية شبهة دستورية في هذا الأمر.

وما حدث أن المجلس أرسل المسودة الأولى للقانون إلى الهيئات القضائية بالفعل، وأرسلت الهيئات القضائية للمحاكم الكبرى برفض المسودة، فأدخل النواب بعض التعديلات عليها، لكنهم لم يعاودوا إرسالها بعد التعديل لأخذ رأي الهيئات القضائية فيها.

 النائبة سوزي ناشد قالت "نحن أصحاب الاختصاص الأصيل في التشريع، ورأي مجلس الدولة استشاري". وتساءلت: "ما يضرنا في دعوة الهيئات القضائية والوصول لصيغة توافقية وننهي الصدام؟" وأضافت "من أجل سلامة الدولة المصرية وعدم وجود أي شبهة نزاع، لنصل لصيغة توافقية".

مصطفى بكري استنكر الطريقة التي يتم بها إخراج المشهد وقال: "بغض النظر عن الملاحظات التي وردت بشأن القانون والرد عليها، ما نشهده هذه الأيام هو حشد قوى أصيلة في المجتمع ضد النظام"، مشيرا إلى مشروعي قانوني الأزهر والقضاء.  وأضاف "كان يجب أن نتحاشى ذلك، نحن نشحن قضاة مصر للاصطدام بنا، مع أن ممكن ننفذ ما نريده بطريقة أخرى". وعدد بكري الطرق التي يمكن من خلالها تحقيق "ما يرغب فيه البعض" مثل تعيين شخص ما محافظ، أو استخدام قانون مجلس الدولة لتغيير قيادته.

وقال "لدينا قانون السلطة القضائية ومجلس الدولة، عايز أمشِّي فلان أعينه محافظ. نبص بعمق سياسي ووعي سياسي، ما يجري يقود لصدام بلا حدود. مصلحة الدولة فوق كل اعتبار".

- مع بدء الجلسة العامة ألحق رئيس المجلس علي عبد العال قانون الهيئات القضائية  بجدول الأعمال، ودعى الموافقين على مشروع القانون للتصويت وقوفا.

وكانت نبرة صوت عبد العال حاسمة حازمة عالية، وكأنه يوجه رسالة ما مع مشهد وقوف النواب، وإعلانه موافقة أغلبية النواب على مشروع القانون، وبدا المشهد وكأن تمرير هذا القانون انتصار للمجلس، في الوقت الذي يتوقع فيه البعض أن يكون بداية صدام بين السلطتين التشريعية والقضائية.

- بعد إعلان رئيس المجلس الموافقة النهائية على مشروع القانون، وقف نواب تكتل 25/30  معترضين على طريقة التصويت وطالبوا بالكلمة، وسط مزاح عبد العال معهم: "ما تسمعوش كلام خالد يوسف هو جاي رايق انهاردة".

انسحب بعدها نواب التكتل من القاعة وتوجهوا لمكتب رئيس المجلس للاعتصام به، وقال النائب خالد شعبان إنهم يعترضون على طريقة التصويت، وسيعتصمون لحين تطبيق التصويت الإلكتروني. ولفت إلى ضرورة موافقة ثلثي الأعضاء على مشروع القانون وليس مجرد حضورهم، مما يتطلب الاحتكام للتصويت الإلكتروني.

ومن النواب المنسحبين عماد جاد، نادية هنري، هيثم الحريري، محمد عبد الغني، وأحمد الطنطاوي، وخالد عبد العزيز شعبان، وضياء الدين داوود، ومعهم آمنة نصير.

المضحك هو عودة شعبان لمقعده مرة أخرى في الجلسة ذاتها خلال مناقشة قانون الرياضة.

- في سياق تمرير القوانين أيضا، وافق المجلس نهائيا على نص تعديل بعض أحكام قوانين الإجراءات الجنائية وحالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، وكذلك تعديلات قانون 8 لسنة 2015 في شأن تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين، ومكافحة الإرهاب الصادر بالقانون 94 لسنة 2015، وذلك بعد موافقة مجلس الدولة.