برخصة المشاع الإبداعي: Hossam el-Hamalawy، فليكر
صورة أرشيفية لجنود أمن مركزي يحاصرون نقابة الصحفيين في القاهرة، يونيو 2007

"العفو الدولية" للسلطات المصرية: أوقفوا حملة القمع ضد المحتجين على الأزمة الاقتصادية

سارة الحارث
منشور الثلاثاء 14 مايو 2024 - آخر تحديث الثلاثاء 14 مايو 2024

قالت منظمة العفو الدولية إن السلطات المصرية "كثفت حملتها القمعية ضد المحتجين، والعمال المضربين، والأشخاص الذين يعبِّرون عن انتقاداتهم على الإنترنت إزاء كيفية تعامل السلطات مع الأزمة الاقتصادية".

وتحت عنوان "أوقفوا حملة القمع ضد مَن يعبّرون عن همومهم بشأن الأزمة الاقتصادية"، أوضحت المنظمة في بيان، الاثنين، أنها وثقت 4 حالات "احتجاز تعسفي" لأفراد من محافظات الدقهلية والشرقية والجيزة "اشتكوا من ارتفاع الأسعار عبر السوشيال ميديا في الفترة من يناير/كانون الثاني ومارس/آذار 2024".

وشهدت الفترة الأخيرة حالة استنكار بسبب ارتفاع أسعار المعيشة بشكل عام والمواد الغذائية تحديدًا، إذ أكدت المنظمة أن "الأزمة الاقتصادية المستمرة في مصر" أدت إلى "تردي الظروف المعيشية لعشرات الملايين" الذين يعيشون بالفعل "في فقر أو معرضين لخطر الفقر".

وفي فبراير/شباط الماضي، ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 48.5% مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، في حين بلغت نسبة التضخم السنوي 36%، وفق الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، الذي استشهدت ببيانه "العفو الدولية".

وأوضحت أن السلطات "أخفت الأربعة قسريًا لفترات تتراوح بين يومين و9 أيام، أثناء احتجازهم في مكاتب قطاع الأمن الوطني، في مدن المنصورة والزقازيق و6 أكتوبر"، حتى عرضهم على نيابة أمن الدولة العليا، واصفة التهم الموجهة لهم بـأنها "ملفقة وتتعلق بالإرهاب ونشر أخبار كاذبة"، ولا يزال الأربعة رهن الحبس الاحتياطي، وفق المنظمة الدولية.

العفو الدولية نقلت عن موظف لم تكشف عن هويته يعمل في شركة خاصة لم تسمها "قُبض عليه في 14 مارس من مكان عمله في الجيزة، لنيابة أمن الدولة العليا"، أنه اعتُقل "لمجرد نشره فيديو على فيسبوك يشكو فيه من ارتفاع تكلفة أدوية والدته".

وقبل نهاية الشهر الماضي، أكد رئيس شعبة الأدوية بالاتحاد العام للغرف التجارية الدكتور علي عوف لـ المنصة ارتفاع أسعار نحو 60 صنفًا "بين مسكنات ومضادات حيوية وأدوية ضغط".

لم يتجاهل تقرير منظمة العفو أزمة عمال غزل المحلة، وأكد أن "حملة الأمن طالت العمال المضربين"، مشيرة إلى الإضراب الذي بدأ في 22 فبراير/شباط الماضي، للمطالبة بتطبيق الحد الأدنى للأجور.

ونقلت عن دار الخدمة النقابية والعمالية قولها إن "قطاع الأمن الوطني استدعى خلال الإضراب نحو 28 عاملًا، واستجوبهم دون حضور محامٍ، واحتجزهم بمعزل عن العالم الخارجي لفترات تتراوح بين يوم و3 أيام. وأُفرج عنهم جميعًا باستثناء عاملين أُحيلا إلى نيابة أمن الدولة العليا التي فتحت تحقيقات ضدهما بتهم ملفقة (الانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة). ولا يزالان رهن الحبس الاحتياطي".

وخلال إضراب عمال غزل المحلة استدعى جهاز الأمن الوطني بمحافظة الغربية العشرات من عمال وعاملات الشركة إلى مقر الجهاز بمدينة طنطا، وطالبهم بفض الإضراب، وتكررت الواقعة لعدة أيام، حتى وصل العدد الذي استدعي لأكثر من مائتين، حسب عمال تحدثوا في وقت سابق لـ المنصة.

وفيما يخص التعرض للاحتجاجات السلمية، استشهدت المنظمة باحتجاج نظمه عشرات المواطنين في حي الدخيلة بالإسكندرية، في مارس، تنديدًا بارتفاع تكاليف المعيشة، وانتهى إلى فض الأمن له والقبض على عدد من المشاركين.

"من بين المقبوض عليهم من التظاهرة كان ضابط صف بالجيش، أُخفي قسريًا لمدة 5 أيام على الأقل قبل إحالته إلى المحكمة العسكرية بالإسكندرية"، حسب مصادر مطلعة لم تفصح عنها العفو الدولية، مشيرة إلى صدور حكم عليه في 23 أبريل/نيسان الماضي "بالسجن لمدة 8 سنوات وأمرت بطرده من الجيش، ولم يُكشف علنًا عن التهم الموجهة إليه".

هذا المستوى من التعقب للمعترضين على السوشيال ميديا "ليس جديدًا، لأن السلطات المصرية لسنوات طويلة تمارس عمليات قبض تعسفي لأشخاص فقط مارسوا حقهم في حرية التعبير، من خلال نشر محتوى معارض للحكومة"، حسبما قال باحث مصر بمنظمة العفو الدولية محمود شلبي لـ المنصة.

شلبي أوضح أن السلطات المصرية توظف "نفس التكتيكات القمعية لإسكات هؤلاء الذين فقط يمارسون حقهم في حرية التعبير من خلال مشاركة همومهم أو ملاحظاتهم على أداء الحكومة في ظل الأزمة الاقتصادية". 

وأشار إلى أن "الإغلاق الكامل" خلال الأزمة الاقتصادية يؤكد أن "السلطات لن تغير مسارها وتفتح المجال العام، لكن ستستمر في قمع الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي في مواجهة الشكاوى الاقتصادية".

أما نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية سارة حشاش، فقالت في بيان المنظمة إن الحكومة المصرية "تلجأ مجددًا إلى الأساليب القمعية لسحق أدنى شكل من أشكال المعارضة، سواء كانت احتجاجًا سلميًا أو إضرابات عمالية أو مجرد تنفيس الناس عن إحباطهم في منشور على السوشيال ميديا"، موضحة "يجدر بالحكومة اتخاذ خطوات فعالة للإيفاء بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين، بمن فيهم أولئك الذين يعانون من وطأة الأزمة الاقتصادية".

وشددت على "احترام الحقين في حرية التعبير والتجمع السلمي"، مطالبة بـ"الإفراج فورًا عن جميع المحتجزين تعسفيًا لمجرد ممارستهم لهذين الحقين".

وخلال الأشهر الماضية تصاعدت الاحتجاجات العمالية، ففي 20 سبتمبر/أيلول الماضي 2023، دخل عمال شركة لينين جروب للمنسوجات بالإسكندرية في إضراب عن العمل للمطالبة بتعديل جدول الأجور بما يتناسب مع ارتفاع معدلات التضخم، وفي 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 أضرب 400 عامل من شركة كيرسرفيس بمعسكر القوة متعددة الجنسيات والمراقبين في سيناء "حفظ السلام" في مدينة شرم الشيخ، عن العمل، للمطالبة بتعديل رواتبهم أيضًا.

كذلك الأمر في الشركة التركية للملابس "تي آند سي" بمدينة العبور، وعمال "مطاحن الخمس نجوم" لإنتاج الدقيق والأعلاف بمنطقة العين السخنة في محافظة السويس، وعمال وعاملات شركة ليوني وايرينج سيستمز لتصنيع الضفائر الكهربائية للسيارات، وغيرهم.

وفي 26 أبريل الماضي، استدعي عشرة عمال من محصلي الفواتير وقارئي العدادات بنظام العمولة في شركة مياه الشرب بالجيزة، إلى أقسام الشرطة التابعين لها على خليفة مشاركتهم في احتجاج لتعديل رواتبهم.