الهيئة العامة للاستعلامات
محكمة جنايات أمن الدولة العليا تقضي ببراءة 16 متهمًا في قضية "الجوكر"، 18 فبراير 2024

بعد رصد 129 قضية.. قلق حقوقي من استمرار إحالة مئات المتهمين لمحاكم الإرهاب

محمد نابليون
منشور الثلاثاء 4 فبراير 2025

أعربت المفوضية المصرية للحقوق والحريات عن "قلقها" من التوسع في إحالة القضايا ذات الطابع السياسي إلى المحاكم، بدلًا من اتخاذ خطوات جادة نحو الإفراج عن السجناء كخطوة لإنهاء ملف الحبس الاحتياطي الممتد دون مبرر قانوني، ما يعد انتهاكًا واضحًا لحقوق الإنسان، حسب بيان المفوضية.

وأشارت، في بيان اليوم، إلى أن جميع القضايا التي تم تحديد جلسات لها ستنظر أمام دائرتين فقط من دوائر الإرهاب، مع تولي دائرة واحدة مراجعة الأحكام الصادرة. وقالت "هذا التكدس المتوقع يثير مخاوف جدية بشأن قدرة هذه الدوائر على التعامل مع العدد المتزايد من القضايا، مما قد يؤدي إلى تأخير إضافي في المحاكمات ويخل بضمانات المحاكمة العادلة".

وكشفت المنصة منتصف الشهر الماضي عن أزمة كبيرة يواجهها المحامون العاملون بالقضايا التي تتولى نيابة أمن الدولة العليا التحقيق فيها، على خلفية إحالة النيابة نحو 100 قضية جديدة تضم آلاف المتهمين إلى المحاكمة أمام دائرتين فقط بمحكمة استئناف القاهرة مخصصتين لنظر قضايا الإرهاب، ما ينذر بتراكم القضايا لسنوات ودخول المتهمين في "دوامة حبس مطوّل"، حسب تصريحات ثلاثة من هؤلاء المحامين.  

ووفق البيان رصدت المفوضية قرارات إحالة نيابة أمن الدولة العليا 130 قضية للمحكمة، منها 95 قضية تمت إحالتها خلال 2024، و35 قضية أحيلت منذ بداية العام الحالي.

وكشف رصد المفوضية عن تفاوت ملحوظ بين بدء التحقيقات في القضية وإحالتها للمحاكمة، حيث تم إحالة 43 قضية للمحاكمة بعد فترة تراوحت بين يوم وعامين من بدء التحقيق فيها، و78 قضية أحيلت للمحاكمة بعد فترة تحقيق استمرت من 3 إلى 5 سنوات، وأخيرًا 9 قضايا أحيلت بعد أكثر من 5 سنوات من فتحها.

وفي تصنيف للقضايا حسب السنة القضية، توصلت المفوضية إلى أن القضايا المحالة تضم 4 من عام 2017، و5 لعام 2018، و10 لعام 2019، و23 لعام 2020، و45 لعام 2021، و34 لعام 2022، و5 لعام 2023، و4 لعام 2024، ما يشير إلى زيادة ملحوظة وكبيرة في القضايا في الفترة بين 2020 و2022.

وترى المفوضية أن قرارات الإحالة للمحاكمة "شكل من أشكال استهداف النشطاء السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين"، مطالبة بالإفراج الفوري عن المحبوسين السياسيين وسجناء الرأي والمدافعين عن حقوق الإنسان المحالين للمحاكمة، وإسقاط كافة الاتهامات الموجهة لهم، خاصة وأن بعضهم أحيلوا للمحاكمة في قضايا جرى تدويرهم عليها من داخل الحبس.

ومع مطالبتها بضمان المحاكمات العادلة والمنصفة لكل المتهمين المحالين للمحاكمة، شددت المفوضية على أن "تصعيد الإحالات إلى المحاكم، وخاصة إلى دوائر الإرهاب، يثير مخاوف بشأن ضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة، ويظهر تجاهلًا مستمرًا لدعوات الإفراج عن المحتجزين السياسيين، وخاصة أولئك الذين تجاوزت فترات حبسهم الاحتياطي المدد القانونية المنصوص عليها".

كما عبرت المفوضية عن مخاوفها من أن تكون الإحالة للمحاكمة خطوة جديدة لاستمرار حبس سجناء الرأي والسياسيين، ولكن بشكل مختلف بصدور أحكام ضدهم بدلًا من حبسهم احتياطيًا "الأمر الذي يدفعنا للتأكيد على ضرورة أن تكون المحاكمات منصفة وعادلة وبها مساحة واسعة للاستماع لما تعرض له السجناء من انتهاكات طوال سنوات حبسهم الاحتياطي".

وتشمل قائمة القضايا، قضية الباحث بالمفوضية المصرية إبراهيم عز الدين، الذي أحيل للمحاكمة بعد الإفراج عنه، وكذلك المحامي الحقوقي إبراهيم متولي، المحتجز منذ عدة سنوات، بالإضافة إلى المترجمة مروة عرفة، والصحفي كريم إبراهيم، والمصور التليفزيوني كريم سالم، والمصور الصحفي حمدي الزعيم.

في هذا الصدد، نقلت المفوضية عن الباحث بها إبراهيم عز الدين قوله "إحالتي إلى المحاكمة في مصر تأتي كدليل إضافي على أن النظام الحاكم لم يكتفِ بما تعرضت له من انتهاكات، سواء عبر سلب ثلاث سنوات من حياتي داخل السجون المصرية أو من خلال التعذيب الذي تعرضت له، بل يواصل سياساته القمعية عبر استخدام القضاء كأداة لتصفية أي صوت معارض، هذه المحاكمة ليست مجرد إجراء قانوني، بل هي جزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى تكميم الأفواه وإرهاب النشطاء والمدافعين عن الحقوق، حتى أولئك الذين يكرّسون جهودهم للدفاع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمصريين".

وتابع عز الدين "ما يحدث اليوم هو استكمال لمنظومة قمعية لا تتسامح مع أي رأي مخالف، حتى لو كان في إطار المطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية وضمان حياة كريمة للمواطنين، فبدلًا من الاستماع إلى الأصوات المطالبة بالإصلاح والعدالة الاجتماعية، يرد النظام بالمحاكمات والتضييق والسجن، مما يرسّخ قناعة راسخة بأن الإصلاح السياسي ليس ضمن أجندته، بل على العكس، يواصل ترسيخ قبضته الأمنية على كافة مناحي الحياة".

واعتبرت المفوضية أن هذه الممارسات لا تعكس فقط انعدام أي نية للإصلاح، بل تؤكد أن "النظام يسير في اتجاه أكثر استبدادًا، حيث لم يعد يكتفي بإسكات الأصوات المعارضة، بل يسعى إلى محوها تمامًا، في محاولة يائسة لإحكام السيطرة على المجتمع وتجريد المواطنين من أي أمل في التغيير أو العدالة".

وجددت المفوضية المصرية مطالبتها للسلطات المصرية باتخاذ خطوات عاجلة لغلق ملف الحبس الاحتياطي والإفراج عن جميع المحتجزين السياسيين.

وأواخر الشهر الماضي، أدانت 10 منظمات حقوقية، أمس، قرارات نيابة أمن الدولة العليا مؤخرًا، بإحالة مئات المواطنين المحتجزين منذ فترات طويلة، تجاوز بعضها 6 سنوات، إلى محاكم الإرهاب، بدلًا من الإفراج الفوري عنهم، واصفةً ذلك الإجراء بـ"محاولة لطمس الانتهاكات الخطيرة التي شابت التحقيقات معهم واحتجازهم التعسفي المطول في قضايا ذات طابع سياسي".