حساب وزارة الخارجية السعودية على إكس
القمة العربية الإسلامية الطارئة في الدوحة، 15 سبتمبر 2025

"محلك سر".. خبراء: بيان القمة العربية الإسلامية تقليدي ولم يأتِ بجديد

محمد الخولي
منشور الاثنين 15 أيلول/سبتمبر 2025

تستضيف الدوحة، اليوم الاثنين، قمة عربية إسلامية طارئة إثر هجوم شنه جيش الاحتلال الإسرائيلي بطائرات حربية، الثلاثاء الماضي، مستهدفًا قيادات الصف الأول لحماس، بينهم خليل الحية وزاهر جبارين وخالد مشعل، أثناء اجتماعهم في العاصمة القطرية، ما أسفر عن مقتل خمسة أفراد من الحركة بينهم نجل رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية، إضافة إلى سادس من الأمن القطري.

سبق القمة اجتماع تحضيري أمس الأحد، حضره وزراء خارجية الدول العربية والإسلامية، أقر مشروع بيان ختامي من المقرر أن يعتمده القادة اليوم في نهاية فعاليات القمة، التي انطلقت أعمالها في الدوحة في الثالثة والنصف عصر اليوم، ركز على إدانة الهجوم على قطر والتضامن معها دون أي إجراءات عقابية.

وفي الأثناء، هدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الاثنين، بشن المزيد من الضربات على قادة حماس "أينما كانوا".

واعتبر أستاذان للعلوم السياسية، أحدهما مصري والثاني فلسطيني، أن مشروع بيان القمة خلا من لغة "التهديد" وكرر الإدانات والشجب للمارسات الإسرائيلية بما يجعله "بيانًا تقليديًا" أبقى الوضع كما هو "محلك سر"، فيما أوضح السفير حسام زكي، الأمين العام المساعد للجامعة العربية، أن الهدف الرئيسي من القمة إرسال رسالة بأن "هناك تأييدًا واسعًا لدولة قطر في مواجهة العدوان الأخير".

وركز مشروع البيان الختامي على محاور رئيسية، هي إدانة العدوان الإسرائيلي على قطر، والتأكيد على أن الهجوم يمثل خرقًا للقانون الدولي واستهدافًا مباشرًا للجهود الدبلوماسية والوساطات العربية والإسلامية.

كما ركز على التضامن الكامل مع قطر، وإظهار وحدة الصف في مواجهة أي عدوان، والتأكيد على أن الدفاع عن قطر واجب عربي وإسلامي جماعي، مشددًا على رفض محاولات ضم الأراضي الفلسطينية وتهجير السكان.

غياب العقوبات

يرى أستاذ العلوم السياسيّة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسيّة بجامعة القاهرة أحمد يوسف أحمد أن مشروع البيان يعبر بوضوح عن حالة "محلك سر"، فلا جديد يقدمه رغم ما به من إدانات واضحة.

وأشار إلى أن البيان "تتضح فيه لغة الإدانة وبشدة لكن يغيب عنه لغة العقوبات أو التهديد"، لافتًا إلى أن مشروع البيان المتداول لا يقدم أي جديد يذكر، ولا يوجد به ما يردع الاحتلال الإسرائيلي ليوقف جرائمه في المنطقة.

ومن جانبه يعترف الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي بأن "القمة الحالية لا تختلف من حيث المضمون عن قمة سابقة، لكنها تركز هذه المرة على موقف سياسي مهم في مواجهة العدوان الإسرائيلي، وليس على اتخاذ إجراءات عملية مباشرة". وقال إن "مخرجات القمة تعكس التوافق بين الدول المشاركة، حتى وإن لم ترق إلى مستوى طموحات الشارع العربي".

وأضاف في مقابلة مع الجزيرة  "لا أعتقد أننا بصدد إجراءات عملية بقدر الحاجة إلى اتخاذ موقف سياسي جامع في مواجهة العدوان الإسرائيلي".

ولفت زكي  إلى أن الأجواء "غير مواتية" حاليًا لتفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك، موضحًا أن "تفعيل أي اتفاقيات من هذا النوع يعني أنك وصلت إلى تعريف لعدو مشترك".

وأشار إلى أن "العدو المشترك بالمفاهيم السياسية يمكن أن يختلف عن العدو المشترك بالمفاهيم العسكرية، فالمفاهيم العسكرية لها آليات مختلفة ومنطق مختلف وطريقة تحرك مختلفة".

وكانت مصر والأردن وسوريا والعراق والسعودية ولبنان واليمن وقعت عام 1950 بالقاهرة "اتفاقية الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي"، واستمر انضمام بقية الدول العربية تباعًا للاتفاقية، ومن بينها قطر.

وتتضمن الاتفاقية 13 بندًا، وتتلخص في اعتبار أي عدوان على أي دولة موقعة على البروتوكول عدوانًا على باقي الدول، وأي مساس بدولة من الدول الموقعة على البروتوكول يعتبر مساسًا صريحًا بباقي الدول الموقعة على البروتوكول.

ومن جانبه وصف أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس أيمن الرقب مشروع البيان الختامي للقمة بـ"المتوقع والنمطي"، معتبرًا في حديث لـ المنصة أنه "تقليدي ومحافظ ولم يخرج عن نمطية بيانات القمم السابقة". 

أمر تقليدي

وأوضح الرقب أن مشروع البيان أدان وشجب واستنكر فقط "وهذا أمر أصبح عاديًا في كل القمم السابقة، ولكن أيضًا مع قراءة المشروع بشكل متأنٍ يمكن أن نجد به شيئًا ما بين السطور، فعندما يتم تشكيل لجان لوضع استراتيجية جديدة، أعتقد هذا الأمر بالتأكيد قد يكّون رؤية حول قرارات عديدة". 

وتابع "بشكل عام القرارات الصعبة لا تؤخذ مرة واحدة، خاصة في ظل عدم قوة الجبهة العربية والإسلامية بشكل كبير جدًا ونضوج القرارات. وبالتالي نحن بحاجة إلى مزيد من الوقت حتى تصبح هذه الأمور سهل اتخاذها"، مشيرًا إلى أن "هذا شيء طبيعي، لأن الأمور تؤخذ بالتراكم وليس دفعة واحدة في ظل منطقية الواقع وطبيعته".

وعما ينقص البيان، أشار الرقب إلى الكثير من الملفات من بينها اتفاقيات السلام بين الاحتلال الإسرائيلي والدول العربية والإسلامية، لافتًا إلى ضرورة "دراسة نقاط الضعف والقوة في هذه الاتفاقيات وإلغائها، وهو ما يعني إعلان حالة الحرب، وهذا غير وارد اليوم بشكل أو بآخر"، مضيفًا أنه "يمكن الحديث من خلال اللجان التي ستشكل، عن تقليص هذه العلاقة".

ومن بين الملفات التي يرى الرقب ضرورة طرحها الآن العلاقات العربية والإسلامية مع الولايات المتحدة الأمريكية، ووجود القواعد الأمريكية في المنطقة بالتحديد في الخليج، مشددًا على أنه أمر يحتاج إلى مراجعة، "طبعًا هذا الأمر لن يُدرج أيضًا في هذه القمة، ولكن بالإمكان بعد ذلك أن تناقشها هذه الدول على حدة".

ولفت الرقب إلى ضرورة الانفتاح على شراكات دولية جديدة، موضحًا أن "عددًا من الدول العربية والإسلامية الآن هم أعضاء في منظمتي بريكس وشنجهاي"، وهاتان المنظمتان "قوة اقتصادية وأمنية وسياسية"، مشيرًا إلى أنه بالإمكان أن يكون هناك زيادة لتحالفات الدول العربية والإسلامية.

وتأسست مجموعة دول بريكس من أربع دول؛ البرازيل وروسيا والهند والصين، كونها اقتصادات سريعة النمو وقادرة على أن تصبح قوى اقتصادية عالمية بحلول عام 2050، وعقدت أول قمة للمجموعة في مدينة يكاترينبورج الروسية عام 2009، وبعد عام واحد دُعيت جنوب إفريقيا للانضمام إلى الكتلة، ثم تضاعفَ عدد دول مجموعة بريكس اليوم ليصل إلى 10 دول، ومن الدول العربية الأعضاء في المجموعة مصر  والإمارات والسعودية، ومن بين الدول الإسلامية المشاركة في المجموعة إيران وإندونيسيا.