تصاعدت حركة نزوح المدنيين، مساء أمس الأربعاء، من مدينة غزة وشمال القطاع عبر شارع الرشيد الساحلي غرب المدينة، بعد تعذر مرور الشاحنات والعربات من شارع صلاح الدين شرقًا، الذي أعلن جيش الاحتلال عن فتحه لمدة 48 ساعة، وذلك بسبب كثافة القصف المدفعي وتفجير المباني في أحياء تل الهوى والزيتون وشارع 8، وهي الطرق المؤدية إلى المسار الشرقي.
وقال فضل زلوم، سائق شاحنة، لـ المنصة، إن شارع صلاح الدين مزدحم بكافة أنواع وسائل النقل وكذلك بالنازحين مشيًا، مضيفًا أنه كان ينوي المرور من المسار الثاني شرقًا، لكنه لم يستطع ذلك بسبب القصف المستمر على طول الطريق المحدد في بيان وخارطة جيش الاحتلال.
وأشار السائق إلى أن العديد من السائقين اضطروا للمرور من الطريق الغربي، على الرغم من الازدحام وتعطل بعض المركبات على الطريق، في وقت كان ينوي العديد منهم سلوك المسار الشرقي للوصول خلال وقت أقل ولتخفيف الضغط.
تصاعد موجات النزوح إلى الجنوب نتيجة اشتداد القصف في مدينة غزة، 17 سبتمبر 2025وقال السائق عبد سرداح لـ المنصة، إن طريق النزوح من مدينة غزة إلى وسط القطاع يحتاج إلى أكثر من 7 ساعات بسبب الازدحام الشديد، بينما كانت ذات الطريق تحتاج أقل من ساعة لاجتيازها في الوقت الطبيعي.
وأضاف "جيش الاحتلال ادعى فتح طريق ثانٍ، لكن على أرض الواقع الطريق كلها قصف وتفجيرات وخطيرة جدًا، كيف بدنا نغامر بروحنا وبأرواح الناس واحنا طالعين من تحت القصف والموت".
وفي سياق متصل، ارتكب جيش الاحتلال عدة مجازر جديدة بحق المدنيين في مدينة غزة، بينها استهداف بطائرة استطلاع للشارع الجنوبي لمستشفى الشفاء ما أدى إلى مقتل 13 شخصًا، من بينهم المصور الصحفي بقناة القدس اليوم، محمد الصوالحي، الذي كان يسير في الشارع بجوار مقر عمله.
وبمقتل الصوالحي يرتفع عدد الصحفيين القتلى منذ بدء الحرب إلى 252 صحفيًا وصحفية، نتيجة استهدافهم المباشر أو خلال عملهم، وفق المكتب الإعلامي الحكومي.
كما شملت الغارات الإسرائيلية منازل مأهولة في مخيم الشاطئ وشارع الجلاء وتل الهوى وحي الدرج، ما أسفر عن وصول نحو 80 ضحية وعشرات الجرحى إلى مستشفيات غزة، بحسب مصدر طبي في وزارة الصحة لـ المنصة.
وأفاد مصدر صحفي لـ المنصة، بأن الاحتلال قصف ثلاثة منازل متجاورة في مخيم الشاطئ، موقِعًا أكثر من 12 قتيلًا، فيما استهدف منزلًا في شارع الجلاء، ما أدى إلى مقتل رجل مسن وإصابة آخرين، بينما لا يزال أكثر من عشرة مفقودين تحت الأنقاض.
وأضاف المصدر "طواقم الإسعاف خاطرت بالوصول إلى المنزل، حيث يتواجد جيش الاحتلال ويتمركز بدباباته شمال شارع الجلاء في منطقة تبعد قرابة كيلو متر واحد عن المنزل، لكنهم لم يتمكنوا من انتشال باقي الضحايا من تحت الأنقاض".
وأكد شاهد عيان لـ المنصة، تقدم الآليات العسكرية الإسرائيلية عبر حي الصفطاوي إلى شارع الجلاء شمال غزة، حيث دمرت مبانٍ سكنية وأطلقت عشرات القذائف، ما اضطر عشرات العائلات إلى إخلاء منازلها تحت القصف.
ورغم موجات النزوح، لا تزال مئات العائلات تصر على البقاء. وقال رامي نور الحق، 47 عامًا، لـ المنصة "جرّبنا النزوح أكثر من عام في الخيام وفقدنا كرامتنا، الموت أهون من الخروج مرة أخرى".
تصاعد موجات النزوح إلى الجنوب نتيجة اشتداد القصف في مدينة غزة، 17 سبتمبر 2025وأكد عرفات حمودة، 56 عامًا، صموده في منزله غرب المدينة، قائلاً "غزة كبيرة، والاحتلال يحتاج وقتًا طويلًا ليتوغل بالكامل، وأنا وفرت مواد غذائية تكفينا لفترة ولن أنزح".
ومنذ السابع من أكتوبر 2023 يتواصل العدوان الإسرائيلي على غزة، الذي ارتكب خلاله جيش الاحتلال مئات المجازر التي أسفرت عن مقتل نحو 65 ألف فلسطيني، وإصابة أكثر من 164 ألفًا آخرين، وفق البيانات الرسمية لوزارة الصحة الفلسطينية، كما مارس الاحتلال سياسة التجويع بفرض حصار شديد على إدخال المساعدات ما أسفر عن وفاة 413 شخصًا بينهم 143 طفلًا نتيجة المجاعة.
وفجر الثامن من أغسطس/آب الماضي، أقر المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية/الكابينت خطةً، اقترحها نتنياهو "للسيطرة العسكرية الكاملة" على مدينة غزة، ووقتها أعلن جيش الاحتلال أنه سيزود الفلسطينيين في قطاع غزة بخيام ومعدات إيواء استعدادًا لنقلهم من مناطق القتال إلى جنوب القطاع "حفاظًا على أمنهم".