تصميم سيف الدين أحمد، المنصة
المرحلة الثانية من الانتخابات البرلمانية، 25 نوفمبر 2025

بورصة لشراء الأصوات.. الرشاوى الانتخابية مستمرة

محمد الخولي صفاء عصام الدين محمد سليمان محمد نابليون
منشور الثلاثاء 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2025

لم تُغير المخالفات التي وثقها مرشحون وناخبون، أمس الاثنين، شيئًا في ثاني أيام المرحلة الثانية من الانتخابات البرلمانية.

شراء الأصوات والطوابير المصطنعة أمام اللجان مظاهر لم تميز هذه المرحلة فحسب، بل كانت امتدادًا لما شهدته المرحلة الأولى من الانتخابات نفسها، ومن قبلها انتخابات مجلس الشيوخ.

وفي جولة لـ المنصة في السيدة زينب وعابدين، بدا لافتًا الإقبال المحدود من الناخبين، وكان المشهد داخل لجان الاقتراع مغايرًا تمامًا للطوابير التي لا تتحرك أمامها، لا سيما أمام مدرستي الشيخ علي يوسف الابتدائية، ومدرسة الخديوي إسماعيل الثانوية العسكرية.

ومع غياب وسائل الإعلام والصحفيين عن تغطية المشهد الانتخابي أمام مدرسة السيدة زينب الثانوية بنات، عصر اليوم، افترش "الكومبارسات" من الشباب والفتيات المشاركين في الطابور المصطنع، الرصيف على جانبي الطريق المؤدي لمدخل المدرسة، في وقت خلت اللجان الانتخابية إلا من حضور محدود من الناخبين.

بورصة شراء الأصوات

استقر سعر الصوت الانتخابي في ثاني أيام المرحلة الثانية للانتخابات البرلمانية، حيث سجل 300 جنيه، وهو نفس سعره الذي رصدته المنصة أمس.

وفي جولة على عدد من المدارس التي تضم لجانًا انتخابية في حي المطرية، استمر غياب الناخبين، لكن مع اختفاء الطوابير المصطنعة هذه المرة التي ميزت عددًا من اللجان في مناطق أخرى.

وشهدت اللجنة الانتخابية بمدرسة أبطال العبور الابتدائية، هدوءًا واضحًا ولم تلحظ المنصة دخول أو خروج ناخبين، وهو الأمر الذي تكرر أمام مدرسة الشيماء الإعدادية بنات بخلاف توافد عدد من النساء كبار السن، وكذلك كان الوضع أمام مدرسة بورسعيد الخاصة.

لكن المشهد اختلف أمام مدرسة الشهيد مصطفى سيد فؤاد (الرشاد سابقًا)، إذ اصطف عدد من الشباب والرجال أمام اللجنة، في طابور مصطنع لا يتحرك دون أن يدخل أي منهم إلى مقر اللجنة. وكان أغلب الموجودين تابعين للمرشح عن حزب الجبهة الوطنية على المقعد الفردي اللواء علي الدمرداش، الذي اتخذ من محل أمام المدرسة مقرًا انتخابيًا له تجمعت أمامه بعض النساء.

وقالت أحلام حسن لـ المنصة إنها حضرت للتصويت بعد أن وعدها أنصار أحد المرشحين بالحصول على 300 جنيه، وأضافت خلال مغادرة المدرسة أنها ستذهب إلى أحد الشوارع القريبة للحصول على المبلغ.

وتجمع عدد من الأشخاص غالبيتهم من النساء أمام أحد المحال في شارع الورش، وقالت إحداهن لـ المنصة إنها حضرت للحصول على 300 جنيه مقابل تصويتها لأحد المرشحين. 

https://www.facebook.com/mhmd.zhran.471593/videos/1402259561423614

من جانبه، قال المرشح المستقل محمد زهران، في بث مباشر له اليوم، إن لديه فيديوهات تثبت دفع رشاوى انتخابية، مضيفًا أن أحد المرشحين اتخذ من دار مناسبات مسجد النور المحمدي مقرًا لتوزيع الرشاوى على الناخبين، مؤكدًا أنه سيتقدم بما لديه من فيديوهات إلى الهيئة الوطنية للانتخابات.

وتابع "الفلوس نزلت بالعبيط"، مؤكدًا "الفلوس قدام اللجان عيني عينك، والأوتوبيسات والعربيات وبتاع، الحل إيه؟ أنا مش هقدر أمنع 23 لجنة، والشوارع الجانبية، وتوزيع الفلوس في الشوارع الجانبية، لكن أقدر أعمل إيه؟ إن الناس المحترمة تنزل، لو 10% من المطرية نزلوا هيجيبوا اللي هم عايزينه".

تغيير مفاجئ في البساتين

شهدت لجان دائرة البساتين ودار السلام إقبالًا محدودًا، ورصدت المنصة استمرار حشد المواطنين في ميكروباصات إلى منطقة مجمع المدارس، بينما اختفت ملصقات المرشح علي عبد الونيس من على سيارات النقل بعد ظهورها بكثافة أمس، وظهرت بدلًا منها ملصقات تحمل الرقم 2، وهو رقم المرشح في كشوف الانتخابات.

ولاحظت المنصة كذلك غياب البطاقات التي حملها عدد كبير من الناخبين أمس، وكانت تتضمن أماكن لجانهم وأرقامهم وصور المرشحين الثلاثة محمود الشيخ عن حزب مستقبل وطن، وعلي عبد الونيس عن حزب حماة وطن، وإسلام أكمل قرطام عن حزب المحافظين، تحت عنوان "القائمة الوطنية". 

في المقابل، ظهر بوضوح حمل عدد من المواطنين أوراقًا متشابهة تحتوي على بياناتهم الانتخابية دون أي شعارات.

كما رصدت المنصة صفوفًا لعشرات المواطنين جالسين على الأرصفة وكراسٍ أمام مدرسة الفاروق 1 دون حراك لأكثر من ساعتين.

وقال رئيس إحدى اللجان بمدرسة الفاروق 2 إن 360 ناخبًا أدلوا بأصواتهم في اليوم الأول من أصل 10275 مقيدًا بكشوف اللجنة. 

وأضاف لـ المنصة، طالبًا عدم نشر اسمه، أن اللجان ستغلق أبوابها بعد انتهاء آخر ناخب من التصويت، ليبدأ بعدها الفرز في اللجان الفرعية تمهيدًا لنقل النتائج إلى اللجنة العامة للدائرة.

من جهته، قال المستشار خالد عبد العزيز، النائب السابق عن الدائرة والمرشح المستقل، الذي نشر أمس بثًا مباشرًا على فيسبوك، وثق خلاله ما وصفه بـ"التجاوزات" و"توجيه" الناخبين عبر "كوبونات" لاختيار مرشحي الأحزاب الثلاثة تحت شعار "القائمة الوطنية"، إنه قدم بلاغات رسمية إلى الهيئة الوطنية للانتخابات ووزارة الداخلية بشأن ما وصفه بـ"مخالفات جسيمة" شابت العملية الانتخابية في دار السلام والبساتين. 

وأوضح عبد العزيز لـ المنصة، خلال جولة بمنطقة مجمع المدارس، أن المخالفات تضمنت "الرشاوى الانتخابية" و"التدليس على المواطنين البسطاء" عبر إيهامهم بوجود قائمة "وطنية" تضم ثلاثة مرشحين، ووصف هذه الممارسات بأنها جريمة يعاقب عليها القانون.

وأضاف أنه تلقى ما يفيد بفتح تحقيق في البلاغات المقدمة، وأن الهيئة الوطنية للانتخابات أعلنت رصد مخالفات في دار السلام والبساتين يتم التحقيق فيها.

وأشار إلى انضمام أكثر من 135 محاميًا إليه لتشكيل فريق قانوني لمواجهة "هذا الوباء" في دار السلام ومصر الجديدة وغيرها من المناطق.

ويخصص لدائرة البساتين ودار السلام 3 مقاعد فردية بمجلس النواب، يتنافس عليها 20 مرشحًا، بينهم 3 ممثلين عن أحزاب مستقبل وطن وحماة وطن والمحافظين، و17 مستقلًا، بينهم سيدة واحدة.

صرخة مرشحة 

بعدما وثقت المرشحة عن حزب الإصلاح والنهضة بدائرة شبرا وروض الفرج وبولاق أبو العلا مونيكا مجدي في عدد من الفيديوهات المخالفات في دائرتها، وقالت إنها تستعد لتقديم شكوى للهيئة الوطنية للانتخابات تتضمن جميع المخالفات، استغاثت ظهر اليوم طالبة دعم المحامين والحضور لقسم شبرا عقب إلقاء القبض على والدتها وشقيقتها.

وقالت مونيكا مجدي لـ المنصة "بدأت في بث لايفات منذ أمس ومستمرة في توثيق جميع المخالفات وتقديم شكوى مجمعة".

وأشارت إلى وجود مجموعة من النساء المحسوبات على أحد المرشحين، لم تسمه، بدأن في افتعال مشكلة أمام مدرسة ابن صليح واتهامها بتوزيع أموال عليهم ومحاولة الاشتباك معها ما استدعى تدخل الشرطة التي ألقت القبض على والدتها وشقيقتها وبعض النساء التي وصفتهم بـ"البلطجية".

وشددت على استمرارها في كشف التجاوزات ومحاولة التصدي للرشاوى والمال السياسي.

وحوالي الساعة السابعة مساء اليوم قالت مونيكا مجدي على فيسبوك "أمي وأختي لسه مرجعوش وتليفوناتهم اتقفلت حسبي الله ونعمه الوكيل".

من جانبه أدان حزب الإصلاح والنهضة، في بيان، ما تعرّضت له مرشحة الحزب "من اعتداءات مؤسفة على أفراد من أسرتها وحملتها الانتخابية"، مؤكدًا أن "مثل تلك الاعتداءات لا تمتّ للعملية الديمقراطية بصلة، وتمثل انتهاكًا صريحًا للقانون وللقيم الأخلاقية التي يقوم عليها التنافس الانتخابي الشريف".

وشدد الحزب على رفضه القاطع لمثل هذه الممارسات "التي تُلحق ضررًا بالغًا بسير العملية الانتخابية، وتؤثر سلبًا على مناخ التنافس الحر، وتُدخل عناصر العنف والضغط في مسار يفترض أن يكون قائمًا على احترام الإرادة الشعبية وحقوق المرشحين كافة".

الاعتداء على مرشح

ولم يكن بيان دعمه لمونيكا مجدي الوحيد من نوعه اليوم، فسابقًا أدان حزب الإصلاح والنهضة "بكل قوة" ما تعرض له مرشحه هاني خضر عن دائرة مركز وبندر شبين الكوم "من تجاوزات وتصرفات مشينة صدرت عن بعض أنصار أحد المرشحين المنافسين".

البيان صدر بعدما أعلن خضر تعرضه للاعتداء داخل لجنة مدرسة محمد السيد الشنواني بقرية مليج، قائلًا إنه "كان يرصد مخالفة انتخابية داخل اللجنة عندما تم دفعه ومنعه من عمل محضر واحتجازه داخل اللجنة".

https://www.facebook.com/HanykhedrMediaCenter/videos/2563787607339030

لكن الهيئة الوطنية للانتخابات كان لها رأي آخر، إذ قال المدير التنفيذي للهيئة أحمد بنداري، خلال مؤتمر صحفي، إن الواقعة مزيفة وغير حقيقية.

وأضاف بنداري "المرشح مزق ملابسه بنفسه، بعد ادعائه بوجود دعاية لأحد المنافسين بالخارج، ثم خرج في بث مباشر محاولًا الإيحاء بأن الواقعة حدثت بالفعل داخل مقر اللجنة، رغم عدم صحتها".

ولفت إلى "تحرير مذكرة رسمية تضمنت تفاصيل الواقعة، بما في ذلك اختلاق المرشح لحادث غير حقيقي وتمزيق ملابسه عمدًا، إلى جانب خروجه ببث مباشر من داخل اللجنة، بما يخالف التعليمات المنظمة".

وتنتهي اليوم المرحلة الثانية من الانتخابات البرلمانية التي تضم 13 محافظة هي القاهرة والقليوبية والدقهلية والمنوفية والغربية وكفر الشيخ والشرقية ودمياط وبورسعيد والإسماعيلية والسويس وشمال سيناء وجنوب سيناء، ويتنافس فيها 1316 مرشحًا على 141 مقعدًا بالنظام الفردي.

وشهدت المرحلة الأولى عددًا من المخالفات والانسحابات إثر عدم نزاهة الانتخابات سواء على مستوى الدعاية أو الفرز والتصويت، كما خرجت مظاهرات في عدد من المناطق ضد النتائج التي أعلنتها اللجان العامة في بعض الدوائر.

بعدها طالب الرئيس عبد الفتاح السيسي الهيئة الوطنية للانتخابات بالتدقيق في المخالفات والأحداث التي وقعت خلال المرحلة الأولى، ما أعقبه إلغاء الهيئة نتائج 19 دائرة انتخابية موزعة في 7 محافظات ضمت الجيزة والفيوم وأسيوط وسوهاج وقنا والإسكندرية والبحيرة.

والجمعة الماضي، اتهمت عشر منظمات حقوقية مصرية السلطات بإفراغ انتخابات مجلس النواب 2025 من محتواها الديمقراطي، وطالبت في بيان مشترك، بإلغاء المسار الانتخابي الحالي الذي "يخضع برمته لإرادة الرئيس"، وذلك في "غياب استقلالية" الهيئة الوطنية للانتخابات.

واعتبرت المنظمات العشر أن الفوضى التي شابت العملية، إلى جانب التدخل المباشر للرئيس عبد الفتاح السيسي، يعكسان "الطبيعة الزائفة" للمسار الانتخابي الراهن، ويبرهنان على غياب استقلالية الهيئة.