تصوير هاجر عثمان، المنصة
مؤتمر إطلاق منصة "فيمي ماب"، 9 ديسمبر 2025

وسط غياب البيانات الرسمية.. إطلاق خريطة تفاعلية لرصد جرائم الـFemicide في مصر

هاجر عثمان
منشور الأربعاء 10 كانون الأول/ديسمبر 2025

أطلق مركز تدوين لدراسات النوع الاجتماعي منصة "فيمي ماب"، باعتبارها أول خريطة تفاعلية مدعومة بالذكاء الاصطناعي لرصد جرائم الـFemicide في مصر، بالتزامن مع توثيق المركز 308 جرائم قتل وانتحار لنساء وفتيات خلال الفترة من يناير/كانون الثاني 2023 وحتى ديسمبر/كانون الأول 2024، في دراسة جديدة بعنون "قُتلن لأنهن نساء".

وتُعرف منظمة الصحة العالمية الـFemicide على أنه القتل العمد للنساء والفتيات لمجرد أنهن إناث، وعلى نحو مماثل، تعرفه هيئة الأمم المتحدة للمرأة بأن عمليات قتل مرتبطة بالنوع الاجتماعي تستهدف النساء والفتيات.

أوضحت المديرة التنفيذية لمركز تدوين أمل فهمي أن إطلاق منصة "فيمي ماب" جاء استجابةً لسد فجوة كبيرة في توثيق ورصد جرائم قتل النساء في مصر، خصوصًا مع توسّع استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي.

وتابعت خلال كلمتها في مؤتمر إطلاق المنصة، أمس الثلاثاء "لدينا قيود هيكلية؛ مالية وسياسية في مصر، إلى جانب غياب بيانات وطنية حول قتل النساء، تجعل فهم الظاهرة أمر بالغ الصعوبة".

"التقديرات العالمية تُشير إلى مقتل نحو 50 ألف امرأة سنويًا على يد شريك حميم أو أحد أفراد الأسرة، بينما لا توجد حتى اليوم إحصاءات وطنية دقيقة في مصر"، قالت أمل فهمي، موضحة أن الأزمة في مصر لا تقتصر فقط على غياب البيانات، بل تمتد إلى الإطار القانوني نفسه "القانون المصري لا يعترف بمفهوم قتل النساء Femicide، كما أن بعض مواد قانون العقوبات تساهم فعليًا في تقليل العقوبة، وليس تشديدها".

وأشارت إلى المادة 17 من قانون العقوبات تسمح بتخفيف الحكم درجتين في ظروف معينة "للأسف القاضي دائمًا يذهب لها في جرائم قتل الستات، وكذلك المادة 7 تعفي أعمالًا بدعوى حسن النية في إطار ما يُعتبر حقوقًا شرعية، وغالبًا يُنظر للقتل بدافع الشرف ضمن هذا الإطار، والمادة 274 تجرّم الزنا للست المتجوزة، لكنها تعطي الحق للرجل يتدخل في القضية".

وانتقدت الثقافة المجتمعية التي تُلقي اللوم على النساء وتشويهن "احنا في مجتمع بيركز على مراقبة سلوك الستات ويجعل تصرفاتهن قضية عامة".

وبالتزامن مع الاحتفال باليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، الشهر الماضي، أصدر مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة وهيئة الأمم المتحدة للمرأة تقرير جرائم قتل الإناث لعام 2025، والذي أظهر أن 83 ألف امرأة وفتاة قُتلن عمدًا العام الماضي، موضحًا أن 60% منهن قُتلن على أيدي شركاء حميمين أو أفراد أسرهن.

وعلى هامش المؤتمر، شرحت أمل فهمي لـ المنصة أن "فيمي ماب تُتيح لأي شخص في أي وقت يدخل ويعرف الأرقام مباشرة، من غير ما يستنى أي حد يطلع تقرير، كباحث تقدر تدخل طول الوقت وتشوف البيانات، تعمل بمنهجية ثابتة. كنا نرصد الجرائد التي تنشر قضايا حقيقية عن جرائم قتل النساء وليست المزيفة، وهذه الجرائد تم إدراجها في الخريطة، ثم نظمنا عشرات الورش للوصول للكلمات المفتاحية المستخدمة في جرائم القتل لتزويد وكيل الذكاء الاصطناعي بها أثناء عملية البحث، ثم أضفنا مزيدًا من التحقق في الخريطة بألا نأخذ أي حالة إلا إذا وثّقها مصدران مختلفان".

وردت على سؤال المنصة حول وجود إنكار رسمي تجاه تصاعد حالات العنف ضد النساء، قائلة "لا أظنه إنكارًا، لكن فيه تقاعس رسمي إننا نعمل حاجة تحمي الستات بجد، إحنا بنحاول كمنظمات نسوية منذ 3 سنين نمرر قانون العنف الموحد في البرلمان ومش بيعدي".

وأكدت وجود فجوة واضحة بين الخطاب السياسي والواقع التنفيذي "الاستراتيجيات الوطنية، وأجندة 2030، والدستور، كلها بتقول إن فيه إرادة سياسية، لكن على الأرض في فجوة بين الخطاب والتنفيذ، وإحنا محتاجين نفهم ليه".

وأطلق المجلس القومي للمرأة الاستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضد المرأة في مايو/أيار 2017 من أجل خلق مجتمع آمن خال من العنف يضمن الحماية للمرأة، وحسب المادة 11 من الدستور تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في جميع الحقوق المدنية والاجتماعية.

وحسب أمل فهمي، يعمل فريق تدوين على تطوير مرحلة جديدة للخريطة "بنفكر تكون المرحلة القادمة فيها رصد للأحكام نفسها، عشان الناس تشوف القضايا بعد ما تدخل نظام العدالة، وتشوف إزاي بعض مواد قانون العقوبات فعلًا تُعيق حماية الستات".

وحسب دراسة "قُتلن لأنهن نساء" ارتفعت حالات القتل في 2024 مقارنة بـ2023، وكانت الجيزة من أعلى المحافظات التي فيها وقائع قتل وانتحار النساء أو الفتيات خلال 2023- 2024 بواقع 24.5% من الوقائع المرصودة بالصحافة المصرية، تليها القاهرة 18.8%، وما يقرب من خمس النساء والفتيات الضحايا كانت أعمارهن تتراوح مابين 21- 30 سنة.

وأكثر من ثلث وقائع القتل حدثت نتيجة لطعن أو ذبح الضحايا، و21.5% تعرضت فيها الضحايا للضرب حتى الموت، و55.4% من مرتكبي وقائع قتل النساء كانوا شركاء حميمين للضحايا، وما يزيد عن ربع هؤلاء الجناة كانوا من أفراد أسر الضحايا.

وأوضح رئيس وحدة البحوث في مركز تدوين أحمد بدر لـ المنصة على هامش المؤتمر أن الدراسة اعتمدت بالكامل على ما تنشره الصحافة المصرية، مؤكدًا غياب أي مصادر رسمية. 

ويرى بدر أن غياب البيانات الرسمية بالإضافة إلى إعاقته لبناء تصور دقيق عن حجم الظاهرة، يعكس مشكلات أعمق، موضحًا "منها عدم وجود تعريف معتمد لجرائم قتل النساء لدى المؤسسات الرسمية البحثية مثل الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بالإضافة إلى ضعف الاهتمام بالقضية رغم تزايد المعدلات".

وأضاف أن الدوافع العائلية لا تزال هي العامل الأكثر حضورًا في حالات القتل المرصودة "نصف الجرائم تكون سببها مشاكل عائلية".

ووفقًا للدراسة، بلغت نسبة النساء اللاتي قُتلن أو انتحرن نتيجة خلافات عائلية 52.7% يلي ذلك، النساء اللاتي قُتلن بذريعة الشرف أو الشك في السلوك وبلغت نسبتهن 12.1%.