المنصة
قبل القبض عليه، نشرت المنصة عدة رسومات لأشرف عمر تناولت بيع أصول الدولة لسداد الديون، وسد عجز الموازنة العامة وفوائد الديون عن طريق ديون جديدة، واتجاه السلطة للمشروعات العملاقة في وقت تعجز فيه عن مد المواطنين بالطاقة في شهور الصيف القائظ، وغيرها من الكاريكاتيرات التي لم يتسع لها صدر النظام.

افتتاحية| عام على حبس أشرف عمر.. وانقطاع التواصل السياسي

منشور الأربعاء 23 يوليو 2025

مرَّت سنةٌ كاملةٌ على القبض على زميلنا رسّام الكاريكاتير بـ المنصة أشرف عمر. في مثل هذا اليوم من العام الماضي اختفى أشرف بعد اقتحام بيته وتعذيبه انتزاعه من عمله وأسرته وحياته. وبعد إخفائه قسرًا ظهرَ في نيابة أمن الدولة العليا ليواجه التهم المعلّبة المعروفة؛ الانضمام لجماعة إرهابية.. إلخ، إلخ.

عامٌ ثقيلٌ، انخرطت فيه المنصة، إلى جانب استمرار عملها في بيئة معادية للصحافة، في الأدفوكاسي/حشد الدعم؛ سعيًا لتحرير زميلنا الذي جاوز حبسه العام "من باب الاحتياط" وليس لثبوت جرم عليه.

يتجدد حبسُ أشرف في جلسات جماعية مع سجناء آخرين عبر الفيديو كونفرانس لمجرد استكمال الإجراءات الشكلية، ويُبلّغ هو أو محاميه بالقرار، ليتحوّل الحبس الاحتياطي من إجراء احترازي إلى عقوبة في حد ذاته.

عامٌ تلاشى سريعًا، كما تلاشت في الهواء وعودٌ قطعها "وسطاء" و"مؤثرون" قبيل انقطاع اتصالاهم بالسلطة وانسداد قنوات الإفراج عن سجناء الرأي واندثار ما سُمّي بالتواصل السياسي، الذي خصصت له السلطة وزارةً لم تمارِس عملها يومًا منذ نشأتها.

عملت "الجمهورية الجديدة" على إنشاء شبكة طرق وكباري مهولة وسط أزمة اقتصادية طاحنة.

قبل عام، كان أشرف وحيدًا في شقته حين اقتحمتها قوة أمنية، عبثت بمحتوياتها، وتعدّت عليه بالضرب رغم عدم مقاومته، ثم اقتادته مكبّلًا معصوب العينين إلى حيث أُخفي قسرًا يومين قبل التحقيق معه لأكثر من 6 ساعات على ذمة القضية رقم 1968 لسنة 2024، وهو التحقيق الذي دار حول رسومات نشرتها المنصة ومسودات رسومات لم تُنشر بعد، تفتيشًا في الضمير، فشمل أسئلةً مكارثيةً من نوعية "لماذا ترسم؟".

رسامون من إسبانيا وكندا وكوبا ونيجيريا والسعودية وماليزيا يتضامنون مع أشرف عمر.

خلال الأسابيع والشهور التي سبقت الغارة على بيته، نشرت المنصة عدة رسومات لأشرف تناولت بيع أصول الدولة لسداد الديون، ومأساة سد عجز الموازنة العامة وفوائد الديون عن طريق ديون جديدة بفوائد جديدة، واتجاه رأس السلطة للمشروعات الفاخرة العملاقة في وقت تعجز فيه عن مد المواطنين بالطاقة في شهور الصيف القائظ، وغيرها من الكاريكاتيرات لم يتسع لها صدر النظام.

بانقضاء عام كامل، نُعزّي أنفسنا بأنهم فشلوا في تكميم أفواهنا. وأن ممارساتهم إنما زادتنا إصرارًا على إشهار أقلامنا في مواجهة القمع؛ فما زال الرسامون المصريون يتناولون القضايا السياسية والاقتصادية بسخرية لاذعة، كما جذب حبس "رسام كاريكاتير" في مصر تضامن رسامين من السعودية والأردن وأستراليا وكندا وإسبانيا وكوبا وفرنسا وماليزيا، راسلوا المنصة تضامنًا مع الصحافة المستقلة وأشرف. 

نثمن جهد كلّ من تضامن مع أشرف ومعنا في مصر والخارج؛ نقابة الصحفيين، الحقوقيين، المحامين، المنظمات المعنية بحرية الإعلام.

عزاؤنا أيضًا في أن أشرف عمر من داخل زنزانته يعلمنا أن الحياة تُعاش حتى في أحلك الظروف. فخلال العام الماضي شرع في تعلم اللغة الإسبانية، ونظم دورات تدريبية في اللغة الانجليزية لرفاق زنزانته بسجن العاشر.

الفنانون عمرو فاقوسي، محمد عبد اللطيف، مخلوف، سعد الدين شحاتة،مصطفى سالم، ودعاء العدل يتضامنون مع رسام الكاريكاتير المحبوس أشرف عمر دعمًا لحرية التعبير 2024 - 2025.

ليست قضية فرد. انضم أشرف لنحو 23 صحفيًا ما زالوا رهن الاحتجاز في السجون المصرية، لكنه الوحيد من بينهم المتهم بالرسم؛ خطوط وألوان يدفع ثمنها باهظًا. وإن كان الدستور يحمي في مادته 67 عمله الإبداعي، لكن مَن بإمكانه حماية الدستور لضمان ألَّا تظل مصر، وفق وصف مراسلون بلا حدود، "من أكبر السجون في العالم بالنسبة للصحفيين"؟

لا أدل على ذلك من حفاظ مصر على تصنيفها "دولة عالية الخطورة" بالنسبة للصحفيين وفق مؤشر حرية الصحافة لعام 2024، في المركز 170 من أصل 180 للعام الثاني على التوالي.

ندرك في المنصة أننا نسير ضد التيار في سعينا لانتزاع مساحة لصحافة مستقلة حرة لا تخضع لأحد ولا يملي عليها أحد. نبحث يوميًا عن الحقيقة رغم إدراكنا أننا لسنا في مأمن من مصير مشابه لمصير أشرف في دولة باتت السيطرة على الإعلام إحدى سماتها الرئيسية.

سجنت السلطة أشرف، لكنها لم تحبس رسوماته. ولأننا نؤمن أن دوام الحال من المحال وأن بلد الـ110 ملايين تحتاج صحفيين ومبدعين أحرار الضمير وصحافة حرة لا تصادرها ولا تحجبها السلطة خارج إطار القانون سنواصل، وفي النهاية ستنتصر للحق والعدالة وحرية الرأي.

مقالات الرأي تعكس آراء وتوجهات كتابها، وليس بالضرورة رأي المنصة.