صفحة أرخص أماكن لبيع اﻷجهزة في مصر- فيسبوك
شارع عبد العزيز يعاني ركودًا في اﻷجهزة الكهربائية

أزمة الدولار تُخلي شارع عبد العزيز من زبائن الأجهزة الكهربائية

منشور الخميس 13 أكتوبر 2022 - آخر تحديث الثلاثاء 25 أكتوبر 2022

بعد أن كان شارع عبد العزيز قبلة الباحثين عن الأجهزة الكهربائية، أصبح شبه خالٍ من المستهلكين، لدرجة أن البيع لزبون واحد طوال اليوم تحوَّل إلى مكسب كبير لمحمود رجب مالك أحد المحال التجارية بالشارع الذي يقع وسط القاهرة.

عدد محدود من المستهلكين لا يتعدّون أصابع اليد هم من يسألون عن الأجهزة الكهربائية لدى رجب، وهم بمجرد معرفتهم الأسعار الجديدة لما يبحثون عنه، يديرون ظهورهم إلى مكانٍ آخر أملًا في العثور على منتجات بأسعار تناسب ميزانياتهم.

حالة الاختناق التي يعاني منها سوق الأجهزة الكهربائية المنزلية مستمرة منذ أسابيع، وامتدت آثارها إلى كيانات كبيرة لم تعد قادرة على تدبير العملة الصعبة بشكل يكفي تسيير حركة الإنتاج، واضطرت لتقليل عدد ورديات العمل إلى اثنين يوميًا بدلًا من ثلاثة، حسبما كشف مصدر مسؤول بشركة توشيبا العربي طلب عدم ذكر اسمه، وهي الإشكالية التي تزداد جسامة مع الشركات الأصغر حجمًا.

ركود في سوق اﻷجهزة الكهربائية

البحث عن لمبة فرن

صناعة الأجهزة الكهربائية إحدى أكبر الصناعات المتوطنة في مصر منذ عقود، ويقدر جهاز الإحصاء الرسمي عدد المصانع العاملة في هذا المجال بنحو 109 مصانع، وهو ما يضعها في مصاف الصناعات واسعة الانتشار، ويساهم ذلك في الحد من تكلفة وارداتها التي بلغت حتى 2021 نحو 752 مليون دولار للأجهزة المنزلية و482 مليونًا للتليفزيونات.

لكنَّ الاعتماد الكبير لهذه الصناعة على استيراد مكونات إنتاجها من الخارج أصاب بعض خطوط الإنتاج بحالة من الشلل منذ بدء أزمة ضعف تدفقات النقد الأجنبي، التي ساهمت في خفض احتياطات البلاد الخارجية بنحو 7.8 مليار دولار خلال أقل من عام.

ومنذ شهور أصبحت الفجوة الدولارية، أي حجم النفقات التي تحتاجها البلاد خلال عام ولا تجد لديها موارد مالية لتمويلها، مصدرًا لقلق السلطات المصرية، خاصة وأنها تصل وفق تقديرات رسمية وغير رسمية إلى نحو 29 مليار دولار خلال العام.

"العديد من المصانع اتجهت لوقف خطوط الإنتاج بعض الأيام ومنح العمال إجازة أو دفع الرواتب لهم دون عمل"، يقول رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية بغرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات المصرية حسن مبروك، واصفًا الأجواء خلال الأشهر الأخيرة.

وتعود اختناقات المصانع إلى اعتمادها على استيراد خامات من الخارج لا تصنع محليًا إلا على نحو محدود للغاية، وعلى رأسها الصاج المسحوب على البارد الذي يكاد لا تخلو معظم منتجات الأجهزة الكهربائية منه كأبرز مكوّنات الإنتاج، كما يقول مبروك.

ويقدم رئيس شركة راجاميك إيجيبت للصناعات المغذية للأجهزة الكهربائية تامر فهمي، أمثلة على أجزاء صغيرة في المنتجات المنزلية مثل شمعة الإشعال الذاتي أو لمبة الفرن، التي على بساطتها تحتاج لخامات غير متوفرة محليًا "نحتاج لمنتجات السليكون وخامات البلاستيك والتيفلون والنحاس والصاج لإنتاج أجزاء من البوتجاز، ولا تتوفر لنا محليًا".

مثل هذه المصاعب هي التي قادت شركات كبيرة مثل توشيبا العربي لخفض طاقاتها الإنتاجية، بحسب مصدرنا في الشركة "الطاقة الإنتاجية لمنتجاتنا انخفضت اضطراريًا بنحو 30% لنقص الخامات ومكوّنات الإنتاج، ما تسبب في عدم توفّر موديلات لبعض المنتجات في السوق".

وبدأت المصانع تستشعر مشكلات نقص مدخلات الإنتاج مع اتجاه البنك المركزي في مارس/ آذار الماضي لفرض نظام الاعتمادات المستندية على كل عمليات الاستيراد، الذي يتسم بعدم المرونة، وسمح البنك المركزي الشهر الماضي بقبول حصائل الإيداعات النقدية للشركات بالعملات الأجنبية الناتجة عن عمليات تصديرية مع بعض الدول المجاورة، في محاولة لإيجاد نظام أكثر مرونة في الاستيراد، لكن ذلك لم يخفف من حدة الأزمة.

القيود على استيراد الخامات دفع المصانع المحلية إلى بحث تصنيع مكوّنات الإنتاج المستوردة مثل الصاج ومحابس أمان البوتاجازات وكومبريسور التكييف.

محلات العربي جروب

التصدير حلًّا

ولمواجهة هذه المشكلات لجأت بعض الشركات لتكثيف جهودها في التصدير على أمل جلب عملة صعبة تمكنها من استيراد خامات الإنتاج المطلوبة.

ويقول فهمي "الشركة التي لا ترغب في مواجهة عقبات بشأن استيراد المكوّنات يجب أن تصدّر نحو 90% من الإنتاج على الأقل".

هذا التوجه هو الذي اتبعته شركة العربي، بحسب حديث المصدر، "الشركة تعطي الأولوية حاليًا للتصدير لتوفير سيولة دولارية تمكنهم من شراء مستلزمات ومكوّنات الإنتاج، وارتفعت الصادرات بنسبة 50% تقريبًا خلال أول 9 أشهر من العام الجاري إلى نحو 60 دولة حول العالم".

وسجلت صادرات الأجهزة الكهربائية زيادة في الصادرات بنسبة 31% خلال أول 8 أشهر من العام الجاري مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي.

وقال مُصدّرون في تقرير للمنصة إن القيود المفروضة على استيراد الخامات لنقص السيولة الدولارية أضاع عليهم فرصًا تصديرية، كما أن الزيادة في قيمة الصادرات جاءت بدعم من التضخم في أسعار الخامات والسلع الأولية.

الركود يضرب سوق اﻷجهزة

ركود وارتفاع أسعار

منذ أن بدأت ليلى سليم* مشوار تجهيز شقة الزوجية وهي في سباق مع الأسعار، فهي ممن يستعدون للزواج العام الجاري، الذي بدأ بتعويم قوي للجنيه في مارس الماضي ثم أزمة نقص للتدفقات الدولارية لا تزال مستمرة حتى الآن.

تغيّرت ميزانية الأجهزة الكهربائية التي ستشارك بها في المنزل، إذ زادت بنحو 30% بعد مارس، وما أن ادخرت المبلغ الزائد ونزلت إلى السوق حتى وجدت نقصًا واضحًا في بعض الأنواع، وزيادات جديدة في أسعار أنواع أخرى.

كان للاختناقات التي يعاني منها قطاع الأجهزة الكهربائية انعكاس مباشر على التعاملات في سوق التجزئة، تمثلت في حالة تباطؤ في البيع "العملاء أصبحوا يبحثون عن المنتج الأرخص بغضّ النظر عن الجودة في ظل ارتفاع الأسعار، فضلًا عن اتجاههم إلى صيانة الأجهزة الكهربائية كبديل لشراء أخرى جديدة، كما أصبحت عمليات الشراء تقتصر على الفتيات ممن يرغبن في تجهيز شقق الزوجية فقط" كما يقول أحمد هلال رئيس شركة الهلال للتجارة في الأجهزة الكهربائية.

ويقدر محمود رجب مالك معرض الأصدقاء لتجارة لأجهزة الكهربائية بشارع عبد العزيز بوسط القاهرة، أن الإقبال على الشراء انخفض إلى النصف تقريبًا مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، بجانب ارتفاع الأسعار بنحو 40%.

وبحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بلغ التضخم السنوي في الرقم القياسي لأسعار الأجهزة المنزلية في يوليو/ تموز الماضي 12.2% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق. وبجانب ارتفاع الأسعار فإن السوق تواجه نقصًا شديدًا في موديلات بعض الأجهزة الكهربائية للشركات الكبرى بسبب نقص الإنتاج خلال المرحلة الماضية.

ويقول رجب عن ذلك "أضطر أحيانًا إلى شراء بعض احتياجات المستهلكين من معارض في الأقاليم بسعر مرتفع للغاية بسبب النقل وشراء منتجات أخرى قد لا تلقى رواجًا في السوق، لأن المستهلك يرغب في شراء جهاز عروس بالكامل، ويجب أن أوفر له احتياجاته بكافة الطرق لضمان استكمال البيعة".

وزادت الأزمة من مصاعب التجار لشراء السلع من المصانع، وأصبحت مصانع عدّة ترفض توريد منتجات بنظام البيع الآجل، أي استلام السلعة والسداد في وقت لاحق، بسبب نقص السيولة والتغير السريع في الأسعار ، كما يشرح رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية حسن مبروك.

واستحوذت الأجهزة الكهربائية والإلكترونيات على 37.48% من قيمة التمويل الاستهلاكي في مصر خلال أول 7 أشهر من العام الجاري بقيمة 6.19 مليار جنيه، بحسب الهيئة العامة للرقابة المالية.

ركود في سوق اﻷجهزة الكهربائية

هل من حلٍّ قريب؟

الحل الأوحد لمشكلات المصانع مع مكوّنات الإنتاج على المدى القريب هو توفير سيولة دولارية تمكّن الشركات من الاستيراد، بحسب مبروك.

ويؤكد  مقرر لجنة الصناعة بالحوار الوطني بهاء الديمتري، على ضرورة إعطاء الصناعة الأولوية لشراء الخامات كوْنها تساهم في توفير سيولة دولارية عبر زيادة الصادرات وتنشيط المبيعات بالسوق المحلي من خلال تشغيل المصانع.

ويضيف أن كافة القطاعات الصناعية متأثرة بتأخر الإفراج عن البضائع من الجمارك "العالم كله يمر بوقت عصيب وتسعى الحكومة إلى إعطاء الأولوية لبعض القطاعات لأن الطلب أكبر من المعروض.. نتمنى انتهاء الموقف قريبًا في ظل الوعود بحل المشكلة".

لا تزال ليلى تعيد وضع خطط تجهيز شقة الزوجية من جديد، حيث قررت الاستغناء عن بعض الأجهزة الكهربائية الصغيرة، في حين وضعت أخرى على قائمة الانتظار لحين معرفة ما ستؤول إليه أسعار المنتجات خلال الأشهر المقبلة والميزانية المتوفّرة لديها، في ظل حديث عن انخفاضٍ جديد في سعر الجنيه بالتزامن مع قُرب حصول مصر على قرض جديد من صندوق النقد الدولي.


* اسم مستعار