تصوير صفاء سرور، المنصة
مجلس الدولة، 21 يونيو 2021

حُكم "تيران وصنافير": البرلمان في مأزق.. والحكومة تلجأ لـ "الإدارية العليا"

منشور الثلاثاء 21 يونيو 2016

"الكرة الآن في ملعب الحكومة المصرية" هكذا قال المحامي المصري خالد على، صاحب الدعوي القضائية التى طالبت بإيقاف تنفيذ اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، بعد أن قررت محكمة القضاء الإداري اليوم بطلانها، واستمرار تبعية جزيرتي تيران وصنافير، الواقعتين في البحر الأحمر، للسيادة المصرية. 

وأوضح علي لـ"المنصة" أنه لن يتخذ خطوات إضافية بعد حكم اليوم، إلا بعد طعن الحكومة المصرية على القرار. ويتاح للحكومة المصرية ستين يومًا للطعن على القرار بعد صدوره، وإلا يتعين عليها تنفيذه. 

اقرأ أيضًا.. بعد الحكم بمصرية "تيران وصنافير": الدولة تطعن.. والنشطاء يطالبون بالإفراج عن معتقلي الأرض

ولكن بعد ساعات قليلة من صدور الحكم، قررت الحكومة الطعن على القرار.  وقال علي إنه في حالة الطعن "سنعيد الكرّة من أول وجديد، وحينها كل الاحتمالات مفتوحة، لأن قبول الطعن، معناه إعادة نظر أوراق القضية منذ البداية".

وأسهب على في شرح الاحتمالات التى كانت واردة أثناء نظر القضاء الإداري للقضية، وهي الهيئة القضائية المنوط بها مراقبة التزام الحكومة بالقانون، أولها بأن تحكم بعدم الاختصاص، هذا الذي تبنته الحكومة، ولكن علي يقول إن هذا ما كانت تدفع به هيئة قضايا الدولة ورفضته المحكمة اليوم. وكان الممكن أيضًا أن تتبنى الحكومة رفض الدعوة على أساس قانوني يتعلق بعدم اكتمال الأوراق التي قدمها للمحكمة، وبناء عليه كانت المحكمة ستحيل الاتفاقية للجنة خبراء.

وأضاف علي إن "المحكمة حسمت خيارها بأن هذه الأرض مصرية وفقا للمادة واحد والفقرة الأخيرة من المادة 151 من الدستوري المصري".

 

https://www.facebook.com/plugins/post.php?href=https%3A%2F%2Fwww.facebook.com%2Fkhaled.ali.72%2Fposts%2F863394893805870&width=500

المحامي خالد على ينشر منطوق حكم محكمة القضاء الإداري علي حسابه بفيسبوك

وعن أثر هذا القرار القضائى على البرلمان الذي أحيلت له اتفاقية تيران وصنافير للتصويت عليها، قال علي "إن الحكم الصادر اليوم يعنى أن يلتزم البرلمان بعدم إقرار الاتفاقية"، وعن احتمال تمسك البرلمان بإبداء رأيه في الاتفاقية رغم الحكم القضائي، أردف علي: "قد يقع صراع دستوري حول الاختصاصات بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية".

يذكر أن هيئة قضايا الدولة، المسؤولة عن تقديم طعن الحكومة: "تمثل النيابة المدنية القانونية عن الدولة في الدعاوى والمنازعات في الداخل والخارج، كما تدافع عن الدولة فى مقام دفاعها عن تطبيق القانون"، حسب تعريفها في موقعها الإلكتروني الرسمي.

حكم يصادف صحيح القانون

"الحكم صادف صحيح القانون وكان متوقعًا، لأنه طبق الفقرة السادسة من المادة 151 من الدستور، التي تعتبر التنازل عن جزء من إقليم مصر أو سيادتها عليه أمرًا محظورًا، وتجعله تصرفًا باطلًا بطلانًا مطلقًا". هكذا قال الفقيه الدستوري الدكتور نور فرحات تعليقًا على الحكم  الصادر اليوم.

وفيما يترتب عن طعن هيئة قضايا الدولة (ممثل الحكومة) على الحكم حال تقديمه، قال فرحات لـ "المنصة": "إذا طعنت الحكومة، وهو أمر بالتأكيد ستلجأ له، وطلبت وقف التنفيذ، فسيصدر بذلك قرارًا غير مسبب من دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا". لكن هل الطعن سيؤدي إلى إلغاء الحكم أو وقف تنفيذه؟ أجاب فرحات قائلًا: "في رأيي لا أعتقد ذلك، لأن حكم القضاء الإداري قام على أسس قانونية قوية".

وتوقع "فرحات" أن يتسق حكم المحكمة الإدارية العليا مع الحكم الصادر اليوم عن محكمة القضاء الإداري، معلقًا بقوله: "لا أحد يمكنه الجزم بشيء، لكنهما في الغالب سيتسقان"، واصفًا احتمال إلغاء حكم "القضاء الإداري" بأنه "ضعيف للغاية". 

الدولة تحت طائلة القانون

أوضح "فرحات" أن الموقف القانوني للدولة في حالة صدور حكم عن المحكمة الإدارية العليا بتأييد بطلان الاتفاقية له 3 جوانب: دستوري وقانوني وجنائي. وشرح فرحات ذلك قائلًا: "الجانب الدستوري يتمثل في أنه لا يجوز عرض الاتفاقية على البرلمان، بعد أن أصبحت الآن لا وجود لها؛ فالحكومة لا تعرض على البرلمان شيئًا منعدمًا، أما الجانب القانوني يتمثل في أنه لا بد التراجع عن أي إجراءات قامت بها الحكومة لنقل سيادة الجزيرتين للسعودية". 

أما الجانب الجنائي فيتمثل في أن "المادة 77 هـ من قانون العقوبات تعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة كل من تفاوض نيابة عن الحكومة المصرية وأضر بمصالحها أو باستقلالها أو بسيادتها على أرضها عمدًا. وفي حالة إثبات الأمر يُقدَّم فريق المفاوضين في هذا الملف (جزيرتي تيران وصنافير) للمحاكمة الجنائية".

 

مفاجآت الإدارية العليا

اتفاق الأحكام الصادرة عن المحكمة الإدارية العليا مع محكمة القضاء الإداري أمر وارد، حدث ذلك عام 2009 في القضية الخاصة بأحقية أتباع الديانة البهائية في استخراج وثائقهم الرسمية دون إجبارهم على تغيير معتقداتهم في حكم أيّد الصادر عن القضاء الإداري بعد خمس سنوات من الشد والجذب بين طرفي الصراع (البهائيين والحكومة).

وذكرت المحكمة العليا في حيثيات حكمها بشأن البهائيين أن "الطاعن كان تدخل انضمامًا إلى جهة الإدارة والممثلة فى وزارة الداخلية، وذلك في الدعوى التى أقيمت لوضع علامة ( - ) للبهائيين فى خانة الديانة، وهو ما قضت به المحكمة حكمها، والذى لم تطعن عليه للجهة الإدارية المختصة، ولذا فلا يحق للخصم المنضم بالطعن على حكم تقبلته جهة الإدارة، ليتم رفض طعنه لانتفاء صفته".

إلا أن هذا الاتفاق لا يقع على طول الخط، إذ خالف حكم "الإدارية العليا" ما صدر عن القضاء الإداري في أكثر من مناسبة، فقبلت المحكمة الإدارية العليا طعن الحكومة على قرار "القضاء الإداري" بمنع تصدير الغاز إلى إسرائيل عام 2009. 

وفي 2011 ألغت "الإدارية العليا" الحكم الصادر من "القضاء الإداري بمدينة المنصورة، لوقف تنفيذ حكم إبعاد "الفلول" (رموز وأصحاب المصالح مع نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك) من الترشح في الانتخابات النيابية، والذي كان صادرًا عن محكمة القضاء الإداري بمدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية.

وكانت بعض حيثيات "الإدارية العليا" لوقف الحكم تتمثل في أن "السلطة التشريعية هى الجهة الوحيدة المختصة دون غيرها بحرمان من يثبت إفساده للحياة السياسية، سواء كان منتميا للحزب الوطنى المنحل أو لغيره من الأحزاب، وأنه لا اختصاص للقضاء فى هذا الشأن، وأن الحرمان من مباشرة الحقوق السياسية يعد انتقاصا من الحقوق المصونة والمكفولة دستوريا، وأن حرمان أى شخص من مباشرة هذه الحقوق يتعين أن يستند لنص صريح فى القانون".

كذلك قضت الإدارية العليا عام 2012 بوقف تنفيذ الحكم الصادر بمحكمة القضاء الإداري ببنها، وهو الحكم الذي كان قرر وقف تنفيذ قرار اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية لدعوة الناخبين لانتخاب رئيس الجمهورية، وذكرت "الإدارية العليا" ضمن حيثيات حكمها أن "قانون تنظيم الانتخابات الرئاسية خوّل لجنة الانتخابات الرئاسية سلطة دعوة الناخبين لانتخاب رئيس الجمهورية وأنها لم تخرج عن اختصاصها في هذا الشأن، بحسب أن القانون المشار إليه هو القانون الواجب التطبيق دون قانون مباشرة الحقوق السياسية الذي يجب تطبيقه في شأن انتخابات مجلسي الشعب والشوري".