الرسم أعلاه مستوحى من شخصية برسوم التي ظهرت في أول فيلم روائي مصري صامت "برسوم يبحث عن وظيفة"، الذي أنتج عام 1923. وهو قصة عن برسوم المسيحي وصديقه متولي المسلم، والاثنان عاطلان عن العمل، يعانيان الجوع والمنافسة في الحصول على وظيفة في أحد البنوك. يخطئ مدير البنك ويدعوهما إلى غذاء سخي بمنزله ظنًا منه أنهما من رجال الأعمال الأغنياء.
ولكن بعدما علم بحقيقة وضعهما، قام بطردهما من منزله. وفي نهاية الفيلم بينما كان الصديقان مستغرقين في الراحة على إحدى الأرصفة يهضمان وجبتهما تلك، قبض عليهم شرطي.
ضمن أحداث الفيلم يتسلى متولي وصديقه برسوم بقراءة الجرائد لنسيان الجوع.
حصلت على تلك الرسمة بعد مفاوضات شاقة، فقد طلبت من ابني مازن، 11 سنة، رسم الشخصية كنوع من التشجيع له. ووعدته أني سأستعين بالرسمة في مقال ساخر. ولمزيد من التشجيع، قد أعطيه عشرة جنيهات كاملة إذا تم نشره.
ضرب سريعًا على الآلة الحاسبة عبر جوجل ما يساويه ذلك المبلغ بالدولار ثم رمقني بنظرة الزعيم عادل شكل "لا بطلناها الشغلانة دي". فقلت مستعطفًا إياه "يا بني أنا زي أبوك، وإن شاء الله الجنيه يعوض في الأربعينات، ثم أن يوسف الحسيني أكد أننا سنسمع أخبارًا سارة قريبًا عن الجنيه".
- إيه؟
- ألعب باليه
ثم تحول ابني فجأة من الزعيم عادل شكل إلى الزعيم تشي جيفارا قائلًا "مش كفاية إن ديون مصر جيلي والأجيال الجاية هي اللي هتدفعها".
فطمأنته قائلًا "لا يا حبيبي ما تقلقش، إن شاء الله مافيش أجيال جاية ولا حاجة".
وبعد تحايلات وتوسلات وتسولات والذي منه ترقرقت عيناه تأثرًا، وقال:
هرسم لك بيضة.. على قد فلوسك.
لا للدولار
لا للبيض
لا لجوجل
لا للأطفال
ونعم للزعيم.. عادل شكل!
الله.. الوطن.. محور روض الفرج.
نقرأ الأخبار ونبحث عن وظيفة
قال أحمد سمير، وزير الصناعة والتجارة، خلال الجلسة العامة لمجلس النواب "كنت بحول نصف راتبي إلى دولار للحفاظ على قيمته، ثم اكتشفت إني كنت بحط صباعي في عيني لما كنت بعمل كده، ويجب أن نثق في عملتنا".
لم أحصل للأسف على رفاهية كتلك، أن أحول نصف راتبي إلى دولار أو ذهب أو عقار أو أرز بلبن حتى. كان نصف المرتب يطير، والنصف الآخر يتبخر، وكنت أتعجب كثيرًا من ذلك الراتب الخارق الذي يملك إمكانيات ساحر. في لحظة يكون أمامي ثم هوب يختفي.
إلى أن اكتشفت أخيرًا سر الخدعة التي تمارسها العملة. شكرًا وزير الصناعة. لقد كانت تتحول بأكملها إلى إصبع، ولم يكن ذلك الإصبع في عيني. نعم يا عزيزي قليل الأدب الذي توقع مكان الإصبع، أنت محق في توقعك. لم أملك حتى تلك الرفاهية التي امتلكها سيادة الوزير، فالأصابع هكذا، يوم في عينك وباقي أيام السنة في .. الله يسامحهم بقى.
على عكس ما يظنه الوزير، فأنا مواطن صالح وأثق في عملتنا، لكنها عملة شقية لعوب. وكنت كلما طلبت منها أن تتوقف عن ألاعيب الساحر بالاختفاء فجأة ثم الظهور على شكل إصبع في أماكن حرام شرعًا، سخرت مني.
طلبت منها بأدب، إن كان لا بد من ممارسة السحر، فلتخرج لي أرنبًا من القبعة، ويا سلام بقى لو بالملوخية أو أي دواجن أخرى ترم العضم. خاصة أن مانشيت الأهرام الرئيسي مؤخرًا كان "كل الدعم لصناعة الدواجن"، فارتبكت ولم أعرف ما المقصود: الدواجن الدواجن أم المواطنين الدواجن، وهي أنجح صناعة عرفتها الدولة المصرية منذ نشأتها.
وعدتني العملة بعد محايلات وتوسلات وتسولات والذي منه، أن تُخرج لي نصف فرخة من القبعة. لكنها لم تخرج لي سوى بيضة، فلما اعترضت قالت لي "على قد فلوسك.. وبعدين إنت عارف البيضة بكام دلوقتي؟"، ثم اختفت ومعها البيضة.
للأسف لم تكن بيضة دجاجة، عرفت هذا بالطريقة الصعبة، لقد نشلتني العملة اللعينة ولم أعد أملك سوى بيضة واحدة شمال، ثم طالبتني بها مصلحة الضرائب، ووضعت إصبعي في ...الله يسامحهم بقى.. من سكات.
محمد معيط ليه؟
قال وزير المالية محمد معيط "اللي بره بيحسدونا على اللي إحنا فيه".
أنا أصدق وزير المالية وأغني معه كما غنى سمير صبري" اللي شافونا حسدونا يا با، حاسدينا على إيه؟"، يتساءل سمير صبري، وهو يرقص فرحًا مرحًا، هاشا باشا.
سنفترض أنه لم يفهم فعلًا هما حاسدينا على إيه. رغم إننا لدينا أكبر كل حاجة في العالم؛ أطول برج أيقوني، وأكبر جامع، وأكبر نجفة، وأكبر مدة حبس احتياطي، بل ونفتتح أكبر مجمع سجون في العالم على أنغام أغنية رومانسية لمدحت صالح.
على العموم ليست السعادة في المال وليس بالخبز وحده يحيا الإنسان ولكن بالغموس أيضًا. وأثق أن الجنيه المصري هو أذكى طفل في العالم. وقد تعلمنا من موقع صدا البلد أن الدولار عملة مشبوهة وإن كان شعاره In God we trust، فشعار الجنيه المصري "الله جاب.. الله خد.. الله عليه العوض".
للأسف لم أسمع كلام يوسف الحسيني، عندما نصحنا في التليفزيون أن نغير الدولار إلى جنيه قبل أن ينخفض سعره إلى قرش صاغ واحد. والسبب؟ لم يكن معي ولا دولار واحد. كنت حولت نصف راتبي عملًا بنصيحة وزير الصناعة إلى فواتير كهربا. لكني صدقت يوسف في نصيحته الخالصة لوجه اللات والعزى، وكذلك فعل سائق ميكروباص حذرنا كركاب ذات يوم "يا حضرات اللي معاه دولار يلحق يوديه البنك عشان داخلين على لجنة".
والحمد لله الذي هدى وزارة المالية إلى إصدار أول عملة بلاستيكية، وليس أطول عملة بلاستيكية في العالم. الله أعلم كانوا هيطلبوا مننا نحطها فين.. قدر ولطف... مفيش مكان أقسم بالله.
أحيي سيادة الوزير على التفكير خارج الصندوق، خاصة الفكرة الأخيرة الخاصة بالاقتراض من الصندوق نفسه.
كان سمير صبري سعيدًا في الأغنية، ثم توقف فجأة عن الرقص، فقد فهم أخيرًا محمد معيط ليه.
لذا، أطالب فورًا بإقالة الفنان مدحت صالح وتكليف المرحوم سمير صبري بالغناء للمساجين "سكر حلوة الدنيا سكر".. ده لو لقيته.
لو أن كل الأشجار أصبحت شجرة واحدة
أطلقت وزارة البيئة في مصر مبادرة 100 مليون شجرة، وخلال الأيام الماضية حدثت مذبحة جديدة للأشجار في حي الزمالك، بعد أشجار الحديقة الدولية وأنطونيادس والمنتزه والمريلاند وشجر الدقي والجيزة، والمنصورة وبورسعيد والإسماعيلية، وغيرها. وهو عمل دؤوب يؤكد أن حكومتنا، رغم كيد الكائدين، إذا وعدت أوفت.
فلم يتبق على إنجاز مبادرة 100 مليون شجرة، سوى قطع مليون شجرة. وكان بإمكان حكومتنا أن تقطعهم كلهم، لكنها فضلت أن تتركهم كعبرة، ليقول المواطن لأخيه كلما اشتدت الأزمة الاقتصادية الطاحنة "تفاءل فأنت لست شجرة"، ويقول لزوجته "لن نقلع هذا العيد شجرة.. ستكونين أنت الشجرة".
هذا وقد أطلقت وزارة البيئة ماراثون رياضي لدعم مبادرة "اقلع شجرة". وقال أحد المشايخ، أن قطع الأشجار حلال شرعًا، كي لا يختبئ وراءها يهودي أو مصري، فعرفنا أن القيامة قامت، ونحن الآن نحاسب. للأسف وبعد أن عبرنا صراط ممشى أهل مصر، ودفعنا التيكيت، لم يجدوا لنا مكانًا ولا في أسوأ مكان في الجحيم. فالإيجارات "ناااار"، ولكنهم وعدونا بمساكن شعبية في حي الأسمرات.
ويقال إن أسوأ مكان في الجحيم محجوز لصندوق سيادي خليجي.. هيعملوه سياحي.
حكمة اليوم
"إذا أردت شيئًا بشدة اطلق سراحه.. إنت كده كده ممعاكش فلوسه أصلًا".