تصميم: سيف الدين أحمد، المنصة 2025
زياد الرحباني

زياد الرحباني.. حتى لولا الصوت بعيد

منشور الأحد 17 أغسطس 2025 - آخر تحديث الأحد 17 أغسطس 2025

يوم وداع زياد الرحباني بكنيسة رقاد السيدة في بلدة المحيدثة بكفيا، قبيل جنازته المهيبة، تلمَّس الشاعر طلال حيدر نعش الفتى كمن يتعلّق بأهدابه. طرقه بيأس، ولام صاحبه، ودعاه للقيام؛ "قوم.. قووم". كررها أربعًا مختنقًا بالدموع والأنين، ثم قبَّل التابوت ومضى.

الفجيعة التي أمسكت بطلال لم تكن فجيعة شخص فقد صديق عمره، لكن فجيعة بشر وأجيال ووطن وزمن وأغان وموسيقى وتمرد وخروج.. إنها فجيعتنا كلنا. وزياد يبدو أنه استمع لنصيحة خليله وقام؛ قام قيامة الفنان في موته؛ قيامة الأبد، حيث لا تعود "ليكن ذكره مؤبدًا" التي تقال في مجالس العزاء رطانة لغوية تحمل وعودًا لن يحفظها أحد، بل تأكيد لما هو مؤكد.

سيظل ذكره مؤبدًا! 

لم يمت زياد لحظةً. لأنه وكما لم يغب في حياته، سجَّل في موته حضورًا كاملًا؛ فما إن سُجي جسده الضئيل في النعش حتى أفاق الفتى، انتعش، مسح عن عينيه أثر السُّهاد، وجرى إلى حضن أمه وألقى قبلة، وسلم على أبيه وعمّه، اللذين أكمل مجدهما بخروجه عليهما.

لم يكن زياد رحبانيًّا ثالثًا بل قمة هرم ضلعاه والده وعمه.. أعلى الذرى كان.. نقطة التقاء الإبداع والشجن بموسيقى الضيعة والجداول والطبيعة والعصافير  والجبال والمطر بالخروج والتمرد والصراخ والسخرية والحقيقة.

وفيروز تمثلت كل شيء. أي أمٍّ هي؟!

مظاهرة كاملة في يوم موته وما تلاه؛ مئات المقالات، آلاف المرثيات، عشرات الآلاف من النقرات على أغان ولقاءات، اكتشافات جديدة لمن اندهش أن هذه الأغنية لفيروز أو غيرها هي لزياد ومحسوبة على الرحابنة.

شبان وشابات ربما أصبحوا آباءً وأمهات أو أجدادًا وجدات، سمعوا بالنعي فعرفوا أن زمنًا مضى؛ زمن "بحبك بلا ولا شي"، زمن الحب اليساري الذي ولا ممكن فيه ليرات، ولا ممكن فيه أراضي، ولا فيه مجوهرات. هل مضى كل شيء ولم نرث إلا الهزائم والموت والقتل والعالم المدجج بالمال والمادة التي تحرمنا حتى من شجرة نستظل بفيِّها ونحن نظنُّ مثل زياد -خطأً- إنو "مش لحدا هالفي"؟!

حزن عشناه جميعًا، كلّ مع حاله فردًا، وكلنا جماعة؛ حال الأوطان وغزة وحرب الإبادة.. كان زياد فوهة بندقية ولسانًا حادًا وقلبًا قويًا بلغ من الرقة والهزال ما بلغ من العنفوان والعاصفة. حضوره وغناؤه وكلامه دائمًا على مستوى اللحظة؛ أسعفنا في كل وقت وظرف.. ربما نختلف مع تقديره في قضايا وانحيازات.. لكننه نحترمه لأننا دائمًا نختلف معه، لا مع من يُسيّره!

سخر زياد من كل شيء، من نفسه أولًا، ومن عائلته، هدم كل كهنوت حاول الإمساك به؛ عاش حرًا ومات حرًا، فودعناه كما أحبَّ في الهواء الطلق والفضاء الذي اعتمرته أغانيه وموسيقاه بكل أطوارها؛ سواء بفيروزياته أو غيرها.

ندعوكم في المنصة للتنزه في حدائق زياد الرحباني، مصدقين في وعوده بأنه لن يتركنا أبدًا؛ وإن غاب قليلًا فنحن في الانتظار، فهو من وعدنا إنو بكرا بيرجع يوقف معنا، وإذا مش بكرا الـ بعده أكيد. بنحكيك وبنعرف إنك سامعنا، حتى لولا الصوت بعيد.  

زياد الرحباني يغنّي خلف نعشه

حضر لبنان بكل تناقضاته وتنوعه واختلافاته لوداع زياد والنظر إلى فيروز، التي لم يَرَها الجمهور منذ ظهورها الأخير على المسرح عام 2011.

إيلي الفرزلي_ 29-7-2025

زياد الرحباني يغنّي خلف نعشه

هذا أسخف أعمالك يا زياد!

لأنه لا يكترث بكل ذلك فقد مات دون موافقتنا، رافضًا التشبث بالحياة، لافظًا استقبال العلاج؛ هكذا بكل بساطة لملم مبعثراته وتركنا مصدومين كما اعتاد أن يصدمنا في كل مرة.

نوارة نجم_ 4-8-2025

هذا أسخف أعمالك يا زياد!

زياد العادي بالبيجامة.. كاسك يا رفيق

حين يموت رفيقنا المتمرد، الشجاع، الرومانسي، القادر على الكلام والبوح والتفكير والمبادرة، والمغامر في كسر التابوهات، هذا الذي يُشعرنا وجوده بالاطمئنان؛ فإننا سنشعر بالوحدة والحسرة.

باسل رمسيس_ 27-7-2025

زياد العادي بالبيجامة.. كاسك يا رفيق

صديقي زياد.. كيف بتعمل هيك؟

نحاول مثلك يا زياد ألا نجعل "ها البلد" وغيره من البلاد يغيرنا، نحاول أن نبتسم في وجه كل النكات البايخة لهذا العالم، نفتش عن الأمل مثل الباحث عن إبرة في كوم القش.

حنان البدوي_ 5-8-2025

صديقي زياد.. كيف بتعمل هيك؟

خبز فيروز الذي لن يحن إليه زياد

علاقة زياد بأمه نُهاد وديع حداد الشهيرة بـ"فيروز" كانت استثنائية في احتمالها كل شيء من التعاون الفني إلى الهجر الشخصي، فقد تباعدا حتى القطيعة وامتزجا حتى الإبداع. 

هشام يونس _ 4-8-2025

خبز فيروز الذي لن يحن إليه زياد

زياد الرحباني الذي جلس على الزمن!

في نهاية المطاف، على الجانب الآخر من الكون، في الجنة، أو نيرفانا بوذا، سيلتقي الصمت والصوت معًا، ويتوقف الوقت، ليجلس عليه الصبي الصغير، سابحًا في بحر الموسيقى الأسمى.

عصام زكريا_ 9-8-2025

زياد الرحباني الذي جلس على الزمن!

مشاهد ورؤى من جنازة زياد

موت زياد يكشف أن الحياة ممكنة ليس كحالة جماعية متوسعة، ولكن كنموذج فردي، كحلقات جماعية صغيرة، وحميمة، كفرقة موسيقية تغني في بار وتربح ما يكفي استمرارها.

علاء خالد_ 16-8-2025

مشاهد ورؤى من جنازة زياد