أحد عمال كنيسة العذراء في المعادي يتابع منسوب الماء في إحدى قاعات الكنيسة الغارقة. خاص للمنصة

الفيضان والبيروقراطية يغرقان كنيسة العذراء الأثرية بالمعادي

منشور الاثنين 6 سبتمبر 2021

 

أغرقت مياه الفيضان الطابق السفلي من كنيسة السيدة العذراء الأثرية على كورنيش المعادي جنوبي القاهرة منذ أكثر من أسبوع، مع ارتفاع منسوب مياه النيل لهذه السنة إلى مستويات قياسية، وأغلقت القاعات التي تستخدم لاجتماعات مدارس الأحد وغيرها من المناسبات بعد أن غمرتها المياه خشية وقوع أية حوادث. 

وبنيت الكنيسة في القرن الرابع الميلادي في إحدى نقاط توقف العائلة المقدسة أثناء رحلتها إلى مصر، وأدرجتها وزارة السياحة والآثار ضمن 25 نقطة أثرية يشملها مشروع تطوير مسار رحلة العائلة المقدسة إلى مصر على "مسافة 3500 كيلومتر ذهابًا وعودة من سيناء حتى أسيوط، حيث يحوي كل موقع حلت به العائلة مجموعة من الآثار في صورة كنائس أو أديرة أو آبار مياه ومجموعة من الأيقونات القبطية الدالة على مرور العائلة المقدسة بتلك المواقع، وفقًا لما أقرته الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر".

وتبدو الخدمات داخل الكنيسة عادية وما زالت قاعة الصلاة الرئيسية مفتوحة أمام الزوار الذين يمكنهم الجلوس على مقاعد تطل على النهر أو في محيط الكانتين، ولكن الأبواب المؤدية إلى الطابق السفلي الذي يضم قاعات المناسبات وتعقد فيه اجتماعات الشباب ومدارس الأحد كانت مغلقة بعد أن غمرتها المياه.

 

ممرات الكنيسة الغارقة. خاص للمنصة

أحد المسؤولين عن أعمال الصيانة في الكنيسة كان يتابع مع أحد العمال أعمال نزح المياه من الغرف والتأكد من فصل التيار الكهربائي عندما تحدث إلى المنصة مفضّلًا عدم ذكر اسمه قائلًا إن هذا الوضع مستمر منذ أكثر من أسبوع "وبعتنا بلاغات لقطاع حماية النيل ومحدش رد علينا لحد ما الشباب امبارح حطوا الصور على فيسبوك. مفيش حاجة بتتصلح غير لما تعمل دوشة".

ورغم أن منسوب الفيضان الذي بدأ يصل إلى السد العالي نهاية يوليو/ تموز الماضي حسبما أعلنت وزارة الري والموارد المائية ليس الأعلى من نوعه، إلا أن منسوب المياه لهذا العام مرتفع عن المعدل الطبيعي نتيجة "تزايد التدفقات المائية القادمة من السودان ومصدرها الرئيسي الهضبة الإثيوبية" حسبما نقل مصراوي عن مصدر في الوزارة، أوضح أن "الفيضان هذا العام متوسط، وليس أعلى فيضان"، مشيرًا إلى أن ارتفاع المنسوب يأتي بسبب "بعض الاختناقات بمجرى نهر النيل".

 

ممرات الكنيسة الغارقة. خاص للمنصة

وأشار مسؤول الصيانة إلى السياج الحديدي الذي يضع حدود الكنيسة داخل النهر "إحنا طلبنا إننا نبني سور خرسانة مكان السور دا علشان نقدر نحجز المياه ونحمي الكنيسة، مش طالبين نبني سور عالي يعني كله 30 سم، ومش هنغير مكانه ولا هناخد من مساحة النيل، بس حماية النيل بيقولوا أي حاجة تخص الكنايس حتى لو هتعلي سور عند الأمن الوطني". 

وتابع "الأمن الوطني بيطلب جواب من الجهة اللي باعتاني، بس حماية النيل مبتطلعش ورق، وقاعدين يحدفونا لبعض. وكل مرة بيغرقونا في ورق وإجراءات. مرة طلبوا مننا ترخيص بناء الكنيسة، طيب دي كنيسة مبنية من القرن الرابع، هجيب الترخيص منين؟".

 

غرق إحدى قاعات مدارس الأحد في الكنيسة. خاص للمنصة

المنصة تواصلت مع مصدر كنسي في كنيسة الأقباط الأرثوذكس، غير أنه رفض التعليق مكتفيًا بالإشارة إلى أن ثمة اتصالات تجري لمحاولة حل الأزمة خلال 48 ساعة. 

هذا الحادث ليس الأول من نوعه ولكنه الأفدح، ففي كل سنة ومع موسم فيضان النيل يعلو منسوب المياه ويهدد الطابق السفلي ولكنه لم يدخل من قبل إلى القاعات المغلقة، حسبما ذكر مسؤول الصيانة "كل سنة بيحصل إن المياه بتعلى وبتدخل على حرم الكنيسة بس مابتبقاش عالية زي السنة دي، يعني حوالي اتنين أو تلاتة سم، وعمرها ما دخلت القاعات، السنة دي بقى الدنيا غرقانة وبقى لنا كام يوم قاطعين الكهربا تحت كمان علشان خايفين من أي مشكلة أكبر تحصل".

ويلزم قانون بناء وترميم الكنائس الصادر في 2016 بالحصول على تصريح من المحافظ قبل مباشرة أي أعمال ترميم أو تدعيم أو تعلية في أي كنيسة قائمة، ولا يحدد القانون الإجراءات التي يمكن اتخاذها في حال عدم صدور رد من المحافظ على الطلبات المقدمة. 

 

تراكم المهملات بعد غرق ممرات الكنيسة. خاص للمنصة

كانت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية رصدت في تقرير أصدرته في يناير/ كانون الثاني 2020 "36 حادث توتر وعنف طائفي على الأقل منذ بداية تطبيق قانون بناء الكنائس ترتبط جميعها بممارسة الشعائر الدينية، وأدت تدخلات مؤسسات الدولة المختلفة في الفترة نفسها إلى غلق 25 كنيسة ومنع إقامة الشعائر الدينية الجماعية في المناطق التي تقع بداخلها".