تصوير سالم الريس- المنصة
خيام النازحين منطقة المواصي غرب مدينة رفح- 14 ديسمبر 2023

النزوح من الملاذ الأخير في غزة

سالم الريس
منشور السبت 10 فبراير 2024 - آخر تحديث الأحد 11 فبراير 2024

أمطرت طائرات جيش الاحتلال الإسرائيلي، صباح اليوم، غرب مدينة رفح، جنوب قطاع غزة، بمنشورات في هيئة جريدة مطبوعة تحمل عنوان "الواقع الثاني"، تحرض ضد حركة حماس وبعض رموزها. في وقت حمّل نازحون، تحدثت إليهم المنصة في رفح، دولة الاحتلال وحركة حماس، مسؤولية ما يواجهونه حاليًا. 

جاء ذلك في ظل التهديدات الإسرائيلية المتصاعدة، وإعلان رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو أمس، عن مصادقته على خطة اجتياح مدينة رفح، وخطة لإجلاء النازحين الذين لجأوا للمدينة في وقت سابق من الحرب، دون الإعلان عن تفاصيل خطة الإجلاء.

منشورات إسرائيلية تحريضية تلقيها إسرائيل في رفح بتاريخ 10 فبراير 2024

وزعمت المنشورات، التي اطلعت عليها المنصة، أن "حماس تمنع الفلسطينيين من أخذ المساعدات في خان يونس"، وقالت إنه ظهر في مقاطع فيديو التقطت في خان يونس في الأسابيع الأخيرة "رجال مسلحون يمنعون وصول المساعدات إلى مستشفى الأمل، ويعتدون بالضرب على المدنيين الذين ينتظرونها... إن هذه اللقطات ما هي إلا غيض من فيض الأمثلة على أنواع الفساد والقسوة التي تميز حياة السكان تحت سيطرة حماس".

وسبق وألقت إسرائيل الشهر الماضي منشورات في رفح تطالب النازحين بالإبلاغ عن أماكن الرهائن.

وعبّر 5 نازحين في رفح لمراسل المنصة عن غضبهم من عدم إبرام أي صفقة لتبادل الأسرى تؤدي إلى إعلان التهدئة ووقف إطلاق النار، محمّلين كلًا من إسرائيل وحماس المسؤولية عما وصلت إليها أوضاعهم.

وقال أحد النازحين، الذي طلب عدم نشر اسمه، إنه لا يملك حرية الاختيار "ما حدا أخد رأينا بالحرب، ولا حدا بيسألنا عن مطالبنا، فقط الجميع يتحدث بلساننا ويقرر عنا".

وقال آخر، رفض نشر اسمه، إنّ ما يجري اليوم من مماطلة وإطالة لأمد الحرب تحت حجة تحسين شروط الصفقات بين إسرائيل وحماس، لا يراعي حالة النازحين وما وصلوا إليه من جوع ومرض، مضيفًا "الاحتلال احتلال، ليس مستبعدًا عنه ممارساته الوحشية والدمار الذي أحدثه. لكن عتبنا على القيادات الفلسطينية وبخاصة حماس، التي لم توفر أي مقومات للأمان والحماية للمواطنين قبل قرار اقتحام الحدود وشن إسرائيل للحرب".

وطالب النازحون الخمسة حركة حماس بإنهاء الوضع الحالي الذي يعاني منه أكثر من مليوني غزي للشهر الخامس على التوالي، كما طالبوا الرئاسة الفلسطينية والدول العربية، خصوصًا مصر وقطر بالعمل على إنهاء الحرب والضغط على جميع الأطراف.

وكانت حماس اقترحت الأربعاء الماضي مسودة اتفاق جديدة لوقف إطلاق النار، تتضمن ثلاث مراحل، مدة كل منها 45 يومًا، ردًا على مبادرة نقلها وسطاء قطريون ومصريون، وتحظى بدعم الولايات المتحدة وإسرائيل.

وسبق ونشرت شبكة إن بي سي، الخميس، أن إسرائيل "مستعدة للسماح للسنوار بالخروج إلى المنفى مقابل إطلاق سراح جميع المحتجزين وإنهاء حكومة حماس في غزة".

 فيما نقل موقع الحرة، عن وسائل إعلام إسرائيلية أن القيادي السنوار، "انقطع الاتصال" به منذ عشرة أيام، إذ لم يقم بأي اتصال مع الوسطاء القطريين أو المصريين.

وما زالت المفاوضات جارية على ورقة باريس، التي خرجت من اجتماع لمديري مخابرات مصر وقطر وإسرائيل والولايات المتحدة في باريس 28 يناير/كانون الثاني الماضي، وسلمت حماس ردها بشأنها إلى القاهرة وقطر الأسبوع الماضي، قبل أن يصل وفد من حماس إلى القاهرة الخميس الماضي لاستكمال المباحثات بشأنها.

نزوح بعد نزوح

وفي غضون ذلك، حمَل عدد من النازحين في غرب المدينة أمتعتهم وقرروا العودة إلى منازلهم والمناطق القريبة منها في المنطقة الوسطى حيث مخيمات النصيرات والبريج والمغازي، مع تواتر الأنباء عن قرب اجتياح إسرائيلي لرفح.

وكان الآلاف من سكان شمال ووسط القطاع نزحوا إلى الجنوب سيرًا على الأقدام في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، تحت وطأة الاجتياح الإسرائيلي لشمال ووسط القطاع. وقدرت وزارة الصحة الفلسطينية العدد التراكمي للنازحين منذ بداية العدوان في 7 أكتوبر/تشرين الأول، وحتى 10 نوفمبر الماضي، بأكثر من 1.6 مليون فلسطيني، فيما يوجد 160 ألف نازح قسري في 57 منشأة تابعة لمنظمة الأونروا.

وفي مرحلة لاحقة أمر جيش الاحتلال الإسرائيلي النازحين المستقرين في جنوب غزة في مناطق مثل خانيونس وغيرها بالنزوح مرة أخرى إلى رفح على الحدود مع مصر.

وقال محمد شحادة من مخيم النصيرات لـ المنصة، إنه لا يشعر وأسرته بالأمان في مخيمات رفح، ولذا قرر العودة للمنطقة التي يقع بها منزله، رغم ما سبق وأعلنه جيش الاحتلال في يناير الماضي من كونها منطقة عسكرية. 

من جانبه، قرر إبراهيم أحمد، الذي نزح من مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، وارتحل إلى عدة مناطق حتى وصل وعائلته لمدينة رفح قبل أسبوعين، العودة إلى دير البلح وسط القطاع، "التهديدات كثيرة، أبنائي لا يشعرون بالأمان، لذلك قررنا الانتقال قبل أي تهديد جديد أو مطالبة بالإخلاء".

وأضاف لـ المنصة "نتمنى فتح الطريق للعودة إلى غزة في أقرب وقت. كل غزة غير آمنة ولكن رفح أصبحت مهددة أكثر من قبل".

استهداف جديد للأطباء

وقُتل 22 فلسطينيًا فجر اليوم، بعد استهداف جيش الاحتلال منزلين شرق رفح، وأصيب آخرون وصلوا للمستشفى الأوروبي ومستشفى أبو يوسف النجار. كما استهدف الاحتلال صباح اليوم سيارة بحي تل السلطان غرب رفح، ما أدى إلى مقتل 3 من عناصر الشرطة التابعة لوزارة داخلية حماس، وإصابة بعض المارة.

وفي خانيونس، هاجم جيش الاحتلال الإسرائيلي وبشكل مباشر، مُجمع ناصر الطبي، مستهدفًا ساحة المستشفى بعدد من القذائف ما أدى إلى مقتل بعض المواطنين وإصابة آخرين.

وأفاد المتحدث باسم وزارة الصحة الدكتور أشرف القدرة، بأن الاحتلال أطلق نيرانه المكثفة باتجاه بوابات ومباني وساحات مجمع ناصر الطبي، ما أدى إلى مقتل شخص وإصابة آخرين، مشيرًا إلى أن الطواقم الطبية لم يعد باستطاعتها الحركة بين مباني المجمع الطبي. 

وأضاف القدرة، في إفادة نشرتها وزارة الصحة على حسابها الرسمي على واتساب، "نخشى على حياة 300 كادر صحي و450 جريحًا ومريضًا و 10 آلاف نازح داخل المجمع"، مطالبًا المؤسسات الأممية بالوجود داخل مجمع ناصر الطبي لحمايته وحماية كل من بداخله.

ونشرت عدد من الفيديوهات من داخل مجمع ناصر الطبي، ظهرت فيها الدبابات وجنود الاحتلال متمركزين أمام بوابة المجمع الشرقية، ما يوحي بفرض حصار مطبق على من داخله. يأتي ذلك بعد 14 يومًا من حصار واقتحام مستشفى الأمل التابع لجمعية الهلال الأحمر بحي الأمل غرب خانيونس، وقتل واعتقال عدد أعضاء الطاقم الطبي للمستشفى.

وفي مدينة غزة، أكد 3 من شهود العيان الذين تواصل معهم مراسل المنصة، تراجع الدبابات الإسرائيلية من المنطقة الغربية للمدينة، وخاصة تل الهوا والشيخ عجلين وحي الرمال الجنوبي، حيث بدأ عدد من المواطنين العودة لتفقد ممتلكاتهم.

وأكد شهود العيان تدمير الاحتلال للشوارع والبنية التحتية والأبراج والمباني السكنية بشكل كبير، لكن لم يصدر أي إعلان من قبل جيش الاحتلال حول أي عملية انسحاب بشكل رسمي من منطقة غرب غزة.