طالبت منظمة الصحة العالمية، أمس الأربعاء، بوقف إطلاق النار في السودان، بعد مقتل أكثر من 460 شخصًا في مستشفى في مدينة الفاشر بإقليم دارفور، في وقت قال قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، المعروف بحميدتي، أن ما جرى "عمل احترافي يدرس في الجامعات".
وكانت "تنسيقية مقاومة الفاشر" اتهمت عناصر من قوات الدعم السريع بتصفية جرحى ومصابين داخل المستشفى السعودي بمدينة الفاشر، المنشأة الطبية الوحيدة التي لا تزال تعمل جزئيًا في المدينة، وذلك في اليوم الثالث لسيطرة الدعم السريع على مركز ولاية شمال دارفور غربي السودان.
وقالت منظمة الصحة العالمية في بيان أمس إنها "مستاءة ومصدومة بشدة لمعلومات تحدثت عن مقتل أكثر من 460 مريضًا، وأشخاص يرافقونهم في المستشفى السعودي للتوليد في الفاشر بالسودان، إثر الهجمات الأخيرة وخطف عاملين في مجال الصحة.
والأحد الماضي، أعلنت قوات الدعم السريع، سيطرتها على مدينة الفاشر بعد معارك عنيفة انتهت بالاستيلاء على مقر الفرقة السادسة للجيش وآخر معاقله في المدينة، وهو ما أقر به قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان في اليوم التالي، معلنًا انسحاب القوات "تجنبًا لمزيد من الدماء والضحايا".
واتهمت دول إقليمية ودولية ومنظمات أممية، وتقارير محلية، قوات الدعم السريع بارتكاب مجازر مروعة وعمليات قتل جماعي أقرب إلى الإبادة الجماعية، في مدينة الفاشر التي استولت عليها بعد أكثر من عام ونصف العام من حصارها.
وكان لحميدتي رأي آخر، إذ قال في خطاب إن المدينة ستؤمّن ثم تسلم للشرطة، وأن ما جرى "عمل احترافي يُدرس في الجامعات"، معتبرًا "تحرير الفاشر نقطة تحول لوحدة السودان".
وأكد حميدتي أن "جميع القوات ستخرج من الفاشر بعد تأمين المدينة وتسليمها للشرطة"، ولفت إلى أنه تم الإعلان عن تشكيل لجنة تحقيق حول ما حدث في الفاشر، مقرًا بوقوع "تجاوزات"، مؤكدًا في الوقت ذاته أن "حرب الفاشر فرضت علينا، ونحن الآن في مرحلة السلام ولن نفرط في وحدة السودان سلمًا أو حربًا".
من جهته، قال المدير الإقليمي لإفريقيا في اللجنة الدولية للصليب الأحمر، باتريك يوسف، إن المنظمة قادرة على إدخال المساعدات الإنسانية إلى السودان، مشيرًا إلى أن العقبة الأساسية تكمن في غياب الإرادة السياسية.
وأضاف أن اللجنة ساعدت نحو 100 ألف شخص في منطقة طويلة بالسودان، مؤكدًا أن البلاد تواجه كارثة إنسانية حقيقية.
في الأثناء، أكد وزير الخارجية بدر عبد العاطي، أمس الأربعاء، على دعم بلاده الكامل للشعب السوداني، والتزامها بمواصلة جهودها الرامية لتحقيق الاستقرار والسلام في السودان.
وأشار عبد العاطى لدى استقباله نظيره السوداني محيي الدين سالم إلى انخراط مصر بفاعلية في المسارات الساعية إلى وقف إطلاق النار، وإقرار هدنة إنسانية شاملة تتيح نفاذ المساعدات الإنسانية وتخفيف معاناة المدنيين.
كما شدد عبد العاطي على تمسك مصر بوحدة السودان وسيادته وسلامة أراضيه ومؤسساته الوطنية، مؤكداً أن أمن السودان واستقراره يعدان جزءًا لا يتجزأ من أمن واستقرار المنطقة.
وتقع الفاشر في المنطقة الشمالية من إقليم دارفور، وتعد عاصمة الإقليم وتبعد أكثر من 800 كيلومتر إلى الغرب من العاصمة الخرطوم، ونحو 195 كيلومترًا عن مدينة نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور.
وتعد الفاشر آخر عاصمة إقليمية كانت خارج سيطرة الدعم السريع منذ اندلاع الحرب في أبريل/نيسان 2023، وظلّت محاصَرة لأكثر من 18 شهرًا. وخلال الحصار، وثّقت منظمات إنسانية نقصًا حادًا في الغذاء والدواء، ما أدى إلى تفشي الجوع والأمراض بين سكانها، الذين يُقدَّر عددهم بنحو 250 ألف نسمة.