مصدر الصورة:  Humans of Upper Egypt

أبو عمو

منشور الثلاثاء 23 مايو 2017

مُهندم، تكسو وجهه ابتسامة لا تخلو من فخر واعتزاز بالذات. يلتصق كتفه بأحد الشخصيات العامة. يكتبُ بزهوٍ: "صورتي مع الأستاذ .. محبتي واعتزازي".

تتعثر، أحيانًا، أثناء تجولك في فيسبوك في هذه الشخصية. نجمُ القرية الفقيرة النائية القادم إلى القاهرة لينال من قهرها نصيبًا وافراً في حياته العملية. ومن أضوائها نصيبًا افتراضيًا على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي.

يعملُ، غالبًا، في وسيلة إعلامية. يتكاثر هذا النوع داخل الصحف. يظهر بين حين وآخر على شاشات الفضائيات كمراسل أو مقدم وأحيانَا ضيف وخبير.

بروفايله مصنوع بدقة متناهية. صورته الشخصية إمّا رفقة كاتب أو ممثل أو لاعب شهير مُذيل بها وصف يوحي بقوة علاقته بهذا الشخص. وأحيانًا يلتقط صورة إلى جوار "لوجو" الوسيلة الإعلامية التي يعمل بها معبرًا عن فخره بالتواجد ضمن "كتيبتها" أو سعادته بـ"مرور 3 أعوام على تعيينه" على سبيل المثال.

يُفضل أيضًا تلك الصور العميقة حيثُ يجلس شارد الذهن غارقًا في أفكاره وإلى جواره "فنجان القهوة". ويُذيل هذه الصور بتعليقات مثل "لحظة تأمل بعد يوم عمل شاق".

يعرف صديقنا جمهوره جيدًا. لا يخاطب في الغالب زملاءه في العمل خاصة ذلك المواطن القاهري، ابن العاصمة. حديثه موجّه، بشكل رئيس، إلى رفقاء الطفولة الأهل والأصدقاء "في البلد".

هو بالنسبة لهم مصدر "موثوق" للأخبار يحرص على كتابة أهمها على صفحته. يُعقب عليها حينًا شارحًا وجهة نظره وُيعرض عن ذلك في أحيان أخرى مترفعًا.

حين "ينزل البلد" تبدا الاحتفالات. حريص أشد الحرص على إظهار حفاوة الاستقبال من أبناء بلده. وهم أشد منه حرصًا على التقاط الصور رفقة "الأستاذ" والاستماع إلى "حديثه الممتع" بعد فترة من الغياب.

الحنين إلى الطفولة والافتخار بالمنشأ وسيول الذكريات تنهمر على بروفايله خلال تواجده في البلد. يلتقط صورًا عديدة مع أقربائه ويقوم بنشرها إضافة إلى صورته بـ"الجلابية" وتلك الصورة الشهيرة حين يمتطي الخيل متباهيًا.

يعاني أثناء تواجده في القاهرة من أزمة متكررة. رفقاء العمل من أبناء العاصمة والوافدين عليها لا يعلمون كثيرًا عن تفاصيل حياته الأولى في القرية. يُداعبه أحدهم على فيسبوك بعبارة تفوح منها رائحة السخرية فيحذفها ثم يعاتبه، ويقوم آخر بمداعبته ويكتب  أحد "أسماء الدلع" التي أطلقت عليه أثناء تواجده في القاهرة فيحذفه  ويعاتبه غاضبًا "الناس في البلد ما ينفعش يشوفوا الحاجات دي".

أبرز ما تصطدم به أثناء تجولك في بروفايل هذا الشخص هو التعليقات المصاحبة لصوره الشخصية خاصة حين يتواجد رفقة نجم جماهيري.. "رفعت رأس بلدنا كلها".. "الله عليك يا نجم الصعيد يا عالمي".. "واحشني يا أبو عمو".