مجند يحمل سلاحه أمام سفارة كندا بالقاهرة.

علي كندا رايحين.. لاجئين بالملايين

منشور الخميس 25 مايو 2017

من حوالي أسبوعين تلاتة، صحينا علي خبر من كندا بيقول إن بدايةً من أول يونيو/حزيران 2017 ، قسم حماية اللاجئين (Refugee Protection Division) قرر الإسراع في البت في طلبات اللجوء من مصر، بالإضافة للطلبات من الدول اللي أصلاً بيتم التعامل مع طلباتها بشكل سريع زي العراق وسوريا وأفغانستان واليمن وبوروندي.

طبعاً الموضوع دة زواياه كتير وفتح كذا جبهة. هاحاول هنا أتكلم* من واقع خبرتي اللي بتتمحور حوالين تخصصي الماضي والحالي والمستقبلي. حاكم  أنا اشتغلت في السفارة الكندية اللي طلعت بيان زود البلبلة. ودرست وخلصت دبلوم مستشار هجرة وفِي انتظار أعدي إمتحان في أغسطس/آب علشان آخد رخصة مزاولة المهنة. وحاليًا بشتغل مستشار توطين في إحدى المؤسسات المعنية بالأمر. وشغلي الحالي وضّحلي معلومات تتعلق بطلبات اللجوء لكندا اللي كانت تاريخياً حكراً بشكل كبير علي الأقلية المضطهدة دينياً.

مغزي القرار

أولاً قرار قسم حماية اللاجئين كان واضح في تفاصيله. الموضوع مش تسهيل وزيادة عدد الطلبات المدروسة من مصر. القرار يتعلق بالإسراع في البت في الطلبات. الإسراع -مش التسهيل أو التغاضي عن شروط لقبول طلبات اللجوء- كان هو روح وجسد القرار.

موضوع تعريف اللاجئ مُحدد للعالم من خلال وكالة الأمم المتحدة للاجئين UNHCR ويتمحور حوالين طلب الحماية للخوف من العودة للبلد الأم لأسباب تتعلق بالشكل والنوع والهوية السياسية والانضمام لجماعة.

اللاجئ من مصر :

المعلومة دي بتوضح حاجة مهمة، وهي إن اللاجئ وفقًا للتعريف ده ما ينفعش يطلب حق اللجوء من البلد اللي هو حاسس فيها بالتهديد، اللي هي مصر في حالتنا. ماهو ما ينفعش أصحي الصبح أطلع علي سفارة كندا أقول لهم أنا مهدد في مصر. يقوموا يدوني رقم وأرجع أعيش في بيتي المهدد لغاية ما يبعتولي يقولولي طلبك مقبول ألف مبروك الفيزا أهي ولازم تسافر خلال سنة. السيناريو التاني هو إن كل المتقدمين بطلب لجوء للسفارة يعيشوا فيها لغاية ماطيارة تيجي تاخدهم من سطوح مبني السفارة لكندا.

الدرس ده باين كده إنه ماكانش واضح لناس كتير سمعت عن قرار قسم حماية اللاجئين بشكل سطحي. أو مثلاً أخدوه بشكل عاطفي فيه الكتير من الأماني. بعدها بيومين السفارة طلعت بيان علي صفحة الفيسبوك قالت فيه إن خلال اليومين اللي فاتوا تم تداول أخبار مغلوطة عن تغيير كندا لسياساتها بخصوص اللاجئين من مصر وبعض البلدان الأخري. وبالتالي تدعو المتابعين أو المهتمين بزيارة صفحة اللاجئين علي بوابة وزارة الهجرة واللاجئين والجنسية الكندية للحصول علي المعلومات السليمة. للأسف من التعليقات علي البوست، الواحد حس بسطحية التعاطي مع الخبر، وإن العواطف والأحلام المنهارة كانوا أسياد الموقف.

يعني تحس كدة إن الأغلبية حست إن كندا كانت منتظرة المصريين بفارغ الصبر علشان تفتحلهم الباب الخلفي للهجرة (وكأن الحاجة وستين برنامج هجرة مش كفاية)  بس بعد ما الحقيقة ظهرت طلع حلم كان بعيد المنال.

اقرأ أيضًا: سفر المصريين للخارج في عهدة ضابط اتصال

عبث الإحباط المؤلم:

الكوميديا إن التعليقات غير إنها كانت بتعبر عن إحباط من أحوال البلد وخوف من بكرة وقرار بعدم الاستثمار في الجواز والخلفة في مستقبل مش مضمون في مصر، إلا إن دمها كان خفيف بشكل مؤلم. مثلاً، جالي رسايل بتسألني إذا ممكن أصحابها يقدموا علي لجوء بسبب المثلية الجنسية.  وإذا كانت كندا عندها أساليب لكشف عدم صحة الادعاءات دي. مثال تاني، هنلاقي في التعليقات علي بوست السفارة ناس بتقول إن كندا هي أمي وإني ماقررتش أبقي مصري وإني طول عمري حاسس إني كندي من جوايا.

الغريب في الموضوع، ودي ملاحظة تتعلق بشغلي في توطين الكنديين الجدد في Immigrant Services Calgary  هو إن اللجوء كان تاريخياً بيتمحور حوالين الاضطهاد الديني للأقلية المسيحية. بس أنا لاحظت خلال السنة اللي فاتت إن فيه لاجئين من مصر دخلوا كندا بسبب الاضطهاد السياسي.. بالبلدي إخوان.

للأسف المشاهدة دي تتعلق بالوضع في مصر خلال السنتين تلاتة اللي فاتوا -حيث إن عندنا نظام قضائي بيحكم بإعدام 528 متهمًا بينهم أطفال في جلسة واحدة- وبالتالي بقي عادي إن ييجي طلبات لجوء كتير من مصريين حاسين بعدم أمان بسبب معتقدهم السياسي.

وعلي فكرة، قرار إسراع البت في طلبات اللجوء أحد أسبابه الخوف من النظام القضائي في مصر.  والخوف من صدور أحكام مُسيّسة. ومع الطلبات الكتير خلال السنتين تلاتة اللي فاتوا -اللي من الواضح إنها نجحت بشكل كبير في الحصول علي صفة الحماية- يبقى مفيش سبب يدعو لتعطيل طلبات لجوء من بلد عندها الحد الأدني من المصداقية القانونية.

وبالتالي القرار في حد ذاته -بعيداً عن التندر علي مصر اللي بقت زي سوريا والعراق واليمن وبوروندي وأفغانستان- هو أحد أشكال الضغط أو الموقف السياسي علي الإدارة والقضاء المصري من خلال قرار إنساني.

طيب وختاماً، المواطن المصري محتاج يتعلم إيه من القرار ده؟ أولاً مفيش تسهيل لعملية اللجوء لكندا. الموضوع إسراع البت في للطلبات اللي بتوصل من علي الحدود (Boarder Claims) أو من داخل كندا (Inland Claims).

ثانيًا، وهو معطوف علي أولاً، السفارة الكندية بالقاهرة لا تستقبل أو تبت في طلبات اللجوء من مصر. ثالثاً، مصر لم يتم إعلانها منطقة منكوبة من قبل الأمم المتحدة، وبالتالي لا يسري رقم وكالة اللاجئين علي المصريين. وكمان لا يسري علي المصري هنا النظام اللي كان بيسري علي اللاجئين السوريين لدخول كندا من قبل جماعات ومؤسسات عندها وضع قانوني معين مع وزارة الهجرة واللاجئين والجنسية بكندا.

اقرأ أيضًا: "زغلول مفيش.. م النهاردا اسمك بهيرة".. في مديح السف ومواجهة الواقع


* المادة العلمية والقانونية تمت مراجعتها من قبل المستشارة المصرية دينا بشري المقيمة بكالجري. ورقمها المسجل بمجلس تنظيم مهنة مستشاري الهجرة بكندا (ICCRC) (R519812) وهي الجهة الوحيدة المنوط بها تنظيم المهنة.