يسرا الهواري عن حب الحياة.. "نقوم ناسيين"

منشور الأربعاء 27 ديسمبر 2017

"كلنا هننام بالليل ونقوم ناسيين". بهذه الجملة يبدأ ألبوم يسرا الهواري الأول، هذه الأغنية التي اختارتها عنوانًا للألبوم "نقوم ناسيين"، عن بساطة الحياة بكل تعقيداتها وبكل مشاكلها سواء حُلَّت أم لا. عمل لا يبحث عن قضايا وطنية أو عن حلول لمشاكل اجتماعية، بل يتناول الحياة نفسها، حياة الناس، إدمانهم للفتارين والماركات والأصدقاء، عن مشكلاتهم اليومية "عدوا كام رنة من الأغراب.. كام أصلًا صاحب على القايمة.. عدوا كام باقي من الأصحاب.. وعدوا كام ترباس على الأبواب". 

وجدت يسرا أن النوم هو الحل لإنهاء مشكلات الوحدة والغربة والأمان، سواء كان نومًا معذبًا أو مريحًا، في النهاية سننام لنستيقظ في يوم جديد ينسينا الأمس.

فمن طبيعة الإنسان أنه ينسى، وهو ما يساعده على الاستمرار في الحياة بروتينها المعتاد، فلو استيقظ الإنسان متناسيًا هموم الأمس وعاش يومه العادي ستمر العذابات اليومية في الشارع من زحام وأتربة وفي المنزل وفي العمل من ضيق وعدم ترتيب، ولكن في لحظات تليها سنعيش مهونات بسيطة تنسينا اللحظات الصعبة السابقة.

تعبر يسرا عن أزمة الفتيات المعتادة بأغنيتها "الدنيا أكبر من الأوضة" في دعوة ليست للتمرد أكثر من كونها دعوة لأخذ الحياة ببساطة حتى لو ببعض العناد "حالفة لأمشيها"، فهي ترى الحياة أبسط من عدم قدرتها على ارتداء ما تريده من ملابس بسبب الخوف من الناس، وتراها كذلك أعقد من كونها تتعرض لمضايقات أو تعليقات سلبية لا تهتم لها فمهما قالوا "هنقوم ناسيين" حتى أن يسرا تنهي الأغنية بضحكة رائقة منتصرة فى اشارة لتغلبها على الدنيا "أنا مش خايفة".

كذلك تستكمل يسرا روح العناد في "مفيش قمر عالي"، فهي قادرة على الوصول إلى كل ما تريد الوصول إليه، ويمكن أن تخوض تجربته، كأنها أخذت من مبدأ منير "أي مغامرة راح تنفعك"، لتعبر عن تصالحها مع كل التجارب، ولا تخاف من ردود فعل الناس "صدقت صوتي صالحت غلطي..وعرفت عیبي ماخبیتهوش.. عاهدت نفسي إني ما اخافشي.. من اختیار الناس ماتقبلوش".

ولأنها تؤمن وتعمل على أن تجرب كل شيء، فلن تعبأ وهي تقول "وأنا ماشي هاخد نفس سيجارة فنجان قهوة ومزيكا"، هذا كل ما تتمناه من الدنيا، أبسط الأشياء مع صديق وحبيب. وهكذا يمكن أن ترحل راضية عن الدنيا "ولا ماسك في ديل بكرة ولا للماضي أنا مفارق"، لا تبحث عن تمسك بمستقبل أو ماضٍ، فقط تود أن تعيش اللحظة بلحظتها. 

الوجع لن يتركك حتى لو نسيت أو تناسيت، الوجع لا مفر منه، يترك اثرًا في قلبك ومع ذلك تقول يسرا "يا قلبي لا تحزن كل الوجع بيفيد". فلا داعي للبكاء على ماضٍ أو مستقبل لن يأتي، كل ما عليك أن تعيش دون حزن فكل شيء يمر ويُنسى حتى لو بقي بعض الوجع، فعِش يا قلب كما تريد، لا تسمع كلام العقل.

كذلك الفراق أيضًا، من المشاعر التى ربما لا نفلت منها على الرغم من وجود "ما يجمع ما بينا"، إلا ان هناك "حاجة بريحة الفراق"، أي فراق، فراق حبيب أو حتى ربما يكون فراق "كشكول" ضائع منسي، حتى لا تعرف إن كان هو ما سلك طريقًا آخر أم هي التي أضاعته.

في "جيسيكا" التي أعادت تقديمها في الألبوم بعد أن اعتادت غناءها في حفلاتها طوال السنوات الماضية، تمر علاقة حب بين طرفين من خلال جيسيكا، البنت الجميلة التي يحبها الجميع بمن فيهم حبيبها "قبل فرحنا بشهر واحد يوم ما عرفنا جيسيكا مقدرش ألومك يا حبيبي ده مين ميحبش جيسيكا"، هي لا تلوم حبيبها بل تعترف أنها أيضًا، مثل كل الناس، تحب جيسيكا. 

يمر مشهد رومانسي جميل في "شاي بلبن"، حين يتجسد الحب في إفطار الصباح، في التلامس المادي الجسدي "يبوسوا بعض ويحضنوا"، والمعنوي في تشاركهم المشاعر، حتى أن البساط والغرام هو الجهاز، وأثاث المنزل. شارك الهواري في غناء هذه الأغنية صدقي صخر.

في "سلم على البيت" تذكرنا الهواري بأنها عازفة الاكورديون والمؤلفة الموسيقية فتترك المقطوعة الموسيقية الوحيدة فى الالبوم دون كلمات كتأكيد على موسيقاها كمشروع قبل أن تكون مغنية.

البدايات والتجربة الأولى

كانت بداية يسرا الفنية مع فرقة الطمي، ثم فرقة مشروع كورال، مع مؤسسها سلام يسري، وهو أكثر من شجع وتعاون مع يسرا فنيًا، كانت في تلك الأثناء تهتم بتطوير نفسها في العزف على الأكورديون، آلتها المفضلة، وهي من قلائل المغنين الذين يعزفون بشكل احترافي في مصر، وتعلمت التلحين، ثم بعد ثورة يناير ركزت على الغناء أكثر. فكانت من الأصوات الخفيفة، ذات الطابع المميز المائل إلى البهجة، وتختار كلمات تشبهها وتشبه صوتها، بسيطة ولكنها معبرة.

خفة يسرا وتلقائيتها مررت استخدامها بعض الكلمات الغريبة، مثل "عمل بيبّي"، و"بوسنا بعض في الشارع"، لا تشعر أن يسرا تغني ولكنها تخوض حوارًا أو حديثًا عاديًا، كان هذا سبب نجاح أغنياتها الأشهر "في الشارع" و"السور" و"أوتوبيس" و"بابتسم"، ثم ظهرت كمذيعة في برنامج "قعدة مزيكا" على "نجوم إف إم"، لتستضيف أغلب جيلها من فناني "الأندرجراوند".

واجهت تجربة إصدار الألبوم عدة تحديات، أولها خروج الألبوم بإنتاج دعم جماعي مشترك من الجمهور مع منحة الصندوق العربي للتنمية "آفاق"، حيث رأت الفكرة تم تطبيقها في نماذج أخرى، في الأعوام الماضية في العالم العربي، ونجحت ولم يكن لها سبيل سواه حتى تستطيع تسجيل الألبوم فيخرج للأسواق ويصبح متاحًا على يوتيوب.

ظهور نسائي آخر في مجالين لم تعتد النساء على الخوض فيهما، فنجد شيري سمعان هي المسؤولة عن هندسة الصوت في الألبوم وهبة قدري في الماسترينج، بينما كان الإنتاج الموسيقي و الميكساج لأدهم زيدان.

وإلى جانب التنوع الموسيقي في الألبوم فقد خاضت يسرا تجربة في دمج الفن المسموع بالفن المرئي، فقد استطاعت جمع 11 لوحة فنية من 11 فنانًا حيث رسم كل واحد منهم لوحة تعبر عن كل أغنية.

ورغم المستوى الجيد للألبوم ولكن في مقاطع معينة لا يبدو صوت يسرا واضحًا، أو لا يمكن تمييز الكلمات ومخارج الألفاظ، مثل اغنيات "كشكولي" و"ريحة الفراق". ساهم في ذلك أيضًا تسجيل الأغاني الذي جعل الموسيقى عدة مرات أعلى من صوت يسرا.

في ألبومها هذا تعاونت في أكثر الأغنيات مع سلام يسري، فكتب أغنيات "مفيش قمر" و"كشكولي" و"أنا ماشي" و"لا تسمع كلامي"، بينما كتب وليد طاهر "بس كله يهون" وكتب عمر مصطفى "ريحة الفراق" ومحمود عزت صاحب الاغنية الهيد "كلنا هنام بليل" والتى منها كان عنوان الألبوم " نقوم ناسيين" ومن تأليف صلاح جاهين غنت "شاي بلبن" ومن تأليفها كان "جيسيكا" و"أكبر من الأوضة".

بينما كانت الألحان كلها للهواري، مع التوزيع لفرقتها المكونة من شادي الحسيني على البيانو، وصدقي صخر على الهارمونيكا والريكوردر، وكارل كابيل على الماندولا، و محمد عماد (ميدو) على الماندولين والكمان والبوزوكي، ويامن الجمل باص جيتار، وخالد ياسين على الدرامز والإيقاعات، وأخيرًا على الأكورديون، يسرا الهواري.