صفحة إنستاباي مصر على فيسبوك
سكرين شوت من إعلان تطبيق إنستاباي، 20 يونيو 2023

شركات التكنولوجيا المالية.. لماذا تثير شهية المستثمرين؟

منشور السبت 21 يونيو 2025

خلال الربع الأول من العام الحالي، جمعت 36 شركة ناشئة تعمل في التكنولوجيا المالية/FinTech، معظمها في المنطقة العربية، أكثر من مليار دولار من الاستثمارات، وهو ما يتسق مع أداء تلك الشركات في المنطقة، التي تجاوز عددها الألف خلال السنوات القليلة الماضية.

تجذب الشركات الناشئة/Start-Ups المستثمرين الباحثين عن الربح الكبير، وإن كان مقابل مخاطر كبيرة أيضًا، فهي تبدأ برؤوس أموال صغيرة، لكنها قد تمتلك مستقبلًا واعدًا كونها تستثمر في خدمة جديدة تتمتع بفرص طيبة للنمو.

يُقصد بشركات التكنولوجيا المالية تلك التي تقدم خدمات مالية مرقمنة مثل عمليات الدفع والإقراض. وفي المنطقة العربية عدة نماذج لشركات ناشئة تعمل بهذا المجال، استطاعت جذب استثمارات ضخمة في فترة قياسية، مثل تطبيق حالًا المصري الذي يوفر خدمات التمويل الاستهلاكي أو استثمار المدخرات، التي حازت على استثمارات بقيم ضخمة بلغ أحدها 400 مليون دولار أمريكي في عام 2023، واعتبر أكبر تمويل لشركة ناشئة في مصر في ذلك العام.

تشجعنا الأرقام الكبيرة وحجم النمو على طرح سؤال عن سر اهتمام المستثمرين العالميين بالشركات الناشئة في التكنولوجيا المالية في منطقتنا، لتتدفق عليها كل هذه المليارات؟

مؤشرات مستقبلية متفائلة

مع تنامي اعتماد المواطنين العرب على خدمات التكنولوجيا المالية، اتسعت السوق ليبلغ حجمها في المنطقة نحو 1.36 مليار دولار في عام 2023، ومن المتوقع أن يصل إلى 2.40 مليار دولار بحلول عام 2029.

تعد شركة "حالًا" ضمن الكيانات الناشئة التي يطلق عليها وصف اليونيكورن، في إشارة إلى تخطي رأسمالها حاجز المليار دولار، وذلك بفضل قاعدة واسعة من العملاء تقدر بنحو 7 ملايين عميل.

يوجد يونيكورن شهير أيضًا في السعودية، في مجال التمويل الاستهلاكي هو شركة تمارا؛ أول شركة ناشئة سعودية في قطاع التكنولوجيا المالية تحصل على ترخيص التمويل الاستهلاكي في 2020، التي اجتذبت استثمارات وتمويلات ضخمة، من بينها تمويل قدره 400 مليون دولار عن طريق جولدمان ساكس وشروق بارتنرز في 2023.

تشهد الإمارات تجربةً مشابهةً في مجال التمويل وهي بيهايف الإماراتية الناشئة التي تجاوز حجم نشاطها التمويلي في منطقة الخليج للمشروعات الصغيرة والمتوسطة 817 مليون دولار منذ نشأتها.

أسباب نجاح القطاع؟

بشكل عام، فإن قطاع الشركات الناشئة يمتلك ميزةً تجعله قادرًا على جذب الاستثمارات، وهي الابتكار في نموذج العمل، وتتميز الشركات في مجالالتكنولوجيا المالية عن البنوك بأنها أكثر تحررًا من القيود التنظيمية المفروضة على القطاع المصرفي، وربما تكون أكثر إبداعًا في المنتجات التمويلية التي تقدمها للعملاء.

كذلك، ترتبط طفرة الشركات الناشئة في قطاع التكنولوجيا المالية بتطور البنية التحتية للتكنولوجيا في الدول العربية، حيث بدأت الكثير منها خاصة دول الخليج ومصر في إدخال تحديثات على شبكات المحمول بالانتقال إلى شبكات الجيل الخامس، والاتجاه نحو الألياف الضوئية، ما يقلل من النفقات اللازمة لتشغيل التطبيقات الإلكترونية.

كما تحقق شركات التكنولوجيا المالية أرباحًا ضخمةً بفضل الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تستخدمها في تحليل بيانات العملاء الضخمة ودراسة سلوكهم وتقديم منتجات مالية مخصصة بناءً على احتياجاتهم، دون تكبد تكلفة مادية كبيرة حيث تعتمد فقط على تحليل البيانات آليًا بجانب انخفاض تكلفة اكتساب العملاء.

كذلك فإن الشركات الناشئة عادة ما تبدأ برؤوس أموال محدودة؛ في الحالة المصرية على سبيل المثال يسمح قانون الشركات رقم 159 لسنة 1981 بتكوين كيانات دون وجود حد أدنى لرأس المال، ما يفتح الباب أمام أصحاب الأفكار المبتكرة لمجال البيزنس.

وحين تكون الشركة جاهزة لإطلاق منتجها في السوق، تستطيع جذب تمويلات من مستثمر راعٍ، أو ما يطلق عليهم المستثمرون الملائكيون، وكذلك صناديق الاستثمار المؤهلة لضخ تمويلات في أنشطة عالية المخاطر ، مقابل حصولها على حصص من ملكية الشركة، ويسمى ذلك تمويل البذرة /seed funding الذي يساعدها على تنمية أعمالها بوتيرة متسارعة.

لكن ورغم كل المؤشرات الإيجابية، فمن المحتمل أن يواجه هذا القطاع الواعد تحديات فرض القيود التنظيمية عليه، منها قرار هيئة الرقابة المالية في مصر وضع حد أدنى لرأسمال الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية لمزاولة أنشطة التمويل غير المصرفي عند 15 مليون جنيه، ما أثار انتقادات بعض العاملين في القطاع، لكن من جهة أخرى قد تساعد هذه الإجراءات التنظيمية على تنقية السوق من الكيانات الضعيفة وتعزيز الثقة في أدائها لدى المساهمين والعملاء.