
نص كلمة السيسي خلال المؤتمر الصحفي مع الرئيس الأوغندي 12/8/2025
(...) يوري موسيفيني رئيس جمهورية أوغندا،
يسعدني أن أرحب بكم اليوم والوفد المرافق لكم في بلدكم الثاني مصر، في زيارة نثمنها غاليًا، حيث تأتي في إطار العلاقات التاريخية التي تجمع بلدينا وشعبينا الشقيقين المرتبطين برباط نهر النيل الأزلي، ويجمعهما عقود من التضامن والتعاون في مختلف المحافل والمجالات.
السيدات والسادة،
لقد شهدت العلاقات الثنائية المصرية الأوغندية تطورًا ملحوظًا في الفترة الأخيرة، بما يعكس العلاقات والمصالح الوثيقة التي تربط بلدينا، ولقد أكدت خلال مباحثاتنا اليوم مع فخامة الرئيس موسيفني حرص مصر على الارتقاء بالعلاقات مع أوغندا إلى آفاق أرحب، وتطلعنا لأن تمثل زيارة فخامته انطلاقة جديدة نحو شراكة حقيقية بين بلدينا.
وقد شهدنا اليوم التوقيع على عدد من مذكرات التفاهم في مجالات التعاون الفني في مجال إدارة الموارد المائية وفي مجال التعاون الزراعي والغذائي، وفي مجال الاستثمار، وفي مجال الإعفاء المتبادل من تأشيرات الدخول لحاملي جوازات السفر الرسمية، وفي مجال التعاون الدبلوماسي لدعم إنشاء معهد دبلوماسي أوغندي.
وناقشنا اليوم كذلك سبل تفعيل التعاون الاقتصادي وزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين، واتفقنا على الإسراع في إجراءات تشكيل مجلس أعمال مشترك، وتشجيع الزيارات بين مجتمع الأعمال بما يسهم في تحقيق المصالح المتبادلة.
وفي هذا الإطار، سوف ينعقد منتدى الأعمال المشترك على هامش الزيارة للتعرف على الفرص الاستثمارية المتاحة في البلدين، والبدء في اتخاذ خطواتٍ تنفيذية وفعالة في هذا المجال.
تطرقنا كذلك إلى فرص التعاون في مجالات التدريب وبناء القدرات، كما أكدنا حرصنا على المضي قدما في التعاون في مجال مكافحة الأمراض البيطرية، فضلًا عن اهتمامنا المتنامي بالتعاون في قطاع الطاقة، وفي المجال الأمني اتفقنا على مواصلة التعاون القائم لا سيما ما يشهده من تطوراتٍ مهمة، انطلاقًا من الزيارة الأخيرة لقائد قوات الدفاع الشعبي الأوغندية لمصر، والاتفاق على عقد لجنة التعاون العسكري سنويًا.
السيدات والسادة، تبادلت وأخي الرئيس موسيفني الرؤى حول نهر النيل، شريان الحياة لبلدينا، وتوافقنا على أن التعامل الأمثل بين دول حوض النيل يتعين أن يتأسس على ضرورة تعزيز العمل لتحقيق المنفعة المشتركة، والعمل المشترك للحفاظ على هذا المورد الحيوي وتنميته. والتعاون بصيغة مراعاة مصالح الجميع، وعدم إيقاع الضرر وفقًا لقواعد القانون الدولي.
وكما ذكر فخامة الرئيس موسيفني بحكمته البالغة، بدون الحفاظ على بيئة حوض النيل لن نجد شيئًا نتقاسمه.
من هذا المنطلق أكدت لفخمة الرئيس موسيفني، دعمنا الكامل لجهود التنمية في أوغندا، وبقية الأشقاء في دول حوض النيل الجنوبي، واستعدادنا للمساهمة في تمويل مشروع سد أنجلولو بين أوغندا وكينيا، وذلك من خلال الآلية التي أطلقتها مصر للاستثمار في مشروعات البنية التحتية في حوض النيل، بتمويل مبدأي قدره 100 مليون دولار.
كما يسعدني الإعلان عن إبرامنا اليوم مذكرة تفاهم جديدة في مجال الإدارة المتكاملة للموارد المائية، للبناء على التعاون الممتد لأكثر من 20 عاما بين البلدين حفاظًا على بيئة نهر النيل وتنمية لموارده بقيمة إجمالية تبلغ 6 مليون دولار، على 5 سنوات تأكيدًا على التزامنا الراسخ بدعم التنمية في أوغندا وبقية دول حوض النيل الشقيقة.
وفي ذات السياق، أكدت ثقتنا في الدور البناء الذي تقوم به أوغندا لقيادة العملية التشاورية في مبادرة حوض النيل لاستعادة الشمولية والتوافق بين دول الحوض لتحقيق المنفعة المتبادلة.
كما شددت على رفض مصر الكامل للإجراءات الأحادية في حوض النيل الشرقي، الذي سعينا لأن يكون مصدرًا للتعاون لا للصراع، ومخطئ من سيتوهم أن مصر ستغض الطرف عن تهديد وجودي لأمنها المائي، وسنظل متابعين وسنتخذ كافة التدابير المكفولة بموجب القانون الدولي للحفاظ على مقدرات شعبنا الوجودية.
واسمحوا لي هنا إن أنا أتوقف لأن هذا الموضوع كان محل نقاش طويل بيني وبين فخامة الرئيس موسيفني، أولا لحكمته وأيضا لخبرته الطويلة، وأيضا لأهمية هذا لموضوع اللي إحنا بنتكلم فيه.
والحقيقة إحنا توافقنا على إن الميه موضوع مهم جدًا جدًا، والتنمية أيضا مهمة، وإحنا موقفنا كان واضح من الأول، قلنا إن إحنا أبدًا أبدًا لن نكون آآ نرفض تنمية شركاءنا وأشقاءنا في دول حوض النيل، إحنا ما عندناش مشكلة في الموضوع دوت، إحنا عندنا مشكلة واحدة بس، إن التنمية اللي احنا بنتكلم عليها دي ما يكونش ليها تأثير على حجم الميه وحصة الميه اللي بتصل لمصر.
وكان النقاش اللي إحنا اتكلمنا فيه مع فخامة الرئيس، ولقيت الحقيقة تفاهم ووجهة نظر لازم أقولها لكم، يعني فخامة الرئيس بيقول لي إحنا وإنتم ولا إحنا مع بعض فأنا طبعًا قلت له لا إحنا مع بعض طبعًا، إحنا مع بعض، فقلت له يعني إحنا مش مختلفين خالص، قال لي ما أنا عايز أقول لك إن حجم الميه اللي بينزل على الحوض سواء كان النيل الأزرق أو النيل الأبيض، يعني سواء ال.. بالأسس العلمية بتقول إن 1600 مليار متر مكعب من الميه بينزل سنويًا، الميه دي بتتقسم على جزء بيصل إلى الغابات والمستنقعات و.. وجزء تاني بيُستخدم في الزراعة وجزء تاني بيتبخر طبعًا، وجزء بيروح للمياه الجوفية، والجزء اليسير خالص هو اللي بيصل إلى نهر النيل الأبيض والأزرق، اللي هو تقريبا ال 85 مليار متر ميه اللي إحنا بنتكلم عليهم، إن إحنا لو قلنا ال1600 دول ال 85 تساوي قد إيه؟ تساوي 4% تقريبا منهم، 4% من الميه اللي بنتكلم عليها.
لكن ده معناه إيه؟ هل أنا لما بطلب إن الميه دي أو هذا الحجم من الميه يصل لمصر أو السودان عشان نعيش بيهم، وما عندناش مصدر آخر غيرهم، أنا كده رافض التنمية في دول الحوض؟ أو رافض إن هم يستفيدوا من الميه اللي موجودة عندهم سواء كان في الزراعة أو كان في ال.. إنتاج الكهربا؟ لأ طبعًا.
وأنا بأكد ده هنا، قدام فخامة الرئيس وقدامكم، وبقول للمصريين إن إحنا كان موقفنا من الأول، إن إحنا قلنا لا إحنا لسنا ضد التنمية، إحنا بنتكلم ما قلناش حتى اقتسام عادل للميه دي، لأن إحنا لو بنتكلم في اقتسام عادل للميه، نتكلم بقى في ال.. في 1600 مليار متر ميه.. إحنا بنتكلم على المتبقي اللي ما يزيدش عن 4 ، 5% لو إحنا اتكلمنا على 1600 مليار متر ميه.
ده أمر مهم جدًا. إذن لسنا من نردد "نحن وهم"، نحن جميعا.. ما بقولش مصر والسودان فقط وهم، لا إحنا مع بعض كلنا، نعيش كلنا وننمو كلنا ونتعاون كلنا من أجل ازدهار واستقرار بلادنا.
عشان كده، يعني، بأكد تاني إن موضوع الميه بالنسبة لمصر، أصل إحنا ما عندناش سبيل آخر، يعني وكان لسه فخامة الرئيس بيقول لي إنت عارف مصر معناها إيه عندنا في اللغة بتاعتنا؟ قلت له يعني إيه؟ قال لي معناها الحديقة. الحديقة.. طب الحديقة دي بالشكل اللي إنتو شايفينه ده عشان شوية الميه اللي بييجوا من.. (يضحك الرئيس) من النيل يعني، ما فيش ميه تانية، إحنا ماعندناش أمطار وما عندناش يعني.. فهو ده الميه الحصة الي بتجيلنا، وبالتالي ماحدش يتصور إن ممكن إحنا نتخلى عنها لأن إحنا لو تخلينا عن أي جزء منها إحنا بنتخلى عن حياتنا وده أمر مش هيحصل يعني.
أنا حبيت بس أقول النقطة دي، وحجم التفاهم وال.. وإحنا بنعول كثيرًا على اللجنة السباعية اللي بقيادة أوغندا لأنها تصل بينا إلى توافق لاستفادة الجميع والتعاون لدول الحوض لأن دول كتير عندها موضوعات مماثلة وصلت إلى تفاهمات واتفاقيات تـ.. تبقى للكل، وإحنا عايزين نصل لهذا الأمر يعني.
أنا بس عايز أقول إيه.. النقطة ديت، يمكن يا فخامة الرئيس، اللي بتـ.. اللي بتنزل عنده مطرة ما يحسش أبدًا بالإحساس اللي بيعيش بيه اللي ما عندوش مطرة خالص، إحنا في مصر ما فيش عندنا مطر، والشعب المصري عنده حذر شديد، وقلق شديد من موضوع الميه، وأنا بقول للمصريين إن أنا مقدر هذا الأمر، وأنا مسؤول مع أشقائي ومع الحكماء زي الرئيس موسيفني على إن إحنا نوجد حل لا يؤثر أبدًا على حياة المصريين.
مصر بتقابل ضغوط كبيرة جدًا في هذا الموضوع، ويمكن يكون الميه جزء من آآ يعني حملة الضغوط دي لتحقيق أهداف أخرى، وإحنا مدركين لده وبنسعى بكل السبل ودايما وأنا بقول تاني وبأكد قدام فخامة الرئيس نحن دائما ضد التدخل.. ضد التدخل في شؤون الآخرين، ضد التآمر على الآخرين، ضد الهدم والتدمير، إحنا مع البنا والتعاون والتنمية، لأن بلادنا، بلادنا في أفريقيا بقى كفاها سنين طويلة جدا من الاقتتال والصراع.
بطمن المصريين مرة تانية، إن شاء الله هذا الأمر إحنا لن نسمح أبدًا إن يتم المساس بالميه اللي بيعيش عليها 105 مليون، و 10 مليون تقريبًا دلوقتي من الضيوف، ما بنقولش عليهم لاجئين.
هنا، لازم أؤكد وأكرر وعي المصريين، وصلابتهم، هو الركيزة الأساسية اللي أنا بعول عليها في مجابهة أي تحدي أو أي تهديد محتمل.
أنا مش.. مش ها أطول أكتر من كده، لكن عايز أقول في الآخر آآ أنا بشكركم، وبشكر فخامة الرئيس مرة تانية وبرحب بيه في بلده مصر، وشكرا، واسمحوا لي أعطي الكلمة لفخامة الرئيس فليتفضل. (تصفيق)
ألقيت الكلمة في القاهرة بقصر الاتحادية، حيث استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي الرئيس الأوعندي يويري موسيفيني وعقدا مؤتمرًا صحفيًا مشتركًا.