من لقاء هيلاري كلينتون بالرئيس الأسبق محمد مرسي عام 2012 في نيويورك. الصورة: وزارة الخارجية الأمريكية- فليكر

ما قرأته هيلاري عن مصر: نفوذ مرسي المقلق.. وطمأنة الإخوان للجيش

منشور الثلاثاء 13 أكتوبر 2020

عندما اندلعت ثورة 25 يناير، كانت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية حينها تتلقى تقارير شبه يومية تتناول ما يشهده ميدان التحرير من أحداث، وأيضًا عمّا يجري خلف الكواليس. واستمر الأمر على هذا المنوال إلى ما بعد إسقاط الرئيس الراحل حسني مبارك مع تولي المجلس العسكري مقاليد الحكم، والتفاهمات التي أجراها مع قادة جماعة الإخوان المسلمين، انتهاءً بتوليهم السلطة حيث غادرت الوزيرة الأمريكية منصبها في مطلع 2013. 

هذه الرسائل، التي أفرجت عنها وزارة الخارجية الأمريكية ضمن آلاف الرسائل الخاصة بكلينتون لتصبح متاحة للاطلاع، تعكس قراءة الإدارة الأمريكية لما كان يجري في مصر، وتقدم نصائح، بعضها قيل إنه يستند إلى "تقارير استخباراتية" تحدثت في إيميل عن أن قيادات الجيش لم تكن مرتاحة لصعود رئيس جهاز المخابرات الراحل عمر سليمان، وزعمت في آخر أن مصر أرسلت قوات عسكرية لدعم المجلس الوطني الليبي الذي تزعم الثورة على القذافي. 

نظرًا لأن الوثائق تضم مئات الرسائل في عشرات الصفحات؛ اختارت المنصة أن تلقي الضوء على عدد من المحطات المفصلية مثل فترة ما قبل إندلاع ثورة يناير، ووصول الرئيس الأسبق محمد مرسي للسلطة والعلاقة بين المجلس العسكري وجماعة الإخوان.

المراسلات توضح كذلك أن قيادات جماعة الإخوان المسلمين كانت مع نهاية 2011 تضع خططًا لإدارة الشؤون الأمنية في مصر بعد وضع دستور وتشكيل حكومة جديدين، وأنها كانت تحاول طمأنة قيادات الجيش بأن نفوذهم سيستمر في ظل الدولة الإسلامية الجديدة، غير أنها في مواضع أخرى تحدثت عن قلق لدى قيادات المجلس العسكري من أن يتجه المعتدلون في جماعة الإخوان نحو تيارات أكثر عنفًا. 

ومع إجراء انتخابات الرئاسة عام 2012، توضح المراسلات أن أعضاء مكتب الإرشاد وعلى رأسهم المرشد محمد بديع، شعروا بأنهم استهانوا بطموح محمد مرسي بعد أن زعمت إحدى الوثائق أنه أجرى اتصالات سرية مع قيادات الجيش دون علم قيادات الجماعة. 

 

عمر سليمان في لقاء جمع كلينتون وأبو الغيط في واشنطن- أغسطس 2010. الصورة: وزارة الخارجية الأمريكية- فليكر

أزمة عمر سليمان

بعد ثلاثة أيام من جمعة الغضب، تلقت هيلاري كلينتون يوم 31 يناير رسالة من أحد مساعديها، تحدث فيه عن تحليل استخباراتي مؤداه أن ما يحدث في مصر "ليس مجموعة من الشباب يلعبون على السوشيال ميديا كما يصوّرهم الإعلام الأمريكي"، وأنه بناءً على الأوضاع الميدانية فإن "الجيش يريد أن يرحل مبارك، ﻷنه إذا بقي لفترة أطول فقد تخرج اﻷمور عن السيطرة، بينما يريد هو أن يبقى ولو لأسبوعين حتى لا يضطر للفرار".

وعن بدائل مبارك، كان الحديث عن مدير المخابرات عمر سليمان، الذي ذكر التحليل أنه "وبعد وعده بمنصب نائب الرئيس، قبل اندلاع الثورة، سقط في خريف 2010 من حسابات مبارك وتعرّض لسوء معاملة، ربما بسبب طموحات جمال مبارك. وعدم حصوله على المنصب الموعود، كان سببه خوف الأب من أن يخلفه بدلًا من جمال".

وبعيدًا عن حسابات الأب وابنه، ذكر الإيميل أن "سليمان لا يحظى بشعبية لدى بقية العسكريين، فهو من المخابرات وليس من الجيش الذي يعلم قادته أن سليمان رجل لا يحظى بشعبية بين المصريين"، بينما "يريد الجيش قائدًا عسكريًا في منصب الرئيس، ومدنيًا مثل محمد البرادعي في منصب رئيس الوزراء".

وعلى الرغم من وجهة نظر الجيش، كان التحليل المرسل إلى كلينتون يرى أن "الوضع الأفضل هو أن يصبح عمر سليمان رئيسًا مؤقتا للبلاد، وإن كان اﻷمر ينطوي على خطورة".

عقب تنحي مبارك، تولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة مقاليد الحكم لسنة ونصف، شهدت خلالها البلاد أحداثًا ساخنة، وكذلك إجراءات قيادة البلاد العسكرية لترتيب الأوضاع في مستويات أعلى.

وبحسب إيميل تلقته هيلاري من مساعدها سيدني بلومنتال بتاريخ 14 فبراير/ شباط 2011، بعد الإطاحة بمبارك بثلاثة أيام، فإن أعضاء المجلس العسكري "بدأوا بحث مستقبل عمر سليمان، وسط انقسام حول السماح أو عدم السماح له بالبقاء في الحكومة، حيث يطالب رئيس الأركان سامي عنان بإقالته، بينما يرى طنطاوي أن اتصالات سليمان الدولية ومعرفته بمجتمع الأمن والاستخبارات المصري تجعله ذا قيمة".

في المقابل، نقل الإيميل عن مصدر أن "أعضاء المجلس العسكري يشعرون بالقلق من أن سليمان، بصفته رئيس جهاز المخابرات، جمع معلومات مهينة عن العديد من كبار المسؤولين الحكوميين والعسكريين، ويمكنه في حال شعر أنه يتعرض للإهانة أن يستخدمها لإحراج الحكومة الجديدة".

 

قلق المجلس العسكري من عمر سليمان- صورة ضوئية من إيميل هيلاري كلينتون

يد ممدودة للجوار

وبعد أيام من تنحي مبارك، يقول سيدني في إيميل أرسله إلى كلينتون إن "طنطاوي وعنان أصدرا في أواخر فبراير 2011 أوامر لوحدات العمليات الخاصة السرية التابعة للجيش المصري لدعم القوات المقاتلة ضد القذافي في ليبيا، عبر اتصالات مع ممثلين للمجلس الوطني الليبي في بنغازي، وناقشوا كيفية دعم وتسليح المعارضة".

 

إرسال مقاتلين مصريين إلى ليبيا - صورة ضوئية من إيميل هيلاري كلينتون

وفي الإيميل قال سيدني إنه أبلغ معلومات حساسة، يمكن أن يستخلص منها "التزام القوات الخاصة المصرية بالإطاحة بالقذافي جذوره أبعد من العداء المصري القديم له، بل لاعتقاد المصريين أن مستقبلهم الاقتصادي قد يكون مدعومًا بشكل كبير بالنتائج في ليبيا والعلاقات معها بعده".

تفاهمات المشير والمرشد

وفيما يتعلق بالتفاهمات التي جرت بعد الإطاحة بمبارك بين قيادات الجيش والجماعة، كشف إيميل بتاريخ 23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2011، أن "المرشد العام للإخوان محمد بديع ومستشاريه يحافظون على علاقة سرية قوية بالمشير طنطاوي والمجلس العسكري، ليتمكنوا من حكم مصر بنجاح بعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية".

ذكر الإيميل أيضًا أن "المجلس العسكري يزود الجماعة بالمعلومات التي تمنحها تفوقًا مقابل منافسيها من الحركات واﻷحزاب الدينية والمدنية. وفي المقابل تقدم الجماعة معلومات للمجلس عما تشهده الأحزاب السياسية الأصغر والأكثر راديكالية من تطورات، كما تعمل بالتنسيق مع السلطات على الحد من مستوى العنف في المظاهرات المضادة للحكم العسكري".

في رأي المصادر، فإن "اهتمام الإخوان المسلمين بخفض مستوى العنف، يأتي خوفًا من أن خروج الأمور عن السيطرة قد يجعل طنطاوي مضطرًا إلى إلغاء أو تأخير الانتخابات البرلمانية".

في فترة ما بعد الثورة، لم تقتصر العلاقات بين الإخوان والمجلس العسكري على ما سبق من تبادل معلومات، إذ ذكرت الرسائل أن مستوى التعاون بين الطرفين كان أكبر، فبحسب مصادر في إيميل بتاريخ 7 أبريل/ نيسان 2011، فإن "طنطاوي معجب بأداء ممثل جماعة الإخوان في لجنة تعديل الدستور صبحي صالح، وأنه يمكن من خلاله فتح مجال للتعاون مع الجماعة لضمان الاستقرار قبل اقتراب الانتخابات".

في تلك الفترة، كان صالح لعب دورًا هامًا في لجنة تعديل الدستور التي ترأسها المستشار طارق البشري، والتي وضعت تعديلات على دستور 1971 للعمل به خلال الفترة الانتقالية، وكان صالح رافضًا بشدة لمقترح بأن يصبح وزير الدفاع مدنيًا، كما كان له تصريح شهير عقب وضع الدستور قال فيه إن "القوات المسلحة احتضنت الثورة منذ بدايتها والآن تحتضن دستور مصر".

لكن في الوقت نفسه، بحسب الإيميل، أصدر طنطاوي تعليماته لقادة المخابرات العسكرية بمراقبة أنشطة صالح وعدد من شخصيات الإخوان المسلمين الأكثر محافظة، خاصة المرشد محمد بديع، وذلك بسبب تخوّف المجلس من أن يتعاون الإخوان مع الجماعات الإسلامية الأكثر عنفًا.

في الإيميل ورد أيضًا أن "المخابرات العسكرية تدرك حقيقة وجود هذه الاتصالات، إلا أنها تعتقد أن الإخوان المسلمين، وتحت تأثير صالح والمعتدلين الآخرين، تسيطر بعناية على اتصالاتها مع هذه الجماعات الإرهابية منعًا ﻷي تحرك ضدهم من جانب الجيش".

استعداد للحكم

ذكرت مصادر في إيميل تلقته كلينتون بتاريخ 22 يناير 2012، أن "لقاءات سرية للغاية انعقدت بين بديع وقادة الحرية والعدالة لبحث كيفية تثبيت أقدامهم بعد فوزهم في الجولة الأولى من انتخابات مجلس النواب بنسبة جيدة من المقاعد، وأنهم يبحثون كيفية تحقيق التوازن بين السلفيين والليبراليين، بينما كانوا في الوقت نفسه على اتصال وثيق بالمجلس العسكري لطمأنته بأنه سيتم حماية الجيش في ظل الحكومة الإسلامية الجديدة".

بعد شهور من انعقاد هذه اللقاءات، قضت المحكمة الدستورية بحل مجلس الشعب. وعلى الرغم من قرار سابق من مرسي بوقف قرار الحل، قضت المحكمة بتنفيذ حكمها القاضي ببطلان قانون انتخابات مجلس الشعب؛ وبالتالي حل المجلس واعتباره غير قائم بموجب القانون.

كشف هذه الإيميل بعض النقاط، منها أن "رئيس حزب الوفد السيد البدوي، في تلك الفترة، كان على اتصال بمرسي والكتاتني من أجل تحقيق بعض المكاسب لحزبه. وأنه عندما علم بديع ومرسي والكتاتني أن محمد البرادعي انسحب كمرشح رئاسي، قال الكتاتني إن البرادعي أدرك أن الدستور الجديد سيُصاغ الآن بطريقة تجعل بقاء السلطة الحقيقية في البرلمان".

ووفقًا لتعليق مصدر "توقع قادة الحرية والعدالة فوز عمرو موسى في الانتخابات الرئاسية؛ وهو ما رآه بديع لا يُمثّل مشكلة وقد يخدم غرضهم، لأنه سيطمئن طنطاوي الذي تربطه علاقة جيدة بموسى، والذي يعتقد قادة الجماعة أنه سيكون راضيًا عن دوره الشكلي كرئيس ولن يتحدى سلطة الإخوان المسلمين وبرلمانهم، على العكس من البرادعي الذي كان لديهم قلق من أنه سيكون رئيسًا للدولة والحكومة؛ ما سيمثل مشكلة للجماعة".

قبل إيميل يناير بشهر واحد، وفي 16 ديسمبر 2011، تسلمت هيلاري رسالة من سيدني بلومنتال نقل فيها عن "مصدر على اطلاع بشؤون الإخوان" أن "المرشد وأقرب مستشاريه يطورون خططًا لإدارة الشؤون الأمنية المصرية بعد وضع دستور وتشكيل حكومة جديدين، وأن بديع على قناعة بأن مصر الجديدة ستكون إسلامية، قائمة على النموذج التركي، حيث تقيم الحكومة والجيش علاقة عمل وفقًا للمبادئ الإسلامية".

وأورد الإيميل رأي المصادر حول النظام المتوقع في مصر، إذ رأوا أن "حزبي الحرية والعدالة والنور السلفي سيتوصلان إلى تفاهم يسمح لهما بتأسيس نظام إسلامي"، لكن في الوقت نفسه "يدرك بديع أنه يجب أن يتقدم بوتيرة معقولة وأن يتجنب إثارة قلق الرتب العليا في الجيش تحت إشراف المجلس الأعلى أو الحكومات الغربية المعنية".

سنة الجماعة

في إيميل من سيدني بلومنتال لهيلاري بتاريخ 14 أغسطس 2012، دار الحديث حول موقف مكتب الإرشاد من مرسي، إذ قال مصدر إن "بديع قال لكبار مستشاريه إنه ومكتب الإرشاد استهانوا بمرسي، وباﻷخص طموحه الشخصي. وفي مناقشاته مع الكتاتني قال بديع إنه من الواضح أن المشير طنطاوي والمجلس العسكري ارتكبا الخطأ نفسه".

ونقل الإيميل عن مصدر أن بديع والكتاتني "عقدا عدة اجتماعات ساخنة مع مرسي بين أواخر يونيو وأوائل يوليو 2012، بعد أن أدركوا أنه أجرى اتصالاً سريًا مع المجلس العسكري ليحل محل سلسلة محادثات جرت بين موظفي بديع ومستشاري طنطاوي خلال العامين الماضيين، وأنهما كانا مستائين بشكل خاص عندما علموا أن مرسي كان يتبنى جوانب معينة من الخطة الدستورية للجيش، لاسيما تنصيب الرئيس كرئيس للدولة وللحكومة".

وبحسب المصادر "قرر بديع في أواخر يوليو أن يسمح لمرسي بأن يكون مهيمنًا، وفي المقابل وعد مرسي باستشارته في جميع القرارات السياسية المهمة".

لكن المصدر "اعتقد أنه وعد لم يقتنع بديع بأن مرسي سينفذه، لاسيما وأنه كان يرى أن مرسي عزز قبضته على السلطة بفضل قدرته على التعامل مع القادة والدبلوماسيين الأجانب، لكنه المرشد ذكر في جلسات خاصة أن مرسي سيواجه أوقاتًا صعبة في الحفاظ على هيكل سياسي حاكم، وأن مجلس الإرشاد سيراقب بعناية أي بوادر تعثر من جانبه".

رئيس وعسكر

في ذلك الإيميل نفسه، كان هناك حديث عن قادة عسكريين هم طنطاوي وعنان والسيسي والعصّار. ففي تعليق من مصدر على صلة بالجماعة، فإن "السيسي طالب في مقابل دعم مرسي أن يؤكد اﻷخير أن الجيش وقادته سيحتفظون بمكانتهم الخاصة والمتميزة في الدولة. وكذلك قال لمرسي إنه والعصّار تربطهما علاقات ممتازة وسرية مع نظرائهما الإسرائيليين، وسيواصلان العمل معهما. وهي العلاقات التي رجح المصدر أن مرسي سيستغلها للحفاظ على علاقات إيجابية مع واشنطن وتل أبيب".

 

عن العلاقات الإيجابية مع إسرائيل والولايات المتحدة- صورة ضوئية من إيميل هيلاري

وفقًا للإيميل "قدم مرسي وعدًا بحماية طنطاوي ونائبه سامي عنان وكبار الضباط الآخرين من الملاحقة القضائية بتهمة الفساد أو الإجراءات المتخذة ضد المتظاهرين خلال ثورة 2012، بل وأنه سيستمر في اللجوء إليهما كمستشارين"، لكن المصدر سالف الذكر "اعتقد أنه لم يتم إخطار طنطاوي وعنان مسبقًا بشأن التقاعد القسري. ولاحظ أن طنطاوي والمجلس العسكري ليس لديهم مصلحة في حكم البلاد، بل يريدون فقط حماية أنفسهم من المصير الذي عانى منه مبارك بعد استقالته وحبسه بتهمة الفساد والقتل، وأنه بمجرد أن طمأنهما السيسي على هذه النقطة؛ تجاوبا".

قال المصدر أيضًا إن "مرسي كان ينظر إلى المخابرات العامة على أنها تهديد محتمل لنظامه، ويخشى أن تعمل على تقويض سلطته، بينما ينظر للمخابرات العسكرية باعتبارها جهاز الأمن المهيمن في مصر، لا سيما أن قائدها السابق اللواء عبد الفتاح السيسي هو الآن وزير الدفاع والشخصية المهيمنة في الأمن القومي".

صار السيسي "الشخصية المهيمنة" بعد تعيين مرسي له وزيرًا للدفاع في أغسطس/ آب 2012. وعن هذا المنصب، ذكر مصدر في إيميل 14 أغسطس سالف الذكر أن "اللواء (آنذاك) السيسي أشار لمرسي ومستشاريه أنه مستعد للتدخل ليصبح بديلاً لطنطاوي في وزارة الدفاع".

في تلك الأيام، كان وزير الدفاع الجديد محل ترحيب وحفاوة من الإخوان المسلمين، على مستوى القيادات والقواعد، وانتشر وقتها وصف للوزير الجديد الذي أتي بعد 25 يناير بقرار من رئيس الجمهورية بأنه "وزير دفاع بنكهة الثورة". وذلك في أعقاب قرارات وصفها الإعلام بـ"المفاجئة" من جانب مرسي، والتي تمثلت في إحالة طنطاوي وعنان للتقاعد وتعيينهما مستشارين له، مع منح طنطاوي وسام النيل.

كانت قرارات مرسي بشأن طنطاوي وعنان، بعد أيام قليلة من قراره بإحالة رئيس المخابرات العامة المصرية مراد موافي، ومحافظ شمال سيناء عبد الوهاب مبروك للتقاعد بعد الهجوم الذي شنه مسلحون على مركز لقوات حرس الحدود المصرية في شمال سيناء أسفر عن مقتل 16 جنديا وضابطا.

ضد المجتمع المدني

في تلك الفترة لم يكن المجتمع المدني ومؤسساته بعيدة عن تطورات الأحداث. فبتاريخ 3 مارس/ آذار 2012، تناول إيميل من سوليفان لهيلاري الموقف من قضية منظمات المجتمع المدني والقضية 173 ضدها، والمعروفة إعلاميًا بـ"قضية التمويل الأجنبي"، وفي الإيميل كان الحديث عن "الانشغال اﻷمريكي بهذه القضية التي تثير قلقًا جادًا ومستمرًا للولايات المتحدة".

وفي إيميل آخر بتاريخ 6 فبراير، أفاد مصدر بأن "المجلس العسكري والإخوان يشعرون بالقلق إزاء التقارير التي تفيد بأن أعضاء منظمات غير حكومية يقومون بتدريب جهات مصرية على الأساليب السياسية التي تستخدمها الأقليات البرلمانية في البلدان الأخرى لتحقيق برامجهم".

أتت تلك الإيميلات بعد ما كان في ديسمبر 2011، من وقائع اقتحام الشرطة مكاتب 17 منظمة غير حكومية، في تحرك لقي انتقادا من الولايات المتحدة التي لمحت إلى أنها قد تعيد النظر في المعونة العسكرية للقاهرة التي تبلغ قيمتها 1.3 مليار دولار سنويا.

قبل ذلك بحوالي شهر، وفي 2 يناير، ورد لهيلاري إيميل عن وقائع اقتحام اﻷمن لـ17 من منظمات المجتمع المدني في 30 ديسمبر 2011، خص بالذكر منها منظمة كونراد إديناور الألمانية، والمقربة من الحزب الديمقراطي المسيحي الذي تقوده المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل.

في الإيميل، أشار مصدر موثوق إلى أن "مسؤول ألماني كشف في محادثة خاصة أن رد الفعل في برلين كان شديدًا بشكل خاص لأن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تهتم شخصيًا بالأمر، وأن الاحتجاجات من الولايات المتحدة ودول غربية أخرى كانت مباشرة وقوية كما هو متوقع، لكنها لا تقارن بمستوى الاستياء الذي عبّر عنه المسؤولون الألمان، والتي كانت من الحدّة بدرجة مثّلت مفاجأة للمجلس العسكري".