نظمت الحركة المدنية، والجبهة الشعبية للعدالة الاجتماعية التي دشنتها أحزاب يسارية في أغسطس/آب 2024، في مقر حزب الكرامة، مساء أمس السبت، احتفالًا بذكرى عيد النصر، ومؤتمرًا لدعم "فلسطين وفنزويلا ضد الهيمنة والعدوان الأمريكي"، شهدت انتقاد لما شهدته الانتخابات البرلمانية من انتهاكات، وإدانة لصفقة الغاز بين مصر وإسرائيل.
افتُتح المؤتمر بعرض الفيلم الوثائقي "حكاية من زمن جميل" وهو فيلم إنتاج 1997 للمخرج سعيد شيمي، ويتناول سيرة الفدائي محمد مهران، أحد رموز المقاومة الشعبية خلال العدوان الثلاثي على مصر عام 1956.
ويستعرض الفيلم واقعة أسر مهران ونقله إلى قبرص على يد القوات البريطانية، في محاولة لنقل قرنيته إلى ضابط بريطاني، إلى جانب زيارة الرئيس جمال عبد الناصر له.
وتناول عدد من المتحدثين خلال المؤتمر دلالات استحضار تجربة المقاومة المصرية في سياق التضامن مع القضايا الراهنة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية والأوضاع في فنزويلا، في ظل ما وصفوه باستمرار سياسات الهيمنة الأمريكية.
وفي كلمته، قال وزير العمل الأسبق والقيادي العمالي كمال أبو عيطة إن مصر لم تُهزم في حرب 1956، معتبرًا أن ما جرى كان مواجهة غير متكافئة خاضتها مصر ضد أربعة دول وليس ثلاثة كما يشاع، وهي بريطانيا وفرنسا وإسرائيل وأمريكا.
ووجه سؤاله لمن يقول إن مصر هُزمت في العدوان الثلاثي "هل نجحوا في تغيير النظام أو إسقاط عبد الناصر أو حتى السيطرة على قناة السويس؟".
وربط أبو عيطة بين التحركات الأمريكية ضد فنزويلا وسياساتها السابقة في غزة والعراق، معتبرًا أن الذرائع المستخدمة تتغير بينما الهدف واحد، وهو السيطرة، قائلًا إن أسلحة الدمار الشامل في العراق تشبه اليوم ملف المخدرات في فنزويلا.
ونهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ألمح ترامب إلى أن الولايات المتحدة ستبدأ قريبًا عمليات برية لـ"مواجهة شبكات تهريب المخدرات في فنزويلا"، متهمًا الرئيس الفنزويلي، دون أدلّة، بالضلوع في ذلك، أعقب ذلك احتجاز واشنطن ناقلتي نفط قبالة سواحل فنزويلا.
وأضاف أبو عيطة أن الأجيال الحالية في غزة لن تقبل بحلول انهزامية، معتبرًا أن أمريكا وقادتها سيخرجون مهزومين كما حدث في فيتنام، مشيدًا بتوزيع فنزويلا السلاح على المواطنين للدفاع عن وطنهم.
وفي سياق آخر، انتقد أبو عيطة اتفاق استيراد الغاز بين مصر وإسرائيل، الذي تقدر قيمته بنحو 35 مليار دولار، معتبرًا أن إسرائيل "شر مطلق" ولا ينبغي التعامل معها اقتصاديًا، مؤكدًا أن مصر كان بإمكانها الحصول على الغاز من دول أخرى، معتبرًا أن "خسائر الاستسلام أكبر من خسائر الحروب".
أبو عيطة ليس الوحيد الذي انتقد الاتفاق، سبقته المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، فرانشيسكا ألبانيزي، التي قالت إن صفقة الغاز "دليل لا يصدق على دعم إسرائيل خلال الإبادة الجماعية للفلسطينيين".
وفي كلمتها، قالت الإعلامية الفلسطينية سراب عوض إن ما تتعرض له فنزويلا يتشابه إلى حد كبير مع ما يحدث في فلسطين، معتبرة أن الطرفان يواجهان أنماطًا مختلفة من الهيمنة، وإن كانت تأخذ في الحالة الفنزويلية شكلًا "ناعمًا" مقارنة بما يجري في فلسطين.
وأضافت أن الشعوب الواقعة تحت الهيمنة "لا تملك ترف الاختيار"، مؤكدة أن الحرية لم تعد خيارًا سياسيًا بقدر ما أصبحت شرطًا للبقاء.
أما رئيس مجلس إدارة جريدة الكرامة حامد جبر، فقال إن مصر شهدت تراجعًا في التعبير الفني والسياسي بعد رحيل عبد الناصر، مشيرًا إلى أن هذا التراجع انعكس على الأغاني الوطنية.
وخلال المؤتمر، أشار ممثل القيادة المشتركة بالتيار الناصري أحمد حسين إلى حالة إحباط متعمدة يتم تصديرها إلى المجتمع، وقال إن أحد تجلياته كان العزوف الواسع عن الانتخابات البرلمانية.
وقال إن بيان الرئيس عبد الفتاح السيسي بشأن تصحيح ما حدث في الجولة الأولى من انتخابات مجلس النواب، كان مفترضًا أن يكون لرفض قانون الانتخابات ونظام القوائم باعتباره لا يتيح تمثيلًا حقيقيًا.
وشهدت الانتخابات البرلمانية في مرحلتيها الأولى والثانية، بالإضافة إلى عزوف المواطنين، انتهاكات عدة أبرزها شراء الأصوات والحشود المصطنعة، ونهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، دعا مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف إلى إقالة المجلس التنفيذي للهيئة الوطنية للانتخابات بالكامل واستقالة مجلس إدارتها، بعد ثبوت "العجز المؤسسي" في إدارة انتخابات مجلس النواب، نتيجة بطلان وإلغاء الانتخابات في 68.5% من دوائر المرحلة الأولى للانتخابات بسبب أخطاء الفرز أو خروقات العملية الانتخابية.