
ماذا يعني أن تكون شاعرًا في زمن الحرب؟
هنا غزة| نصوص أدبية كُتبت تحت القصف الإسرائيلي
ماذا يعني أن تكون شاعرًا في زمن الحرب؟
هذا يعني أن تعتذرْ،
أن تكثرَ من الاعتذارِ،
للأشجارِ المحترقةِ،
للعصافيرِ التي بلا أعشاشٍ،
للبيوتِ المسحوقةِ،
لشقوقٍ طويلةٍ في خاصرةِ الشوارعِ،
للأطفالِ الشاحبينَ قبلَ الموتِ وبعدَهُ،
ولوجهِ كلّ أمٍ حزينةٍ،
أو مقتولةٍ!
ماذا يعني أن تكونَ آمنًا في زمنِ الحربِ؟
يعني أن تخجلَ،
من ابتسامتِكَ،
من دفئِكَ،
من ثيابِكَ النظيفةِ،
من ساعاتِ مَلَلِكَ،
من تثاؤبِكَ،
من فنجانِ قهوتِكَ،
من نومِكَ المستقرْ،
من أحبائِكَ الأحياءْ،
من شبعِكَ،
من الماءِ المتاحْ،
من الماءِ النظيفْ،
من قدرتِكَ على الاستحمامْ،
ومن المصادفةِ بأنكَ ما زلتَ حيًا!
يا إلهي،
لا أريدُ أن أكونَ شاعرةً في زمنِ الحربْ.
هند جودة، شاعرة فلسطينية كتبت هذا النص من داخل غزة في 30 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تحت القصف الإسرائيلي.
"هنا غزة" سلسلةٌ من الفيديوهاتِ القصيرةِ بمبادرةٍ من مؤسسة العمل للأمل، بالاشتراكِ مع أفلام سين، بالتعاون مع المنصة ورصيف22، تقدّمُ قراءاتٍ لنصوصٍ صاغَها شعراءُ وكتابُ سردٍ ومسرحيّون تحتَ القصفِ الإسرائيلي، كإشارةٍ تدلُّ على الحياةِ، خلالَ الأسابيعِ التي تلتْ يوم 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023. تؤدّي هذه القراءاتِ شخصياتٌ فنيةٌ وأدبيةٌ وإعلاميةٌ معروفةٌ من المنطَقةِ العربيةِ والعالمِ.
هذه القصة من ملف هنا غزة| نصوص أدبية كُتبت تحت القصف الإسرائيلي
الأم في غزة
الأم في غزة لا تنام... الأم في غزة لا تبكي... الأم في غزة ليست ككل الأمهات.
كيفَ حالُك؟
وضعوني مع زوجي وأبي وأمي وإخوتي وأطفالي أيضًا.
لن أكونَ في هذه العتمةِ وحيدةً
أحلمُ بموتٍ مدوٍّ جدًا
دمروا أكثر، فجّروا أكثر، واحفروا بالموت كلَّ الأرض أكثر، فأرضنا نايٌ كبيرٌ كلما ثقّبته أعطاك لحنًا جديدًا.
كَم أنا قوية
لن يغيّرَ هذا شيئًا من حقيقةِ روحي سوى أنني سأنتقلُ حيث كنتُ أحلمُ دومًا.
أعيش هذه الإبادة بخيالات ثلاثة صغار
ويقول أريد أن أكون شبحًا كي لا تراني الطائرة،
وثانيهم، كان يقول عن صوت قصف الزوارق الحربية
صوت أخطبوط البحر
المجد للحياة.. نكاية في الوحش
ليت رحمي يتسع لهم
أخبئهم
وأعيد ولادتهم
أحلامُنا بسيطةٌ جدًا
أريدُ أن تمشوا في جنازتي.. أن تُلقوا على وجهيَ الزهور.. هذا لأنني أريدُ وجهي.. ولأنني لا أحبُ الانتظار
اليومُ هو البارحة
كنا نخافُ العتمةَ يا الله.. لنجدَ أنفسَنا لا نهار لنا، ولا عتمة. لم يتركوا لنا الوقت يا الله
لم تكن الفتنةُ نائمةً
أولُ القتلى سيحملُ اسمًا ورقمًا.. وربما لونُ حذائه ستذكرُه الطبولُ.. سيكون محظوظًا، مُعَرّفًا بالشهيد.