
كَم أنا قوية
هنا غزة| نصوص أدبية كُتبت تحت القصف الإسرائيلي
كم أنا قوية.
اكتشفتُ ذلك كلما اقتربَ الخطرُ وعلا صوتُ الموتِ حولي.
ماذا لو كنتُ أنا ضحيتَه التالية؟
لن يغيّرَ هذا شيئًا من حقيقةِ روحي سوى أنني سأنتقلُ حيث كنتُ أحلمُ دومًا،
سماءٌ مفتوحةٌ ومدى يتسعُ لفيضِ ما يسكننُي من حبٍ و أغنيات.
سأجوب العالم بخفةِ عصفورٍ وسرعةِ صقرٍ وسأبدلُ ارتفاعاتي صعودًا وهبوطًا، فرحًا وتجريبًا لشعوري الجديدِ بهذه الحريةِ المطلقة.
سأتحررُ من الاحتمالاتِ المنطقيةِ الأرضيةِ التي طالما أرهقتني،
وأرقصُ كنورسٍ هائمٍ في بحرِ خيالِه الممتد،
سأصيرُ لحنًا صاعدًا من أعماقِ الكونِ السحيقةِ نحو جنتِه العالية..
أميرة حمدان، كاتبة قصة قصيرة كتبت هذا النثر من داخل غزة يوم 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، مع بداية القصف الإسرائيلي.
"هنا غزة" سلسلةٌ من الفيديوهاتِ القصيرةِ بمبادرةٍ من مؤسسة العمل للأمل، بالاشتراكِ مع أفلام سين، بالتعاون مع المنصة ورصيف22، تقدّمُ قراءاتٍ لنصوصٍ صاغَها شعراءُ وكتابُ سردٍ ومسرحيّون تحتَ القصفِ الإسرائيلي، كإشارةٍ تدلُّ على الحياةِ، خلالَ الأسابيعِ التي تلتْ يوم 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023. تؤدّي هذه القراءاتِ شخصياتٌ فنيةٌ وأدبيةٌ وإعلاميةٌ معروفةٌ من المنطَقةِ العربيةِ والعالمِ
هذه القصة من ملف هنا غزة| نصوص أدبية كُتبت تحت القصف الإسرائيلي
ماذا يعني أن تكون شاعرًا في زمن الحرب؟
ماذا يعني أن تكون شاعرًا في زمن الحرب؟ ماذا يعني أن تكونَ آمنًا في زمنِ الحربِ؟
الأم في غزة
الأم في غزة لا تنام... الأم في غزة لا تبكي... الأم في غزة ليست ككل الأمهات.
كيفَ حالُك؟
وضعوني مع زوجي وأبي وأمي وإخوتي وأطفالي أيضًا.
لن أكونَ في هذه العتمةِ وحيدةً
أحلمُ بموتٍ مدوٍّ جدًا
دمروا أكثر، فجّروا أكثر، واحفروا بالموت كلَّ الأرض أكثر، فأرضنا نايٌ كبيرٌ كلما ثقّبته أعطاك لحنًا جديدًا.
كَم أنا قوية
لن يغيّرَ هذا شيئًا من حقيقةِ روحي سوى أنني سأنتقلُ حيث كنتُ أحلمُ دومًا.
أعيش هذه الإبادة بخيالات ثلاثة صغار
أولهم، كان يختفي تحت شرشفه.. ويقول أريد أن أكون شبحًا كي لا تراني الطائرة. وثانيهم، كان يقول عن صوت قصف الزوارق الحربية صوت أخطبوط البحر..
المجد للحياة.. نكاية في الوحش
بأظافري أنبش عن أسماء الناجين.. ليت رحمي يتسع لهم.. أخبئهم وأعيد ولادتهم
أحلامُنا بسيطةٌ جدًا
أريدُ أن تمشوا في جنازتي.. أن تُلقوا على وجهيَ الزهور.. هذا لأنني أريدُ وجهي.. ولأنني لا أحبُ الانتظار
اليومُ هو البارحة
كنا نخافُ العتمةَ يا الله.. لنجدَ أنفسَنا لا نهار لنا، ولا عتمة. لم يتركوا لنا الوقت يا الله
لم تكن الفتنةُ نائمةً
أولُ القتلى سيحملُ اسمًا ورقمًا.. وربما لونُ حذائه ستذكرُه الطبولُ.. سيكون محظوظًا، مُعَرّفًا بالشهيد.
يمكنُني أن أكتبَ قصيدةً
يمكنُني أن أكتبَ قصيدةً.. بالخذلانِ المُدوّي.. بالصمتِ العاري.. بالحيادِ اللزج
مَن يعيدُ لنساءِ غزة ضجرَهُنَّ العادي؟!
مَن يعيدُ لحظةَ الاستيقاظِ في الصباحِ العادي.. وكسلَ الصغيرِ الذي يسألُها خمسَ دقائقَ نومٍ أخرى.. ليُكملَ الحُلم؟!
لا سُكّر في المدينة!
أريدُ أن أخبزَ كعكةً ولا سكرَ في المدينة، لا ابتساماتٍ تهطلُ في الوجوه العابرة، لا شرفاتٍ تطلُّ على الأحلام، والنوافذ لم تعدْ إلى أماكنِها منذُ آخرِ الحروب!
غزة مفاجأةُ الله
لا ركبٌ في غزة لتركعَ عليها، لو كان ذلك لفعلَت منذ زمنٍ بعيد. غزة غيومٌ تحلّقُ في السماء، غزة اللعنةُ الأبدية، غزة مفاجأةُ الله، أنْ لا خوفَ عليهم، ولا هم ييأسون.
واو العطف
أسماءُ الشهداءِ كلُها مَصحوبةٌ بواو عطفٍ، استُشِهد فلانْ وأمُه وأبوه وأبناؤه ومربعُه السكنيّ وذاكرتُه وأحلامُه وأيامٌ كانت تنتظرُه.. وهكذا..
اعتادت الحربُ علينا
في غزة نذهبُ للحربِ كأننا ذاهبونَ لنشجّعَ فريقَنا في لعبةِ الكرة، نهتفُ ويشتدُ صُراخُنا كلّما أحرزنا شهيدًا إضافيًا أو هُدِمَ لنا بيتٌ آخرْ. نحن في غزة مصابون بهستيريا الشهادةِ.